حجم النص
تابعت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية يوم 23 أغسطس/آب المستجدات السياسية على الساحة المصرية مبرزة قبول الرئيس محمد مرسي دعوة نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد لحضور قمة عدم الانحياز التي ستنعقد أواخر الشهر الجاري في طهران. وبذلك ستكون الزيارة المرتقبة الأولى لرئيس مصري إلى طهران منذ ثلاثين عاما.
فبعد توقيع السادات لاتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرئيل وقيام الثورة الإسلامية في إيران، ومنح القاهرة للشاه "محمد رضا بهلوي" حق اللجوء إليها، توقفت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. لكن حدة التوتر خفت بعد ذلك لكنها لم تبلغ حد التطبيع الكامل للعلاقات بين القاهرة وطهران.
ترى الصحيفة أن المتغيرات التي شهدتها مصر، بعد الإطاحة بنظام مبارك هي التي مهدت الطريق أمام تحسين العلاقات مع إيران. ذلك أن طهران تعتبر الربيع العربي امتدادا لثورتها الإسلامية. وترى إيران كذلك أن من شأن الثورات العربية أن تزيح الأنظمة العلمانية التي حكمت الدول العربية لعقود من الزمن، وأوصلتها إلى حالة متردية من التخلف والرجعية.
هذا، وسبق لطهران أن رحبت بانتخاب الرئيس محمد مرسي. وتعتبر زيارة مرسي ردا إيجابيا على الدعوة الإيرانية للتقارب مع مصر. ما يعني أن الأمور ستسير في المستقبل باتجاه التطبيع الكامل. وهذا بدوره ينسجم مع أولويات السياسة المصرية الجديدة، التي رسمها مرسي على الصعيد الخارجي. فقد أصبح واضحا أن القيادة المصرية الجديدة، تنوي تحسين العلاقات مع إيران، دون الإضرار بعلاقاتها القوية تقليديا مع دول الخليج العربي. وبعبارة أخرى فإن القاهرة في عهد مرسي، ترغب بالاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع الجميع، وترفض الانخراط في الجبهة المعادية لطهران التي تقودها الرياض. وأصبح واضحا كذلك أن مصر تتجنب الانجرار وراء مشاعر العداء المتنامية بين السنة والشيعة.
يرى الخبراء أن الجيل الحالي من جماعة الإخوان المسلمين، يميل لانتهاج سياسة معتدلة. فالسعوديون الوهابيون،الذين يسعون للتأثير على مجريات الأحداث في العالم العربي، لا يفضلون الاعتماد على جماعة الإخوان المسلمين، بل على السلفيين لأنهم أكثر قربا من المنهج الوهابي.
وبحسب تقديرات الخبراء، فإن مصر توشك على الانتهاء من أزمتها السياسية الداخلية، وتحقيق الوحدة الوطنية، لتتفرغ أكثر لتصويب مسارات سياستها الخارجية.
ويرى أولئك الخبراء أن مصر، الدولة العربية الأكثر تعدادا للسكان، لا تزال تملك فرصة حقيقة لاستعادة دورها الريادي في الشرق الأوسط، بعد أن تراجع لصالح دول الخليج العربي بقيادة السعودية. وما زيارة الرئيس مرسي المرتقبة لإيران إلا واحدة من ثمار التغيرات التي لا تتوقف في منطقة الشرق الأوسط. ومن المتغيرات الأخرى الملحوظه في المنطقة، مواصلة النظام العراقي الجديد العمل على بسط نفوذه في البلاد. علما بأن الشيعة يستحوذون على نصيب الأسد داخل مؤسسات السلطة. ومن أولويات القيادة الحالية في العراق استعادة مكانتها السابقة في سوق النفط العالمية، وتشكيل جيش قوي. ومن الملاحظ أن سياسة العراق الخارجية تتسم أكثر فأكثر بالإستقلالية. الأمر الذي بدوره يؤشر إلى إمكانية عودة الدول الأقليمية الكبرى إلى الساحة، بعد أن خرجت من اللعبة مؤقتا، بسبب إنشغالها في أزماتها السياسية الداخلية.
أقرأ ايضاً
- بغداد تقترب من إطلاق مشروع تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية: هل تنجح؟
- كربلاء تمنح امتيازات إلى الكوادر التي ستشارك في التعداد السكاني
- البنتاغون: تزايد حالات الانتحار بين العسكريين الأمريكيين