عاشوراء هو ذكرى يوم العاشر من محرم الذي حدثت فيه واقعة الطف سنة 61 هجرية والتي استشهد فيها الامام الحسين بن علي واخيه العباس (عليهم السلام) واصحاب الحسين الذين بلغ عددهم 72 شخصاً . وهذا اليوم ذكراه تتجدد في كل عام وعلى مر هذه السنين الطوال , اذ نرى في كل عام يتجدد حب المسلمين للامام الحسين عليه السلام وتقديسهم لدوره في نصرة الدين واعلاء كلمة الحق , مضحياً بأغلى مايملك .وليوم عاشوراء اثر كبير في نفوس المسلمين المحبين لاهل البيت عليهم السلام , فمنذ اليوم الاول من السنة الهجرية بدت آثار عاشوراء وتنوعت مراسيم هذا الشهر الحرام بين رايات سوداء ولافتات سوداء تحمل عبارات حزينة واخرى عبارات تحيي الامام الحسين واخيه العباس واهل بيتهم عليهم السلام في واقعة الطف . وهذا نلاحظه في كل مكان في الشوارع والبيوت والمحال التجارية , كما نلاحظ السواد يعتلي قبتي الامامين الحسين والعباس عليهما السلام دليل على الحزن والاسى لمصابهم .
زيادة الطلب على اللون الاسود في هذا الشهر
كما ان اللون الاسود يتمثل في ملابس عامة الناس حيث نلاحظ المحال التجارية الخاصة ببيع الملابس الجاهزة, جميعها قد ملئت بالملابس السوداء الرجالية والنسائية والولادية وحتى ملابس الاطفال , ويقول (سديد) احد اصحاب محلات بيع الالبسة الجاهزة في شارع اربعين في محافظة بابل الفيحاء ان الطلب على الالبسة السوداء يزداد في هذا الشهر اكثر من باقي شهور السنة حيث تزداد مبيعات هذه الملابس في شهر محرم الحرام ,ويتوقف تقريبا بيع الالبسة الملونة بمختلف انواعها . اما (حيدر) صاحب محل لبيع الاقمشة في قضاء الهندية في محافظة كربلاء المقدسة يقول: نحن نستعد في كل عام لهذا الشهر الحرام , حيث نتسوق الاقمشة ذات اللون الاسود بمختلف انواعها الرجالي والنسائي , وبعضها تستخدم للرايات واللافتات , حيث يكثر الطلب على اللون الاسود في هذا الشهر من كل عام .
النشرات الضوئية والزينة
ومن الظواهر الاخرى المنتشرة في هذا الشهر النشرات الضوئية بمختلف انواعها , حيث نراها بكثرة في الشوارع والبيوت والمحلات التجارية والمواكب الحسينية , حيث تهتم بعض المواكب بعمل التكيات الحسينية وتزينها بالنشرات الضوئية والزينة والرايات السوداء والخضراء وقصائد المدح والرثاء لأهل البيت عليهم السلام , اضافة الى استخدام البخور بمختلف انواعه . ومن جانب اخر نرى مواكب التشبيه بمصيبة اهل البيت عليهم السلام في واقعة الطف , حيث تكثر في المناطق الشعبية وخاصة بين الحرمين الشريفين في كربلاء المقدسة , اضافة الى مجالس العزاء ومواكب اللطم وضرب الاكتاف بالسلاسل الحديدية (الزنجيل) التي تمارسها مختلف الاعمار من محبي اهل البيت عليهم السلام , اضافة الى ضرب الرأس بالسيف (التطبير).
اقامة الولائم وتوزيع الطعام والشراب
الحاج (ابو ياسر) من حي جميلة في بغداد الحبيبة واحد من الكثير من الناس الذين يقومون بأعداد الطعام وتوزيعه على الناس بمناسبة ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام حيث قال : نحن تعودنا في كل عام على اعداد الطعام وتوزيعه على الناس وهناك من يقوم بالذهاب الى كربلاء وطبخ الطعام هناك ليوزعه على الزوار في يوم عاشوراء من اجل الحصول على الاجر والثواب من الله تعالى . اما (ابو فاطمة) من منطقة الكرامة في بابل الفيحاء فيقول : بابل من المحافظات التي اعتادت على خدمة زوار الامام الحسين عليه السلام بأعتبارها منطقة يمر من خلالها اكثر الزوار مشياً على الاقدام قاصدين كربلاء , حيث يقوم الناس بخدمة الزوار من اعداد الطعام واهمها (التمن والقيمة) والشراب وتوفير المبيت للزوار, اضافة الى تقديم الخدمات الطبية من قبل المفارز الطبية وعلى مدى اربع وعشرين ساعة خلال ايام الزيارة . (ام علي) من اهالي الهندية في كربلاء المقدسة تقول ان منطقة الهندية من المناطق المعروفة بخدمة زوار الامام الحسين عليه السلام حيث انها تبعد عن كربلاء 20 كم تقريبا , وترى فيها الكبير والصغير يقدم الخدمة للزائرين من طعام وشراب وفتح منازلهم لمبيت الزوار , اضافة الى المساجد والحسينيات , ومن الجدير بالذكر ان (ام علي) ايضاً تقوم بأعداد الطعام (البرياني) وتوزيعه يوم العاشر على الزوار. يحرص الناس على الحصول على الطعام الذي يقدم في عاشوراء واكل ولو الشيء القليل منه تبركاً فيه .
القوات الامنية والمفارز الطبية
ومن الاستعدادات التي نرها في هذا الشهر وتحديداً في ايام الزيارة , انتشار واسع للقوات الامنية العراقية من جيش وشرطة لتوفير الحماية
اللازمة للزائرين , والمحافظة على اتمام مراسيم الزيارة بشكل يؤمن عدم حدوث اي عمليات عنف او تفجير مثلما حدث في السابق , كما وجدنا المفارز الطبية منتشرة على طول الطرق المؤدية الى كربلاء المقدسة , لتوفير الخدمات الطبية اللازمة للزائرين وتقديم الاسعافات الاولية ونقل الحالات الطارئة من خلال سيارات الاسعاف الى المستشفيات القريبة .
ركضة طويريج
من الظواهر التي يتميز بها اهالي قضاء الهندية في كربلاء المقدسة والتي تسمى ( طويريج) ظاهرة (ركضة طويريج) حيث يقوم الناس بالتجمع يوم عاشوراء في بداية مدخل كربلاء في منطقة قنطرة السلام ويترأسهم احد السادة المعممين , في وقت الظهيرة بعد اتمام صلاة الظهر ويخطب فيهم مذكرا اياهم بمصيبة الامام الحسين عليه السلام في هذا اليوم بعدها يضجون بالبكاء وينادون بأعلى اصواتهم (ياحسين) ويبدأون الركض من منطقة قنطرة السلام متجهين نحو المخيم ثم يدخلون صحن الامام الحسين عليه السلام ومن ثم يتوجهون الى صحن الامام العباس عليه السلام وخلال هذه الفترة يرددون الشعارات والكلمات التي تذكر بمصيبة الحسين واخيه العباس واهل بيتهم عليهم السلام .يذكر ان هذه الظواهر ازدادت انتشاراً في العراق اكثر من ذي قبل وخاصة في السنوات الاخيرة, حيث اصبحت تمارس بشكل اكبر اضافة الى مجالس العزاء واللطم والتشبيه بمصيبة الامام الحسين واهل بيته عليهم السلام .
تحقيق : عهود جمال الصياد
أقرأ ايضاً
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- مكونة من ستين منسفا وصينية.. سفرة طعام طويلة على طريق الزائرين في كربلاء المقدسة (صور)
- مصور محترف يتحدث عن المشهد الفوتوغرافي في عاشوراء :روحية الصورة واحساسها يكون مختلفا(فيديو)