بيّن ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 5 جمادى الآخرة 1433هـ الموافق 27-4-2012 م مهمة الدولة كمؤسسة في الدولة الديمقراطية، مؤكدا على أن يكون لها اذرع في داخل المجتمع وتلبي حاجيات المجتمع من خلال هذه الأذرع، وقال إن ما نعيشه الآن في واقعنا لا يختلف عن بقية الدول من هذه الجهة ولكن يمكن أن نؤشر بعض الأشياء لغرض تقييم الأداء.
وتحدث سماحته عن الموظف سواء كان في أعلى السلم الوظيفي أو كان في أدنى السلم، وأكد إنه عنوان ينطبق على كل شؤون الدولة سواء المدنية منها أو العسكرية أو الأمنية، مشيرا إلى إن عبارة موظف تعني ما تعنيه الانتماء إلى الدولة، ولابد من وجود لياقات خاصة لجميع الموظفين وذلك لان الموظف عادة يمثل جهة الدولة ولذا لا يجوز الاعتداء على الموظف أثناء الوظيفة، ومعنى ذلك انه توجد عنده نحوا من الحصانة لأنه يمارس عمل في وقت مملوك للدولة وبالنتيجة يحتاج هذا الموظف أن تكون هناك مجموعة من اللياقات فيه حتى يتحسن الأداء وهذا أمر بديهي وطبيعي.
وتساءل سماحته هل توجد فعلا ً هذه اللياقات عند بعض الموظفين أم لا ؟!! لعل الكم الكبير من بعض الموظفين يعاني من اللياقات، وتابع إن بعض الموظفين للأسف يفقد ابسط اللياقات في تعامله مع الآخرين سواء كان في طريقة كلامه أو أسلوبه، وبعض الموظفين لا يكلف نفسه بان يرفع رأسه وينظر إلى من يتكلم وإنما يكتفي بالجواب - إن أجاب - ولكن بطريقة فيها نحو من الاستعلاء.
ولفت سماحته إلى جهاز الدولة وقال إنه قد يكون غافلا عن الاهتمام بهذه المسألة في علاقة الموظف بالمواطن، مضيفا إلى إنه علاوة على وجود جهات رقابية ولكن قد يغفل عن تشخيص درجة تقييم الموظف في مسألة اللياقة الأدبية عند التعامل مع المُراجع، مشيرا إلى إن بعض الموظفين يشعر بالانهزام النفسي، ولا يمكن أن يفكر في لحظة من اللحظات بتطوير نفسه إطلاقا، ومع هذا يبدأ هذا الموظف بالشكوى ويقول الوزارة التي انتمي لها لا تحترم العمل والجهد والوقت وهي لا ترغب بتطويري، ويتذرع بأنه يعرض مجموعة من المشاريع والآراء ولكن تجد طريقها إلى سلة الإهمال، وبالنتيجة ولّد عندي أنا كموظف حالة من الإحباط وانعكست عليَّ سلوكاً وأفكارا وإهمالا ً واضحاً وتأثر بها المراجع الكريم.
وعقب سماحته على ذلك بقوله: نحن بهذه الطريقة لا نستطيع أن نبني البلد إطلاقا لأننا نرمي المشاكل على زيد أو عمر، فالموظف الجيد نميل مع عطائه لأنه يتحرك ضمن صلاحياته ويقع تحت طائلة المحاسبة، أما أن أسلب منه الصلاحيات وأرجو منه أن يبذل وهو لا يملك من الأمر شيئاً، هذه الطريقة غير صحيحة.
وأشار سماحة السيد الصافي إن هناك جهدا كبيرا تبذله بعض الدرجات الوظيفية الدنيا ولكن الذي يقطف ثمار تلك الجهود الجهات العليا دون أن يذكر احد هذا الموظف المسكين! ومع كل هذا الجهد يُغفل لأنه ليس لديه حزب أو ليس له احد أو ليس له كيان وليس وليس .. ولكنه موظف ناجح بكل المقاييس.
وطالب سماحته الالتفات إلى الموظفين الجيدين والنزيهين والذين يمتلكون خبرات كثيرة وبإمكانهم تطوير البلد، وقال: هناك الكثير من دورات الخارج الغرض منها الذهاب إلى الخارج فقط، وعندنا من الطاقات ما يمكن أن تلبي احتياجات البلد أكثر من تلك الدورات، فالاهتمام بتلك الشريحة من الموظفين والاستماع لهم خصوصاً أولئك الذين يعرفون الثعابين والحيتان في اغلب الدوائر الحكومية يمكن أن يشخص المشكلة بشكل دقيق، ويمكن تلمسها لاسيما من يمتلك منا أذن واعية!!
وعن مسالة التعليم، تحدث سماحة السيد عن الطالب في المراحل الابتدائية والمتوسطة، وقال إن هذا الطالب لعله لا يستطيع أن يشخّص مصلحته وإنما يميل إلى اللعب وترك الدرس، وحصر مسؤولية المتابعة بالدرجة الأساس في الأسرة وطالبها بتحريض أبنائها باحترام المعلم، فإن بعض المعلمين الذي يتمتعون بصفات جيدة يشكون من سوء أدب بعض التلاميذ في المتوسطة عندما يريد المدرس أن يحاسب مثلا من عنده جهاز موبايل فيه أشياء لا تتناسب لا مع الآداب ولا مع الجانب العلمي ولا مع عمر التلميذ، عندما يريد هذا المدرس أن يحاسب، أول من يدافع عن خطأ الطالب هي أسرة الطالب!! وترى الأب يأتي بطريقة وكأن هذا الطالب يجب أن لا يحاسب، فالحق هنا مع المدرس والإدارة وليس مع الأب والطالب، ويمكن اللجوء إلى تهديد الطالب بالفصل إذا أساء إلى المعلم والمدرس لاسيما في تلك الموارد.
ودعا سماحته الإبقاء على حالة الهيبة للمدرسة والمعلم والمدرس وحثّ الأسر أن تتولى تعليم أبنائهم واحترام المدرسة والمعلم والإدارة وترغيبهم بضرورة المواصلة مع الأستاذ ومغبة الانجرار إزاء توافه الأمور، معللا إنه ليس هناك ذريعة للأب أن يبعد أبنائه عن المدرسة مهما كانت الأسباب والظروف لأن هذا الابن فيه مستقبل الأسرة والبلد على حد سواء، وأمل سماحته من العوائل المتعففة أن لا تكون الأمور المادية عائقا أمام ذهاب أبنائهم إلى التعليم.
وفي جانب آخر بيّن سماحة السيد الصافي عما يدور عن اتفاقية اربيل، قائلا إن جهة سياسية تقول حققنا جميع اتفاقيات اربيل وجهة سياسية أخرى تقول لم تتحقق اتفاقيات اربيل .. وتساءل عن اتفاقية اربيل؟! وقال: لا نعلم بها ! لم تنشر في الصحف ولم يظهر احد من المسؤولين كناطق رسمي باتفاقية اربيل ! لماذا لا تظهر اتفاقية اربيل بشكل واضح لأنها حاولت أن تُخرج البلد من أزمة قبل ثلاث سنوات أو اقل واستطاعت الاتفاقية بنحو ما أن تخرج البلد من الأزمة وتشكلت الحكومة !
وبمقتضى الأمانة والشفافية طالب سماحته أن تظهر اتفاقية اربيل أمام الملأ حتى نرى هل إنها كانت خلاف الدستور أم كانت مع الدستور، فإذا كانت خلاف الدستور فهذا طبعاً شيء غير صحيح فالكيانات السياسية يفترض إنها هي من يطبق الدستور، وإذا كانت اتفاقيات دستورية حتى يعرف الناس من الذي طبق ومن الذي لم يطبق من الاتفاقية، أما أن تبقى هذه المسألة فيها ضبابية .. اعتقد إن هذه المسألة غير صحيحة بل أصبح فيها كيل من الاتهامات ولكن دون جدوى.
وفي الختام أكد إن العراق الآن يحتاج إلى لملمة جميع الجهود فأي اتفاق يتوافق عليه الجميع أهلا ً وسهلا ً .. وهذا الاتفاق عندما تطلع عليه الناس ممكن أن تميز بين من يعرقل ومن لا يعرقل، معتقدا إن مشافهة ومطالعة الناس ببعض الاتفاقات ليس فيه شيء مخل وليس فيه شيء قادح بل بالعكس الناس عندما تطلع سوف تكون الأمور أفضل وأحسن حتى تميز بين من يخالف الدستور وبين من يوافق الدستور وبين من ينفذ الاتفاقية ومن لم ينفذها.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- لماذا يُعتقل العراقيون في السعودية؟ وما إجراءات الحكومة لإطلاق سراحهم؟
- الحرس الثوري الإيراني: سنستخدم عنصر المفاجأة في عملياتنا ضد الصهاينة
- رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة تعزيز آليات التواصل مع رئاسة مجلس النواب (فيديو)