ورثت الحكومة العراقية التي شكلت بعد النظام البائد تركة ثقيلة اقتصادية واجتماعية وتدمير كامل البنى التحتية وكان اشدها تاثيرا ، المديونية الكبيرة وعلى وجه الخصوص الخارجية منها حيث قدرت بين 130ـ 140 مليار دولار شكلت مابين 500 ـ 600% من الناتج الاجمالي ونحو 700ـ 800 من موارده في ذلك الوقت .
وكان لابد من التعامل مع هذه المديونية وتحديد مصيرها فاستمرار بقائها سيؤدي الى عدم استعادة الاقتصاد العراقي عافيته بوجود هذا الطوق الخانق فضلا عن عدم تشجيع تدفق رؤوس الاموال الاجنبية .
فاتخذ المسؤولون العراقيون وبتشجيع من الاقتصاديين والمثقفين العراقيين قرارا\" بالتعامل الواقعي مع هذه الديون وبالرغم من انه كان سائدا\" في الشارع العراقي واوساط بعض الاقتصاديين والمثقفين بعدم التعامل مع هذه الديون لانها منحت للنظام السابق لتمويل الفتنة الحربية لأشعال الحرب مع دول الجوار ولم تستخدم لاغراض البناء والتنمية لتحقيق الرفاهية للشعب العراقي بل استخدمت لتدمير البنى التحتية والاقتصاد ، اذ وجد المسؤولون بان استخدام هذه الدفوع لن يجدي نفعا\" لان القانون الدولي لم ولن يعترف بديون بذيئة وان الحكومات المتعاقبة مسؤولة قانونا\" عن تصرفات الحكومات التي سبقتها وهناك تجارب كثيرة سبقتنا في هذا المضمار . ... عن موضوع الديون التي ورثتها الحكومات المتعاقبة لنظام صدام حسين تحدث الدكتور عزيز جعفر كبير مستشاري وزير المالية لـ( النور) شارحاً تفاصيل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية منذ عام 2004 مع الدول الدائنة، فتحدث قائلاً :
- كان لابد من التعامل مع هذه الديون على نحو ايجابي وسلوك طريق المفاوضات مع الدائنين للحصول على نفس المكاسب واطفاء الغالبية العظمى من هذه المديونية كما فعلت دول اخرى مستثمرين انذاك تعاطف المجتمع الدولي بأسره لدعم العراق وكانت جولة وزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر في مختلف الدول لكسب الدعم في تخفيض مديونية العراق ومقررات مؤتمر الدول المانحة الذي انعقد في مدريد في تشرين الاول عام 2003 والذي حقق للعراق نصرا\" معنويا\" وماديا\" بعد ان اجمعت وتوحدت جميع دول العالم لنصرة ودعم العراق .
لقد اتخذ العراق خطوات مهمة واساسية في اتجاه تسوية المديونية منذ الاشهر الاولى بعد الاطاحة بالنظام السابق من ابرزها تعزيز علاقات العراق مع المؤسسات المالية الدولية ولاسيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي قطعت لمدة طويلة حيث تم اقامة علاقات بناءة وايجابية واستمر العراق على هذا النهج بثبات .
واختيار شركة المحاسبة العالمية ارنست اند يونك في شهر مايس عام 2004 من بين ثلاث عشرة شركة محاسبة عالمية تقدمت لأغراض تدقيق ومطابقة بيانات المديونية الخارجية والمستندات الموثقة لها بالتعاون والتنسيق مع الخبراء المصرفيين والماليين العراقيين للتثبت عن حجم وشرعية هذه المديونية قبل البدء بالتفاوض , كما تم اختيار شركة المحاماة العالمية ( كليري كوتلب شفين ( وهاملتون ) وعلى رأسها المحامي الشهير (لي بوخايت) في تموز عام 2004 من بين ثلاث عشرة شركة محاماة عالمية لتكون المستشار القانوني للحكومة العراقية لأنجاح المفاوضات مع الدائنين كما فعلت جميع الدول التي سلكت هذا الاتجاه ومنها روسيا ويوغسلافيا وغيرها من الدول .
هل بامكانكم تحديد الجهات الدائنة للعراق وكيف تعاملتم معها ؟
المستشار: تم تقسيم الدائنين للعراق الى اربع مجموعات متجانسة من اجل سهولة التفاوض مع كل مجموعة وهم دول نادي باريس الدائنة وتمثل 18 دولة قدرت مديونيتها انذاك بين 45 ـ 50 مليار دولار ، والدول الدائنة من غير اعضاء نادي باريس حيث قدرت مديونيتها بما يزيد عن 20 مليار دولار . و دول الخليج الدائنة وهي كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة . حيث قدرت مطالباتها بين 30ـ40 مليار دولار . فضلا عن الدائنين التجاريين والتي قدرت مطالباتهم بحدود 20 مليار دولار .
و قاد الفريق المفاوض لتسوية ديون العراق الخارجية عادل عبد المهدي وزير المالية الاسبق ونائب رئيس جمهورية العراق\" حاليا\" وعضوية كل من د. سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي العراقي ود. عزيز جعفر حسن من وزارة المالية ود. احمد بريهي ود. مظهر محمد صالح من البنك المركزي العراقي وعدد من المختصين .
وقرر الوفد المفاوض انذاك التركيز بالمرحلة الاولى على التعامل مع مديونية دول نادي باريس لعدة اسباب اهمها سهولة التعامل مع هذه الدول كمجموعة واحدة من خلال سكرتارية نادي باريس ( ويتكون نادي باريس من مجموعة غير رسمية من الدول وعددها 18 دولة ولا يملك النادي أي قوانين تشريعية مما منح الدول المرونة الكافية للتعامل مع المواقف الخاصة لكل دولة مدينة تبعا\" لخصوصيتها , الا ان هذه الدول وضعت لنفسها قواعد ومبادئ عمل لتامين تنفيذ أي اتفاق تتوصل اليه مع الدول المدينة وتتخذ قرارتها عادة بالاجماع ومقر النادي هو مدينة باريس الفرنسية .
: يقال ان هناك متطلبات اقتصادية او التزامات كان لابد للعراق الايفاء بها لدى تعامله مع نادي باريس ، فما نوع هذه الالتزامات؟
المستشار: أي اتفاق يتم ابرامه مع النادي يشكل مقياساً للتعامل مع الدائنين الاخرين طبقاً لشروط المعاملة المماثلة ( Comparibilty Treatment ) التي يتضمنها اتفاق نادي باريس ( والتي تقضي عدم اعطاء أي دائن اخر دولة او قطاع خاص معاملة افضلية مما تعطى لدول نادي باريس ) ، وللدخول في مفاوضات مع نادي باريس لابد للدولة المدينة تحقيق المتطلبات الاساسية كاجراء مطابقة مطالبات دول نادي باريس الدائنة مع سجلات الدول المدينة ولذلك طلب الوفد المفاوض من شركة ارنست اند يونك التركيز بالمرحلة الاولى على مطابقة مطالبات هذه الدول على العراق مع ما ثبت في سجلات العراق وطلبت لتحقيق ذلك جميع البيانات والمستندات الموثقة لهذه المطالبات وتمت مطابقاتها مع ما ثبت في سجلات الحكومة العراقية بالتعاون والتنسيق مع الكوادر المالية والمصرفية العراقية وبالتعاون مع المستشار القانوني لأجل حل جميع الاشكالات التي قد تعرقل اجراءات المطابقة . وقد حققت الشركة مطابقة هذه الديون بنسب عالية جداً قبل بدء المفاوضات مع النادي وابلغ بذلك .
ولأجل تحقيق مطابقة سريعة لهذه المطالبات عقد مختصون ماليون ومصرفيون وبحضور ممثلي شركة المحاماة كليري كوتليب وشركة ارنست اند يونك اجتماعات مكثفة وعلى مدى اسبوعين في باريس خلال شهر ايلول 2004 مع المختصين من دول نادي باريس تم مناقشة جميع الملاحظات المتعلقة بالمطالبة التي جمعت خلال الاشهر الاخيرة التي سبقت الاجتماعات وتقديم قوائم بالمستندات الناقصة والتي يتطلب من هذه الدول توفيرها لتحقيق المطابقة .
وعمل الوفد العراقي والمختصون الماليون والمصرفيون العراقيون وعلى رأسهم د. عادل عبد المهدي وزير المالية الاسبق انذك مع خبراء صندوق النقد الدولي وخلال اجتماعات طويلة ومكثفة تم التوصل الى صيغة نهائية لتحليل استدامة المديونية ( Debit sustainability Analysis) (DSA ) التي منحت العراق حق مطالبة دول نادي باريس تخفيض مديونيته بنسب تتراوح بين 90ـ 95% بشكل واضح وبالارقام حتى يمكن للاقتصاد العراقي النهوض واستدامة النمو . قدم خبراء صندوق النقد الدولي تحليل استدامة المديونية الى سكرتارية نادي باريس في شهر ايلول 2004 كونها احد متطلبات الدخول في مفاوضات مع دول نادي باريس يشكل اساسا\" للتفاوض مع النادي .
قدم العراق الى صندوق النقد الدولي رسالة النية ، ما الذي تضمنته هذه الرسالة ؟
المستشار: تضمنت اهم المبادئ الاساسية للاصلاحات الاقتصادية التي ينوي العراق القيام بها انذاك والتي اعدت في ضوء المفاوضات التي قام بها الخبراء العراقيون مع خبراء الصندوق والتي على ضوئها اقر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي اتفاقية المساندة الطارئ ( EPCA (Emergency Post Conflict Asistence والتي تعد هي الاخرى احد متطلبات الدخول في مفاوضات مع دول نادي باريس ( وهذه اول مرة يقبل نادي باريس الدخول في مفاوضات مع دول مدينة على اساس اتفاقية ( EPCA) حيث كان يشترط ان توقع الدولة المدينة مع صندوق النقد الدولي اتفاقية ( EPCA ) و اتفاقية المساندة (SBA ) ( Stand by Arrangement) وهذا التغير اول نصر يحققه العراق في مفاوضاته مع نادي باريس .
واستمر الوفد المفاوض الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في نهاية ايلول 2004 في واشنطن التي حضرها وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية لجميع الدول الاعضاء في المؤسستين الماليتين حيث طلب الاجتماع مع وزراء ومحافظي دول نادي باريس وقد نجح في عقد اجتماعات مع غالبية هذه الدول البالغ عددها 18 دولة طالبا\" دعم هذه الدول في اجتماعات نادي باريس للعراق من اجل حصوله على نسبة التخفيض المطلوبة للديون الخارجية وحصل على وعود من الوزراء ومحافظي البنوك المركزية لهذه الدول بعد ان بذل الوفد المفاوض جهودا مضنية بأقناعهم بعدالة مطاليبه كما قام وفد برئاسة الدكتور سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي العراقي ود.عزيز جعفر وكيل وزارة المالية انذاك ود.احمد ابريهي بريهي المستشار في البنك المركزي العراقي وبصحبة المستشارين والقانونيين وخبراء بنك لازارد بجولة في كل من المانيا وانكلترا وفرنسا في تشرين الاول 2004 تم الاجتماع مع نظرائهم في هذه الدول لكسب تأييد هذه الدول واقناعها بعدالة مطاليب العراق وضرورة حصوله على نسبة التخفيض البالغة95% .
التفاوض مع نادي باريس
في تشرين الثاني 2004 وبعد استكمال جميع متطلبات الذهاب الى نادي باريس قام الوفد المفاوض وبصحبة المستشار القانوني السيد لي ورفاقه وخبراء شركة ارنست ويونك وعدد من الخبراء من الدول الصديقة الدخول في مفاوضات مع سكرتارية نادي باريس وبحضور ممثلين من جميع دول النادي ووفقا\" لاستراتيجية التفاوض اذ بنى العراق استراتيجية في المفاوضات على اسس عدة يقول الدكتور عزيز جعفر عن هذه الاسس قائلاً :
- اول الاسس التي تعامل المجتمع الدولي مع العراق على اساسها ، عد العراق حالا من الحالات الفريدة من نوعها حيث لم يسبق لأي من دول العالم ان دخلت وخلال مدة قصيرة ثلاثة حروب مدمرة وفرض عليها حصار طويل ادى الى تدمير كامل البنى التحتية وتدهور الحال الاقتصادية الى مستويات متدنية جدا وتعطيل صادراته النفطية التي منعته من تحقيق موارد للايفاء بالتزاماته مما أدى ذلك فضلا عن ماتقدم أثقال كاهله بديون كبيرة جدا وتضاعفت الفوائد التاخيرية عليه بشكل غير مبرر فضلا عن تعويضات الحرب التي فرضت عليه بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي مازالت تستنزف موارده التي هو بأمس الحاجة اليها .
وايضاً ان العراق عرض قضيته ليس على اساس انه من الدول الفقيرة بل ان العراق غني بأحتياطياته النفطية والمعدنية الكبيرة ولأجل ان تحول هذه الاحتياطيات الى انتاج فعلي على الارض وتصديرها الى دول العالم يحتاج الى استثمارات كبيرة وعقود من الزمن وهذا لايمكن ان يتحقق مالم يرفع عن كاهل هذا الطوق الخانق ومساهمة الاستثمارات الاجنبية الى جانب موارده لأستثمار الثروات النفطية ودخول العراق السوق النفطية بكامل طاقاته بعد تحريره من هذه الديون مما سيسهم بشكل ايجابي في توفير النفط في الاسواق العالمية وتاثيره في انخفاض اسعار النفط الذي سوف تستفاد منه جميع الدول ولاسيما الدول الصناعية مما سيعوضها عن اية مبالغ ناجمة من تخفيض مديونية العراق لهذه الدول .
ثم ان عملية اعادة اعمار العراق وبناء البنى التحتية تحتاج الى استيراد كميات كبيرة من السلع ولاسيما السلع الرأسمالية التي تنتجها الدول الصناعية فضلا عن انه سيوفر فرصا استثمارية كبيرة لهذه الدول مما يحقق ارباحا\" مباشرة وغير مباشرة تعوضها عن اية مبالغ نتيجة التخفيض لهذه الديون مما سينعكس ذلك على النشاط الاقتصادي في هذه الدول .
واستنادا\" الى نتائج تحليل استدامة المديونية (DSA ) طلب العراق من دول نادي باريس ان يمنح العراق نسبة تخفيض 95% من ديونه لهذه الدول وقد بذل الوفد المفاوض جهودا\" كبيرة للدفاع عن مطاليبه وقد زاد من صعوبة المفاوضات واطالتها هو انقسام دول نادي باريس فهناك دول مثل روسيا والمانيا وفرنسا طالبت ان يمنح العراق تخفيضاً لاتزيد نسبته عن 50% من ديونه لهذه الدول كونه من الدول النفطية ذات الدخل المتوسط ودول اخرى رأت بأنه يمكن منح العراق تخفيضا لايزيد عن 80% وبعض الدول قد ساندت العراق في مطلبه وهناك دول لم تحسم امرها .
كما قدمت عدة مقترحات منها ان يمنح العراق نسبة تخفيض 80% الا ان هذه النسبة تنخفض الى 70% اذا حققت اسعار النفط ارتفاعا\" عما كانت عليه انذاك او يمنح العراق تخفيضا نسبته 70% وترفع هذه النسبة الى 80% اذا انخفضت اسعار النفط باقل من اسعارها السائدة في وقتها .
الا ان اصرار العراق على موقفه وبمساعدة الاصدقاء ومصادفة اجتماعات وزراء الدول الصناعية في المانيا واجتماعات قمة الدول الصناعية في اميركا اللاتينية ساعد كثيرا\" في الاتفاق على منح العراق تخفيض 80% من ديونه من دون شروط وكان اخر الدول من دول نادي باريس التي وافقت على ذلك هي روسيا وبجهود كبيرة من الرئيس بوش في اقناع الرئيس بوتين في اجتماعات القمة المشار اليها اعلاه .
وما كان رد الفعل العراقي ازاء الانقسامات التي شهدها اعضاء نادي باريس من الدول الدائنة؟
المستشار: كان على العراق ان يقرر انذاك في ما اذا يقبل نسبة التخفيض 80% او يؤجل القرار بشأنها الى كانون الاول /2004 او في اوائل عام 2005 وبعد التشاور الذي اجراه رئيس الوفد العراقي د. عادل عبد المهدي مع الوفد والحكومة العراقية انذاك برئاسة د. اياد علاوي تم التوصل الى ان أي تاجيل لن يكون في صالح العراق وربما لايمكن الحصول على نسبة التخفيض هذه فوافق العراق على مذكرة اتفاق ( Agreed Minit ) مع جميع دول نادي باريس البالغ عددها (18) في 21تشرين الثاني 2004 والذي عد اول اتفاق من نوعه يمكن لدولة ان تحصل عليه ولاسيما انها دولة نفطية حيث سبق لدولة يوغسلافيا ان حصلت على نسبة تخفيض 67% وروسيا على50% .
وتضمن الاتفاق على تخفيض نسبة 30% من الدين الكلي عند التوقيع على مذكرة الاتفاق ( Agreed Minit) على ان يكون ذلك من الفوائد المتاخرة وقد تم ذلك فعلا\" .
و تخفيض نسبة 30 % من الدين الكلي عند توقيع العراق مع صندوق النقد الدولي اتفاقية المساندة (SBA ) قبل 31/12/2005 وقد تم ذلك حيث وقع العراق هذه الاتفاقية في كانون الاول /2005 . ، فضلا عن تخفيض نسبة 20% من الدين الكلي عندما يقدم صندوق النقد الدولي قبل 31/12/2008 تقريرا\" يؤيد اكمال العراق انجاز جميع التزاماته الواردة في اتفاقية المساندة (SBA) فضلاً عن منح العراق مدة سماح قدرها ست سنوات تتكون من :
السنوات الثلاث الاولى لايدفع العراق أي مبلغ وانما ترسمل الفوائد خلالها أي تضاف الى المتبقي من الدين الاصلي .. و يدفع العراق خلال الثلاث سنوات التالية ابتداء\" من عام 2008 جزءا\" من الفوائد على الاصل المتبقي من الدين أي ترسمل .
و يسدد العراق الاصل المتبقي من الدين البالغ 20% من الفوائد على 34 قسطا\" نصف سنوي ابتداءً\" من 1/7/2011 . وفرض على العراق تطبيق شروط المعاملة المماثلة ( Capability Treatment ) على جميع الدائنين سواء الدول من غير اعضاء نادي باريس اوالدائنين التجاريين .
بعد تاريخ توقيع الاتفاق مع نادي باريس اعلنت الولايات المتحدة الاميركية مباشرة اطفاء كامل ديونها على العراق البالغة 4 مليارات دولار ووقعت اتفاقية ثنائية معها في واشنطن في كانون الاول / 2004 . وقعها عن الجانب العراقي الدكتور عادل عبد المهدي وزير المالية الاسبق ووقعها عن الجانب الاميركي وزير مالية اميركا جون سنو .
ولتنفيذ اتفاق نادي باريس كان على العراق ان يبدا التفاوض مع جميع الدائنين ( دول نادي باريس والدول من غير اعضاء نادي باريس والدائنين التجاريين ) لتوقيع اتفاقيات ثنائية يتم بموجبها الحصول على تخفيض ديونه لهذه الجهات بنسبة 80% .
وتدارس الفريق المفاوض السبل الكفيلة لانجاح المفاوضات مع الجهات الدائنة فوجد من الضروري كما فعلت الدول التي سبقتنا في هذا المضمار ان يختار العراق مستشارين ماليين فضلا عن المستشار القانوني وشركة المحاسبة العالمية وكان القرار ان يتم اختيار بنك لازارد (Lazard ) باريس وهو من المؤسسات المالية العريقة التي لها خبرات واسعة في موضوع تسوية الديون الخارجية للدول ( Sovrgin Debit ) كما لهذا البنك علاقات واسعة مع سكرتارية ودول نادي باريس وقريب من مركز القرار لذلك وقع الاختيار عليه لقيادة المفاوضات مع دول نادي باريس . واختيار شركة هولي هان لوكي وهي مؤسسة مالية انكليزية يتسم خبراؤها بخبرات واسعة في التفاوض لتسوية الديون الخارجية للدول ولها علاقات واسعة ومنفتحة مع مختلف الدول لذلك تم اختيارها لقيام المفاوضات مع الدول الدائنة من غير اعضاء النادي . ونظرا\" لأنتشار الدائنين التجاريين من مصارف ومقاولين ومجهزين وغيرهم على بقاع العالم فلا بد ان يتم اختيار مؤسسة مالية لهذا الانتشار من اجل سهولة الاتصال بالدائنين التجاريين لذلك تم اختيار كل من مجموعة بنوك ستي كروب وجي بي موركن لهذه المهمة . اما ديون دول الخليج العربي فقد تم ترك التعامل معها الى العراقيين نظراً لخصوصية هذه الديون والعلاقات الثنائية معها .
وكيف تم تنفيذ اتفاق تخفيض الديون الخارجية مع الدول الاعضاء في نادي باريس ؟
المستشار: عند توقيع اتفاقية نادي باريس في 21/ تشرين الثاني / 2004 حصل العراق على تخفيض نسبته 30% من ديونه الخارجية مباشرة بدأ الفريق المفاوض مع المستشارين بالعمل المتواصل والتفاوض مع مختلف الدول والجهات الدائنة من اجل الوصول الى توقيع اتفاقية ثنائية تنفيذا\" لهذا الاتفاق . وفي النصف الثاني من عام / 2005 كان لابد للعراق ان يعمل مع خبراء صندوق النقد الدولي من اجل الوصول الى توقيع اتفاقية المساندة الطارئة ( SBA) قبل نهاية عام 2005 وفعلاً توصل الفريق الى اتفاقية المساندة الطارئة SBA في كانون الاول / 2005 مع صندوق النقد البالغ 30% من اصل التخفيض المتفق عليه البالغ 80% .
وقد اكمل العراق التزاماته بموجب هذه الاتفاقية بالكامل نهاية عام 2007 ونتيجة لهذا النجاح فقد وقع العراق اتفاقية المساندة (SBA ) في كانون الاول / 2007 وبعد ان يكمل العراق التزاماته في كانون الاول 2008 بموجب هذه الاتفاقية سوف يصدر صندوق النقد الدولي تقريره الى نادي باريس من اجل ان يطلق النادي نسبة التخفيض المتبقية البالغة 20% .
وقام العراق ومنذ اليوم الاول بعد توقيع الاتفاق مع نادي باريس بالسعي مع جميع الدول الدائنة الأعضاء في نادي باريس او من غير الأعضاء لعقد اتفاقيات ثنائية لتسوية هذه الديون والسعي مع دائني القطاع الخاص لتسوية هذه الديون وفقاً للاتفاق اعلاه وطبقاً لشرط المعادلة المماثلة (Comparibilty Treatment ) نتيجة لهذه المساعي تحقق للعراق جملة نتائج في هذا المضمار كالتوقيع مع جميع دول نادي باريس البالغ عددها (18) دولة التي بلغت ديونها على العراق 50,8 مليار دولار اتفاقيات ثنائية حصل العراق بموجبها على تخفيض بنسبة 80% من نسبة ديونها على العراق خفضت لتاريخه نسبة 60% منها وباقي نسبة التخفيض 20% سوف يحصل عليها العراق بعد اكمال التزاماته في نهاية كانون الاول /2008 اما الولايات المتحدة التي هي احدى دول النادي فقد خفضت ديونها بنسبة 100% ان اخر دولة من دول نادي باريس تم توقيع الاتفاقية الثنائية معها هي دولة روسيا الاتحادية فقد تم التوقيع على الاتفاقية معها في شباط / 2008 خفضت روسيا ديونها على العراق بنسبة تزيد على 90% .
استنادا\" الى شروط المعادلة المماثلة (Comparibilty Treatment ) التي وردت في اتفاق نادي باريس والذي فرض على العراق عدم اعطاء افضلية الى أي دائن سواء من الدول من غير اعضاء النادي او من دائني القطاع الخاص عما تم اعطاؤه الى دول نادي باريس فقد سعى العراق مع الدول الدائنة من غير اعضاء النادي لغرض تسوية ديونها وفقاً لشروط الاتفاق المذكور.
ووقع العراق اتفاقيات ثنائية مع احدى عشرة دولة خفضت بموجبها ديونها بنسبة 80% والبعض الاخر 100% واخر دولتين تم توقيع اتفاقيات ثنائية معها هي بلغاريا في تشرين الاول /2007 في واشنطن خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية ومع دولة صربيا في كانون الثاني 2008 تم بموجبها تخفيض ديون هاتين الدولتين بما يعادل 10,25 سنت للدولار أي بنسبة تخفيض تقارب 90% تم تسوية مبلغ الشراء لهاتين الدولتين , اما دولة الصين الشعبية ونتيجة لجهود مضنية قام بها وزير المالية باقر الزبيدي للتوقيع معها على مذكرة تفاهم ابدت الصين استعدادها لتخفيض ديونها بنسبة 80% اما النسبة الباقية البالغة 20% فقد تم تسليم دولة الصين الشعبية في بغداد مقترحين لغرض توقيع اتفاقية ثنائية تثبت اطفاء 80% من ديونها والتعامل مع بقية النسبة البالغة 20% ونأمل ان يحصل ذلك مع فرنسا , اما بقية الدول الدائنة من غير اعضاء نادي باريس التي لم يبقى سوى عدد قليل منها فأن العراق مستمر بعقد لقاءات فنية معها بعد ان تم مطابقة مطالباتها على العراق من اجل التوصل الى عقد اتفاقيات ثنائية معها وفقا\" لأتفاق نادي باريس وقد وصلت النقاشات الفنية مع البعض منها الى مراحل متقدمة نأمل ان يتم تسوية ديون جميع هذه الدول قبل نهاية العام الحالي .
وكيف تصرف العراق بشأن دائني القطاع الخاص وديون دول الخليج ؟
المستشار: استنادا\" الى اتفاق نادي باريس اجرت الحكومة العراقية ممثلة بوزارة المالية والبنك المركزي العراقي مفاوضات مع جميع دائني القطاع الخاص التجاري وفقاً لشرط المعاملة المماثلة (Comparibilty Treatment ) فقد تم خلال المدة الماضية شراء ديون عدد من دائني القطاع الخاص التي تقل ديونهم عن 35 مليون دولار بما يعادل 10,25 سنت للدولار فقد تم شراء مايقارب 4,456 مليار دولار أي بتخفيض يقارب 90% . اما الديون التي تزيد عن 35 مليون دولار بكل دائن من دائني القطاع الخاص فقد تم مبادلتها بسندات بقيمة 20% مقابل 100% من الدين وفوائد تسدد بأقساط نصف سنوية على مدى ثمان سنوات ابتداءً\" من (2020 ) ولغاية ( 2028 ) .
اما بقية ديون القطاع الخاص التي لم يجر تسويتها والبالغ نسبتها نحو 4% من مجموع ديون القطاع الخاص بضمنها دائنو فرع مصرف الرافدين في لندن الموضوع تحت التصفية .
فقد تم فتح مشروع جديد لتسويتها يتم بموجبه عرض وشراء ديون هؤلاء الدائنين والذين يسجلون مطالباتهم مع الشركة العالمية ارنست اند يونك الوكيل المحاسبي للحكومة العراقية وبعد ان تم مطابقتها مع واقع السجلات العراقية يتم شراء هذه الديون على وفق المبدأ الذي تم بموجبه شراء ديون القطاع الخاص بالعروض الماضية وهو 10,25 سنت للدولار الواحد ومن المؤمل ان تتم تسويتها قبل نهاية هذا العام .
اما ديون دول الخليج فقد قدمت كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة مطالباتها على العراق وجرت زيارات لعدد من هذه الدول بشأن مطالباتها الا ان هذه المطالبات ستتم تسويتها وفقا\" لأتفاقات سياسية ، واتخذت حكومة الامارات العربية المتحدة قرارا\" جريئا\" خلال زيارة رئيس الوزراء لها مؤخرا\" بأطفاء جميع ديونها على العراق التي قالت بأنها تبلغ (7) مليارات دولار ويامل العراق ان تحذو بقية دول الخليج وبعض الدول العربية التي تدعي وجود ديون لها على العراق حذو الامارات واطفاء ديونها على العراق بنسبة 100% .
/ النور / سارة سعيد
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق