عبدالرحمن اللامي
لقد منّ الله (جلّ جلاله) علينا أن جعل لنا عيداً أسبوعيّاً هو يوم الجمعة وثلاثة أعياد سنوية تعقب المناسك الدينية العظيمة، فعيد الفطر المبارك يأتي بعد عبادة الصوم وعيد الأضحى يأتي بعد أهمّ مناسك الحج الأكبر وعيد الغدير الميمون يأتي بعد التسليم الى الله (تبارك وتعالى) والشكر على إتمام نعمة الإسلام.
والعيد لنا نحن المسلمين يوم لباس وزينة وتجمل، وموسم سرور وفرح وحبور، ولذلك يتسابق الناس في كلّ الأعياد في إطعام الفقراء والتصدّق عليهم فقد قال الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «...وإنما جعل الله الأضحى لتشبع المساكين من اللحم، فأظهروا من فضل ما أنعم الله به عليكم على عيالاتكم وجيرانكم، وأحسنوا جوار نعم الله عليكم...» ولابدّ من إشاعة جوّ البهجة والفرح بين أفراد عوائلنا.
والعيد وسيلة لتواصل الأقارب والأصدقاء والجيران، ومناسبة وجيهة لاجتماع العوائل وتصافي النفوس وإزالة ما علق بها من غبار الدنيا، كما أن العيد فرصة لإسعاد الأطفال الذين لا يحلو عيدٌ بدونهم فهم من أجمل معاني العيد، فتراهم ينتظرونه بلهفة بالغة من أجل التواصل مع أقربائهم ومعارفهم ومن يحبون رؤيتهم ومن أجل الحصول على الهدايا النقدية التي تتوالى عليهم من هنا وهناك على مدار أيام العيد.
وأعمال الخير التي يحثّ عليها ديننا الحنيف في أيام العيد كثيرة لا تحصى، والسعيـد مَن وُفّـق لذلك، والمحروم مَن حُرم هذه الأجور العظيمة والمضاعفات الكبيرة في هذه الأيام المعلومة التي نطق بفضلها القرآن وأهل البيت الأطهار (عليهم السلام)، فما لا يُدرك كله لا يُترك جلّه، فإن فاتنا الحجّ والاعتمار في هذا الشهر الفضيل فلا يفوتنا الخوض فيه بوجوه البرّ والإحسان.
ولكنّ ما يُذهب بحلاوة هذه الأيام المباركة التصرّفات الغريبة التي نراها خصوصاً في أيام الأعياد من قبل بعض الشباب، كتجمّعهم للرقص في الشوارع العامة والغناء الماجن على قرع الطبول والدفوف التي تُخدش الآذان، أو تزمير السيارات بصوت عالٍ بسبب وبدونه، أو رشّ الرغوة البيضاء على المارّة، والتجاوز على الطرقات العامة من قبل الباعة المتجوّلين، والاختناقات المرورية المسببة للحوادث.
لا أدري هل أنّ التعبير بالفرح لا يتمّ إلاّ بالتجاوز على الآخرين ومضايقة الناس في الأماكن والحدائق العامة أيام فرحهم وسرورهم، والنظر الى حُرَمِهم نظر الريبة والافتتان، والتحرّش ببناتهم بكلّ صلف واستهتار.
وهذه الأفعال الخاطئة أدّتْ الى وفاة زوجة أحد جيراننا التي كانت تشكو من الربو، حينما أتتها نوبة اختناق حادّة ولكنّ زوجها المسكين لم يستطع الوصول الى المستشفى بسبب هذه الخروقات والتجاوزات على الشوارع العامة ومجاميع الشباب المهرِّجة في وسط الطريق، فانقلب الفرح علينا ترحاً والعيد مأتماً، حتى الصغار منعناهم من لبس الجديد وإظهار أمارات الفرح، مراعاة لشعورهم.
لقد صَدَقَ مَن قال: «مَن أمِنَ العقوبة أساء الأدب» فلو أنّ دوريّات خاصة من الداخلية أو الجيش أو جهاز الأمن العام تنزل في مثل هذه الأيام وتتعامل مع تلك الأحداث بما يخدم حماية المصالح العامة وتجنب حدوث التجاوزات واحترام مشاعر المواطنين والذوق العام, ومنع هذه الظواهر المخلّة بالأدب، لانحسر الكثير ممّا نرى، ولما توفّيتْ زوجة جاري.