- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من ذاكرةِ الانتفاضة الشعبانية في آذار 1991
في احد الايام العصيبة التي مرت على العراق ومن ارض كربلاء المقدسة بالتحديد وبعد انتهاء وقمع الانتفاضة الشعبانية البطلة دخلت قوات جيش الطاغية الى صحن مرقد الإمام الحسين عليه السلام في ذلك اليوم المشؤوم الذي قال فيه حسين كامل مقولته المشهورة موجها كلامه لقبة الإمام (( انت حسين وانا حسين ولنرى ما الذي تستطيع فعله لي )) وبعد ذلك ضرب القبة المقدسة بالمدفعية واحدث فجوة كبيرة بها دخلت هذه القوات الى الصحن الشريف لتحاصر داخل الصحن والحضرة الحسينية الشريفة عشرات من المؤمنين الذين احتموا داخل الحضرة من الهجوم الهمجي وأمر حسين كامل جنده بإحضار جميع المؤمنين المتواجدين هناك ووقف عند مجموعة عددهم أربعة انا احدهم , لفت انتباهه دعاؤنا وتضرعنا لله وتقربنا له وطلبنا شفاعة الحسين عليه السلام بأصوات عالية فاغتاظ اللعين من ذلك وشهر مسدسه باتجاه اثنين منا بعد ان أوقفهم أمام قبة الحسين عليه السلام وقال لهما هذا حسين وانا حسين فان كنتم معه فسأقتلكم بيدي وان كنتم معي فتبرؤوا منه .فقال احدهم لقد أمرنا الإمام عليه السلام أن نمد الأعناق ولا نتبرأ منه , فالتفت المجرم الى الثاني ليعرف رأيه , ولم يختلف الثاني عن صاحبه, وقال له وانا لا اتبرأ من إمامي ,,, وبكل برود اطلق حسين كامل رصاصتين على رأس كل منهما موديا بحياتيهما .
ثم عاد الينا والتفت لصاحبي الثالث وقال له ,,, وما تقول انت ؟
اجاب صاحبي صارخا بوجه ذلك الكافر ؛ألحقني بمن سبقني فلست احرص منهما على الدنيا ...ولست ممن يخاف الجرابيع .
فبدأ يطلق عليه الرصاص ليودي به صريعا ,,, شهيدا في سبيل الله .
ثم نظر اللعين لي فما تقول انت هل تريد اللحاق بأصحابك ؟
ووجه مسدسه الى رأسي ...وقال ها ما رأيك هل تريد اللحاق بأصحابك ام تترك إمامك الحسين وتأتي الى جانبي ؟ وكنت بحالة مزرية ارتجف خوفا وابكي بكاء عاليا لما شاهدته بأم عيني من جريمة نكراء فقد قتل وبدم بارد وأعصاب هادئة ثلاثة من اعز اصدقائي أمام ناظري بالاضافة الى من اعدم فالتفتُ حولي فلم أجد سوى الموت منتشرا في الصحن الشريف وجنود الطاغية تملأ المكان وتدنس الارض الطاهرة والمنايا تحوم حولي ,,, فلم اقوَ على التحدي ولم استطع فعل او قول شيء سوى البكاء ودفنت وجهي بين راحتي يدي ... نعم لقد ضعفت واستطاع ان يرهبني ويشفي غليله ويرضي كبرياءه السقيم .
فأبقى على حياتي انا واثنان آخران معي واعدم الباقين في داخل الصحن , وكان الوقت قد أمسى وكنت متعبا مرهقا أعاني من أوجاع كثيرة في جسدي نتيجة الضربات التي تلقيناها من جند الطاغية فقد كان يوما طويلا وعصيبا ...استغرقت في نوم عميق وانا جالس في مكاني داخل الصحن فلم يسمح لنا بعد بالتحرك .
وبعد برهة من الزمن سمعت اصواتا بجانبي ففتحت عيني واذا برجل طويل القامة مهيوب يلبس ملابس عربية ويضع على رأسه عمامة خضراء والنور يشع منه لينير الصحن بأكمله ويلتف حوله رجال كثيرون يتنقلون بين الشهداء داخل الصحن , وإذا بهم ينادونه بالحسين عليه السلام !!!
فصرخت مولاي ابا عبد الله الحسين أ رأيت ما فعلوا بنا ؟
التفت الي وهز رأسه وكأنه يقول لي نعم رأيت وسمعت كل شيء .
فوقف مع جماعته عند أصحابي الثلاثة الذين اعدموا أمامي , وأمر بعض الرجال ليغسلوا ويدفنوا الاثنين الذين اعدموا اولا , فقلت له مولاي لماذا أمرت بغسل ودفن هذين الرجلين وتركت الثالث ؟
قال هذان ضحيا بنفسيهما حبا بي لذلك أمرت الملائكة بغسلهما ودفنهما وبعدها سيكونان مع أصحابي في الجنة .
وأردف قائلا ؛ اما هذا فقد رأى أمامه ما أصاب صاحبيه ولم يخف ولم يتردد في التضحية فكان اكثر صبرا فأجره اكبر ومنزلته اعلى لذلك فسوف اغسله بيدي وادفنه بنفسي وغدا يدخل الجنة معي ...
أقرأ ايضاً
- هل طُويَّ ملفُ الانتفاضة ؟!
- الانتفاضة والمرجعية وسلطة الاحزاب اليوم
- الانتفاضة الشعبانية.... رؤيا أدبية