- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
طلبة يؤهلون صفوف مدارسهم . . والوزارة "تؤكد" إكمال الاستعدادات ؟!
عانى النظام التعليمي والتربوي في العراق من سوء استخدام السلطة على مدى عقود، فلم يستطع مواكبة التطور والتقدم العلمي الذي شهده العالم والتعامل مع الثورة المعلوماتية، بسبب الحروب العبثية والإنفاق العسكري، وسياسة القمع والقبضة الحديدية وانعدام الديمقراطية وحقوق الإنسان، مما أدى الى انعزال العراق نتيجة للحصار الاقتصادي والثقافي وحتى الاجتماعي عن العالم لأكثر من عقد، وبعد التغيير الذي حصل عام 2003 كان لابد للحكومات المتعاقبة على حكم البلاد من ان تضع في رأس قائمة اولويات اعمالها تحسين الواقع التعليمي في العراق عموما . . غير انه وبعد اكثر من سبع سنوات على التغيير، وما نشر طوال تلك السنوات عن صرف اموال طائلة على بناء المدارس ومرفقاتها، الا اننا نرى اليوم، وفي كربلاء المقدسة على سبيل المثال، ان بعض المدارس تعيش وضعا مأساويا لما تعانيه من نقص لوجستي وفني يدفع ثمنها ابناؤنا الطلبة وعلى جميع المستويات .
وفي الحقيقة أن مادعاني لكتابة هذه الاسطر هو مشاهدتي لمجموعة من الطلبة وهم منهكون من التعب لقيامهم بصبغ صفوف مدارسهم بأنفسهم (تبرع)، ورغم انها حالة تبعث على السرور من جانب، الا انها تثير الحزن والتشآؤلات من جانب آخر ! . . ولطبيعة الفضول الصحفي الذي يراودني فقد تتبعت هذه الحالة وعرفت من خلال بعض مدراء المدارس والكوادر التعليمية في كربلاء المقدسة ان عددا من مدارس المحافظة قام بعض طلبتها بحملة تبرع خاصة لصبغ مدارسهم وتصليح زجاج الصفوف لقدوم فصل الشتاء، حتى ان بعض المدارس قام طلبتها بشراء مراوح لصفوفهم وقد شملت هذه الحملة الطلابية عددا من الاعداديات منها اعدادية التحرير الصناعية واعدادية كربلاء للبنين وثانوية الروضتين للبنات .
جهود مبذولة ومشكورة من طلبتنا الاعزاء على ما قدموه من جهد استثنائي في سبيل اظهار اماكن دراستهم بالمظهر اللائق الذي عجزت الدولة عن تحقيقه لهم رغم المليارات التي صرفت تحت عناوين شتى منها \" تحسين الواقع التعليمي \" !؟ .
إن ما بادرت به ثلة طموحة من طلبتنا تذكرنا بتصريحات وزارة التربية وبعض مسؤوليها الذين صرحوا قبيل دخولنا بالعام الدراسي الجديد ان الوزارة ومديرياتها قد اكملت (كافة استعداداتها) اللوجستية والفنية للعام الدراسي . وهنا اتساءل اين هي تلك الاستعدادات الكاملة في الوقت الذي يقوم به هولاء الطلبة بهكذا اعمال ومن حسابهم الخاص فمالكم كيف تحكمون ؟ . واتساءل اين تلك الاستعدادات ونحن نلاحظ طلبتنا يعانون من عدم استلامهم لبعض الكتب المنهجية وبالاخص المراحل المنتهية التي تشمل الثالث المتوسط والسادس الاعدادي بشقيه الادبي والعلمي، حيث اكد عدد من المدرسين ان الطلبة يعانون لحد لحظة كتابة هذا المقال من نقص بكتب الفيزياء والجغرافية البشرية للسادس ادبي والذي تم تغييره العام الماضي، والرياضيات للسادس اعدادي والفيزياء للثالث متوسط .
ان تاهيل العملية التعليمية و التربوية في العراق لايمكن ان يتم بسياسة متخبطة تفتقر للتخطيط والتنفيذ الدقيق على ارض الواقع، بعيدا عن المزاجية والاعتماد على كوادر تفتقر للكفاءة والابداع، او الشكوى الدائمة من قلة التخصيصات في حين اننا نشهد سنويا إعادة فائض كبير من الاموال الى الخزينة، وتحت مبررات شتى، تؤشر في النهاية عن العجز عن صرفه في موارده المطلوبة والملحة . . .
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً