من الظاهر التي أتسم بها الدوري الكروي الممتاز هذا الموسم هي ظاهرة(انسحابات الفرق) والتي أتاحت لنا ولغيرنا بأن نصف دورينا الكروي الممتاز (بدوري الانسحابات) إضافة إلى صفاته الأخرى والتي من خلالها دخل الدوري العراقي الممتاز (موسوعة غينيس للأرقام القياسية) فهو( أطول ....وأجرأ ....دوري في العالم وهو دوري التحدي ...والشغب....والمشاكل....والتأجيلات ....والمفاجآت.....ووووو) هذه الأوصاف التي لا نعرف كيف سيكتب عنها التاريخ الرياضي وهو يمر على سيرة الدوري الكروي العراقي .
لقد أخذت الانسحابات في الدوري مجالها الكبير بعد أن استشرت هذه الظاهرة بين فرق الأندية المشاركة في الدوري ,فكانت هذه الانسحابات للأسف سلبية بكل تفاصيلها ونتائجها ,فقد كانت تشكل اخطاءاً كارثية بحق فرق الأندية المنسحبة بشكل خاص والكرة العراقية بشكل عام .لا زلنا للأسف نعيش زمن العنعنات الشخصية الفارغة والقيادات الكارتونية لأغلب الأندية العراقية ,فقد قدم لنا السادة رؤساء الأندية ومسئولي فرق الأندية المشاركة في الدوري الممتاز ولهذا الموسم فصولاً مسرحية رائعة في استعراض العضلات (النفخ) ورفع الشعارات الكاذبة والخادعة بعد أن أمطرونا بمشاريعهم (الوطنية)الرياضية والتي تهدف بالأساس إلى انتشال الكرة العراقية من واقعها المرير (هكذا هم يدعون) فكم رئيس نادي لدينا أقام الدنيا وأقعدها من خلال الفضائيات وبقية وسائل الإعلام حول مشروعه الوطني الذي يحمله ,رؤساء أندية يكاد يجهلون كل شيء ....نعم كل شيء ....إلا جهلهم ....وغرورهم .....وعنجهيتهم .....وبالتالي فهم دائماً ما كانوا يشعرون وكأن هذه الأندية بكل ما فيها من منشآت ورياضيين ولاعبين ومدربين وجمهور هي ملك صرف لهم!!!!.
هذه هي سياسة التفرد والتعنت والتخلف والجهل والغرور والتي ظلت ملازمة للأسف لأغلب رؤساء الأندية العراقية والتي جلبت الكوارث والهزائم والخسارات لأنديتها وجماهيرها ,وكانت ظاهرة الانسحابات واحدة من ممارسات تلك الإدارات والتي لم تحصد سوى الخسارة والهزيمة وضياع جهود وتعب الآخرين .
لقد أصبحنا نعرف الأندية من خلال رئيس النادي أو أمين سر النادي (فقط) لأنه هو الآمر والناهي وهو القائد الأوحد والضرورة وبيده (الصاية والصرماية) أما الآخرون من أعضاء الهيئات الإدارية فهم للأسف مجرد أسماء لاتهش ولاتنش وينطبق عليهم قول الشاعر العربي
ما زاد حنون للإسلام خردلة ولا الإسلام له شغل بحنون
إذن المشكلة إن هناك تفرد باتخاذ القرار وهذه هي لب المشكلة التي تعاني منها رياضتنا العراقية ,حيث قلناها سابقاً إن مشكلة الرياضة العراقية هي مشكلة إدارية بحتة وليست مشكلة فنية ! وان كانت هناك مشاكل فنية فهي بالنتيجة كانت بسبب المشاكل الإدارية .وكانت ظاهرة الانسحابات هي إحدى إفرازات هذه الإدارات (التعبانة) بكل ما تعني الكلمة من معنى ,حيث نجهل لحد الآن الفائدة التي جنتها تلك الأندية جراء انسحاباتها من بعض مباريات الدوري ,إنها مواقف شخصية بحتة ,أراد من خلالها رؤساء الأندية ومسؤليها أن يقولوا لنا إنهم موجودون فقط .
اجل ليس هناك أكثر من ذلك ,وإلا
ليقولوا لنا ماذا جنت أنديتهم التي انسحبت من بعض مباريات الدوري ؟؟؟!سوى الخسارة المادية والمعنوية وبالتالي ضياع للجهد والمال ولروح الفرق التي كانت تؤدي مبارياتها .
أنها قرارات تنم عن جهل وسذاجة وتخلف قي الوقت الذي ينادي رؤساء الأندية التي انسحبت بأنهم يحملون مشاريع رياضية وطنية !!! واهم مع التغيير وإنهم ...وإنهم ....وإنهم. (قتلتنا الشعارات......والهتافات....والهوسات)
وبعد كل تلك الجعجعة ...والهوسة ....عادت الأندية إلى متابعة مبارياتها بعد أن خسرت المزيد من النقاط وبعد أن صرفت المزيد من الأموال ,وعاد السادة الأفاضل رؤساء ومسؤلي الأندية المنسحبة إلى الأحضان والأحباب بعد وجبات العشاء الفاخرة والعامرة والمميزة بكباب ولبن اربيل الشهيرين !!!!! .
وكان نادي كربلاء هو آخر من سجل اسمه في قائمة الأندية المنسحبة من بعض مباريات الدوري .فقد اتخذت إدارة نادي كربلاء قراراً بالانسحاب من مباراة واحدة أمام الجوية احتجاجاً على قرار اتحاد الكرة بإعادة مباراة كربلاء والجوية بعد أحداث الشغب التي جرت في ملعب الجوية والتي أنهاها الحكم كاظم عودة ثم علقها بفتوى تحكيمية جديدة أثارت استغراب واستهجان واستنكار الجميع .صحيح إن فريق نادي كربلاء قد ذبحه كاظم عودة لكننا نعتقد إن قرار الانسحاب من المباراة المعادة والمتخذ من قبل إدارة نادي كربلاء قد أجهز على الفريق وذبحه من الوريد إلى الوريد .فقد كان قراراً متسرعاً وانفعالياً ولا ينم عن خبرة إدارية ورياضية وفنية أيضا ,فقد كان قراراً كارثياً لا نعرف أسبابه سوى إن إدارة نادي كربلاء أعلنت بأنها تحمل السيد النائب الأول لرئيس الاتحاد (ناجح حمود) مسؤولية حرمان فريق كربلاء من الوصول إلى المربع الذهبي !!!؟
وهذه هي الطامة الكبرى حينما يصبح الصراع الشخصي بين اثنين سبباً في خسارة فريق كان في قمة عنفوانه النفسي .نحن نكاد نجهل حقيقة الصراع الذي يدور بين الأشخاص وهذا الصراع للأسف نراه تافهاً وساذجاً إلى حد كبير ولذلك فهو لا يعنينا من قريب أو بعيد ......لكن أن يتحول هذا الصراع إلى سبب في حرمان فريق من فرصة تكاد أن تكون ذهبية فهذا ما لا يرتضيه أو يقبل به أي عاقل غيور !!!!؟
صحيح إن قرار اتحاد الكرة فيه إجحاف وظلم وتجني كبير لكن بالمقابل إن إدارة كربلاء تعرف الاتحاد وما يدور فيه وهي قبل غيرها تربطها بالاتحاد علاقات مميزة ومتفردة ولذلك كان عليها أن تتعامل مع قرار اتحاد الكرة بطريقة أكثر ذكاء وأكثر دهاء وان تقرر بأن يلعب كربلاء مع الجوية في ملعب الكرخ خاصة إذا ما عرفنا بأن فريق كربلاء كانت لديه مباراة أخرى مع دهوك في دهوك إذن الفرصة فرصتان ....فلماذا نجعلها فرصة واحدة ؟؟؟؟ وننسحب من المباراة ونحن نعرف ثمن الانسحاب ؟؟؟!
المهم كل شيء قد انتهى ,ونحن نعرف إن الخيريين وما أكثرهم هذه الأيام سوف (يشدون حيلهم) لتسوية الأزمة بين اتحاد الكرة وإدارة كربلاء من خلال وجبة عشاء دسمة وفاخرة يتألق فيها كباب الحويش النجفي الشهير ولبن اربيل وتزينها دهينة أبو علي النجفية الشهيرة (ويا دار ما دخلك شر) .
مسلم حميد ألركابي