لقد كان قرار المحكمة الأتحادية في تمديد رئاسة الرئيس العراقي الحالي جلال الطالباني على الرغم من اقرارها بأن ذلك يمثل خرقا للدستور العراقي كالصاعقة التي نزلت على رؤوس العراقيين ، إذ كشف ذلك مدى الأستخفاف الذي يبديه سياسيونا للدستور ومدى المرونة التي يحملها هذا الدستور لهم في حين هو شديد وصارم مع رغبات معظم ابناء الشعب . وفي الوقت الذي ممكن من خلاله ان نعطي تبريرا للساسة في البلاد على ان يقوموا بهذا الخرق ، كونهم محبين للسلطة وللبقاء على كرسي الحكم ، فاننا لايمكن ان نعطي اي عذر للمحكمة الأتحادية والتي للأسف أضحت أداة طيعة بيد الحاكمين وتناست انها في يوم من الأيام أقسمت على ان تكون مع القانون ومع تطبيقه وعلى حد علمي ان الدستور جزء من القانون وحينما صدر باركته المرجعيات والقيادات في البلاد ، حتى ان البعض رفض رفضا قاطعا تغيير أي مادة من مواده وعادا ذلك خطا أحمر . واليوم جائت المحكمة الأتحادية الموقرة لتعلن بكل صراحة انها خرقت الدستور لتبقي السيد جلال الطالباني على سدّة الحكم . وهي بذلك فقدت هيبتها وأفقدت القانون العراقي هيبته فهي حينما نصبت نفسها كمحكمة لحل جميع الأشكالات لم تنصب نفسها لتبحث عن الأعذار لأبقاء هذا الشخص أوذاك حاكما أو عضوا في البرلمان على حساب القانون . وانا أتسائل لوكان الأمر يخص احد ابناء هذا الشعي المغلوب على أمره هل كانت المحكمة ستخرق الدستور لنصرة ذلك الشخص ، مؤكد انها لن تفعل ذلك على اساس ان هذا الأمر سيفقد الدستور هيبته . والغريب في الأمر ان من كان رابحا من هذا الخرق الفاضح في الدستور هو أكثر الناس دفاعا عنهم وهم اخواننا الأكراد ، فهم لطالموا أعلنوا في خطاباتهم وفي مفاوضاتهم مع الأطراف الأخرى على عدم المساس بمواد الدستور وخاصة فيما يتعلق بالمادة 140 المتعلقة بما تسمى المناطق المتنازع عليها . والأخوة الأكراد الذين وضعوا مادة حق تقرير المصير والمادة التي تسمح لهم باخرج العرب من المناطق التي يزعمون انها ضمن اقليمهم المزعوم هم من خُرِقَ الدستورمن أجلهم وتراهم سكتوا عن هذا الأمر ولم يخرج عرابهم محمود عثمان ليرعد ويزبد بانه حصل هناك خرق للدستور ، كما لم يعترض معصومهم على ذلك ولم يعترض ( السيد مسعود البررزاني ) . وبالمقابل للأسف سكت عن هذا الأمر حتى من يدعون الوطنية والولاء للعراق من ابناء المناطق الأخرى في البلاد ، سكتوا تحت يافطة ( عيب من جلال ) كما سكتوا وفقا لما يحصل من توافقات يدفع ثمنها شعب العراق حيث انهم اتفقوا على أمر هو اعطاء جلال رئاسة الجمهورية مقابل حصولهم على تأييد من الأكراد في الحصول هلى مناصب أخرى ، بل ان البعض منهم اعطى للأكراد وعدا بتطبيق المادة 140 دون ان يعلن ذلك صراحة أمام الملأ . واليوم بعد ان حصل الذي حصل فيجب على الشعب ان يقول كلمته ويجب عليه ان يصحح مسار العملية السياسية بعد ان فشل حتى القانونيين في ايجاد حل لها . يجب ان تقف هذه المهزلة ، مهزلة التلاعب بالدستور وبالقوانين تبعا لأهواء البعض . ومادامه وقع المحضور فيجب ان يتم اصلاح ما تم تخريبه من خلال العديد من المواد التي حملها الدستور ، ومنها المادة 140 والتي يجب ان يتم الغاءها كما يجب ان لايتم اعطاء حق تقرير المصير لأي جهة انفصالية كانت أظهرت رغبتها في الأنفصال ام أخفتها . ويجب ان يتم التأكيد على ان العراق واحد موحد ولايمكن لأي جهة كانت ان تحلم بالأنفصال تحت مسميات الفدرالية وماشابه ذلك . والعراق الآن لم يعد يعيش فراغا في السلطة فحسب بل أصبح يعيش فراغا دستوريا بعد ان خرق الدستور وفراغا قانونيا بعد ان خرق القانون وربما سيعيش في القريب العاجل فراغا أمنيا وحينها سوف تسرح وتمرح فيه العناصر الأرهابية التي ما انفكت تقوم بعملياتها التي يدفع ثمنها أبناء الشعب ، وحينها سوف تحكمنا شريعة الغاب وننسى كلمة الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي والتبادل السلمي للسلطة ..
أقرأ ايضاً
- الدستور العراقي والمحكمة الاتحادية
- في الدستور العراقي.. النفط ملك الشعب و راتب و قطعة أرض لكل عراقي
- خرافة الدستور