انتهت انتخابات البلاد بين ما حملته من تداعيات ومن ارهاصات لازالت تترك بصماتها على البلاد بشكل واضح ، ومابين مناديا بالتزوير ومناديا بنزاهة الأنتخابات ، وبين هذا وذاك لابد لنا من وقفة أمام شعب استطاع ان يظهر ايمانه بالديمقراطية ورغبته بالحياة الحرة الكريمة ، شعب استطاع ان يرسم ملامح دولة عصرية من الممكن ان يُحسد عليها العراق من قبل جميع دول الجوار وبكافة اتجاهاتها ، قد أكون متفائلا فيما أقول وقد يصفني البعض بأنني ممن يزوقون الكلام وينمقونه ويضعونه في غير موضعه ، ولكنها كلمات خرجت من بين بحر من الزفرات والآلام ومن بين حفنة من الأفرازات التي خلفتها الأنتخابات ، كثيرة هي الصور التي رسمت ملامح تلك الأنتخابات ومن بينها السباق الأعلامي المحموم الذي رافقها ، ومن بين ما استوقفني ما كانت تبثه قناة العربية وبشكل يومي ولازالت هي كذلك من متابعة للأنتخابات البرلمانية في العراق ، وخاصة فيما يرتبط بالدمى التي اصطنعتها تلك القناة لقادة العملية السياسية في العراق ، وعلى الرغم من أني لست مع أحد من هؤلاء القادة بل أنا مع الشعب بآلامه وتطلعاته وأمانيه ، الا أنني استفزني ما فعلته تلك القناة ، فهل ياترى كان ذلك الفعل عن قصد أم عن غير قصد ، ويقينا انه كان عن قصد ، فقناة كالعربية لاتطلق افعالها جزافا وانما كل فعل هو في موضعه الذي تريد ، وبرأيي فأن العربية كانت تحمل الكثير من المقاصد في صنعها للدمى التي تحركها مع تغير الحراك الأنتخابي في البلاد ، وآخرها عندما بدأت بوضع الدمى واحدة خلف الأخرى مع ما أفرزته نتائج الأنتخابات النهائية ، العربية كانت تريد أن تقول ان هؤلاء دمى تحركهم السياسة الأمريكية كيفما شاءت وكانت تريد ان تستهين بشخصياتنا السياسية حتى تظهر للشعوب العربية المغلوبة على أمرها ان العراق يحكمه شخصيات مهزوزة وهم كالدمى تحركهم امريكا كيفما شاءت . قادتنا للأسف واجهوا هذا الموقف بلا مبالاة ولم يحركوا ساكنا بل أنهم تسابقو للأدلاء بتصريحاتهم لتلك القناة على الرغم من الأهانات التي وجهتها لهم . وان اسأل العربية ، هل ان هذه الأنتخابات لوكانت في أي بلد عربي آخر فأنها ستصنع لشخصيات تلك الأنتخابات دمى شبيهة بما صنعته لقادة العراق ، هل ستتجرأ بصنع دمية لحسني مبارك خلال الأنتخابات الرئاسية المزمع أجارءها في مصر وهل تتجرأ ان تصنع دمية لملك السعودية عبد الله أم غيره من قادة العرب . بالتأكيد انها لن تجرؤ على ذلك لأن هناك من يعاملهم بقبضة من حديد وهناك من يغلق مكاتبهم بل ان هناك من يقطع عنهم مرتباتهم وأجورهم . ولكنني أقول لهم ان ما تفعله قناتهم مع العراق ينصب ايضا في مصلحة العراق كون ان ذلك يندرج في مصاف الديمقراطية وفي مصاف أعطاء حرية التعبير عن الراي ، وقد أكون قد أفرطت جزافا بالتفاؤل وبكيل المديح لقادة سياسيين أفرطوا في الصراعات والتناحر على كراسي الحكم في البلاد ولكنني أردت بذلك أن أقول لقناة العربية ، اننا بالرغم مما نعيشه من صراعات ومن تناحرات الا اننا استطعنا ان نعبِّر عن راينا بكل حرية ودون ضغوطات وتزويرات ، وعليكم ان تعترفوا بذلك اذا كنتم منصفين وعليكم ان تقولوا للشعوب العربية اتخذوا من شعب العراق مثلا يحتذى به فقد قال كلمته وامتطى جراحاته وذهب لأنتخاب قادته بكل أمانة وبغض النظر عن الشخص الذي صوت له..
أقرأ ايضاً
- مؤتمرات القمم العربية .. الجدوى والنتائج
- هجرة العقول العراقية والعربية: اسبابها ونتائجها وحلولها
- اللغة العربية.. ومظاهر الاعتداء عليها