- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تنامي ظاهرة الرشوة في المنافذ الحدودية بين العراق الى سوريا
من التقاليد المعتادة لدى العراقيين زيارة الشخص العائد من السفر للتعبير له عن مشاعر المحبة والاحترام وزيادة أواصر العلاقات الاجتماعية، ثم الاستماع الى العائد واستطلاع مشاهداته وملاحظاته لعله محملا بالطريف والجديد على العيون او الاسماع، ولعل فرص السفر للعراقيين تضاعفت لا سيما الى البلدان المجاورة ومنها سوريا، حيث يقبل على زيارتها عدد مهم من العراقيين لاسباب متنوعة منها التجارة والسياحة وزيارة المراقد المقدسة وحب الاطلاع والتغيير وما شابه .
ولعل السفر اصبح من الحالات الجيدة التي يحتاجها العراقيون اكثر من غيرهم لاسباب معروفة، بيد أن (الجميل لا يكتمل) كما تُضرَب الامثال، فمع لهفة الاطلاع على الجديد وما شابه، هنالك ظاهرة الابتزاز التي يمارسها القائمون على تنظيم عمليات الدخول والخروج من العراق الى سوريا او العكس، ولعلها ظاهرة مؤسفة بل تنم عن جهل وتخلف اجتماعي ناهيك عن إشارتها الى ضعف القانون وضعف الجهات التي ينتسب اليها هؤلاء الافراد الذي يصفهم البعض بـ (العصابات) التي تحتمي بمؤسسات ودوائر الحكومة لتنفيذ اهدافها بابتزاز المسافرين او العائدين الى البلد.
وحين نخوض في هذا الموضوع المؤسف فإننا لا نرتكب على أحد ولا نأتي بالكلام جزافا، بل كل الدلائل والمؤشرات تشير الى صحة حدوث مثل هذه السلوكيات الشائنة التي يقوم بها أفراد المنافذ الحدودية بين سوريا والعراق، فحين يبغي العراقي الخروج الى سوريا سوف تكون أمامه معوقات عديدة تهدف الى تأخيره وربما منعه من الخروج تحت حجج واهية غرضها الابتزاز والحصول على المال، وتبدو مثل هذه العمليات منظمة ومنسقة بين الجميع بحيث تعود عليهم بأرباح (من السحت الحرام) يتقاسمونها وهم في غاية الاطمئنان من الحساب الدنيوي او الاخروي ايضا.
وإذا قُيّض لأحد المسافرين الاعتراض او رفض هذا الابتزاز الواضح فإنه سوف ينام في المنفذ الحدودي أياما بحجج ما أنزل الله بها من سلطان، والمفارقة العجيبة أن أصحاب المخالفات من المسافرين يمكنهم العبور خروجا ودخولا بـ (الرشوة) التي تزيد او تقل حسب نوع المخالفة، ولعل الملاحظ من قبل المسافرين بين سوريا والعراق ان الابتزاز لا يقتصر على الجانب العراقي بل في الجانب السوري يحدث الشيء نفسه، فأنت لا تستطيع أن تغادر سوريا ما لم ترتّب أمورك بالدفع للمفتشين او (الكاونتر) الذي يسمح او يمنع هذا المسافر من الخروج او الدخول الى سوريا.
والمشكلة الراسخة والتي يبدو انها في طريقها الى الثبات والتعاظم، أن هنالك اتفاق شبه تام بين هؤلاء الافراد الذين يمارسون شتى الضغوط على المسافرين دخولا وخروجا من اجل الحصول على (الرشوة) وكأن الامر أصبح مشروعا ومقبولا لهم بغض النظر عن الاجر الحكومي الذي يتقاضونه كرواتب شهرية مجزية تسد حاجة المتعففين منهم، ولذلك يشكو كثير من المسافرين من كثرة الحجج والاسباب الواهية التي يمارسها هؤلاء مع عموم المسافرين لتحقيق مآربهم التي أقل ما يُقال عنها بأنها دنيئة ولا تليق بالانسان الذي ينبغي أن يضع مثل هذه الضغائر خلف ظهره لا سيما أنها تتداخل مع منظومة السلوك التي يُفترض أن تتمتع بالرقي والانسانية العالية.
ومن المؤسف حقا أننا لا نجد مثل هذه السلوكيات في معظم المنافذ الحدودية بين الدول الاخرى عربية او اسلامية او غيرها، او في المطارات ايضا حيث يسود السلوك العقلاني المتوازن القائم على حزمة من الاجراءات القانونية المحترِزة التي تهدف الى حماية البلد من العناصر المشبوهة او التي تريد شرا بالآخرين وأمنهم ومصالحهم، ولغرض الحد من هذه الظاهرة ومساوئها التي قد تتعاظم مع مرور الوقت في حالة عدم معالجتها، نقترح الخطوات التالية:
- أن تقوم الجهات الحكومية ذات العلاقة بمراقبة هؤلاء القائمين على تنظيم عمليات الدخول والخروج ومحاسبة من يرتكب جريمة الابتزاز بأقصى سرعة ممكنة.
- أن تقوم الجهات المعنية ايضا بزيادة وعي هؤلاء ومحاولة ترسيخ القيم والتقاليد التي ترفع من نفوسهم وبلدانهم في آن واحد.
- أن يتم التنسيق بين البلدين الجاين في هذا الصدد من اجل الحد من هذه الظاهرة في البلدين سوريا والعراق.
- أن يتم إختيار العناصر العاملة في هذه المنافذ بدقة، وأن يتميز هؤلاء بالحس الوطني والديني والاخلاقي والانساني عموما.
- أن يكون مبدأ العقاب فوريا وظاهرا للعيان من اجل اتعاظ الآخرين من أخطاء غيرهم في هذا المجال.
- أن يسهم المسافر الخارج او العائد بالحد من هذه الظاهرة حتى لو تعرض للتأخير او المنع وأن يصرّح للجهات الاعلامية والقضائية والجهات المعنية الاخرى بكل ما تعرّض له من ابتزاز وتعسف.
- أن يتأكد المسؤولون بأن الموارد المالية (الرواتب والمكافآت وغيرها) تسد حاجة القائمين على تنظيم العمل في هذه المنافذ.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي