التفجيرات الارهابية التي حدثت يوم امس الثلاثاء والتي راح ضحيتها المئات من المواطنين الابرياء بين شهيد وجريح تختلف عن سابقاتها من التفجيرات رغم تشابهها جميعا في الاسلوب. فانفجارات الاربعاء والاحد التي طالت مؤسسات الدولة من وزارات كانت تهدف الى
زعزعة الامن والاستقرار بعد التحسن الامني الملحوظ الذي انجزته حكومة السيد المالكي والذي على ضوئه حققت قائمة السيد رئيس الوزراء فوزا واضحا في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مطلع العام الجاري. اذن رسالة تفجيرات الاربعاء والاحد الدموية تمثلت بتجريد السيد المالكي من ورقة الانجاز الامني وبالتالي زعزعة ثقة المواطنين به وبحكومته. اما تفجيرات يوم الثلاثاء فتحمل رسالة مختلفة تماما اذ هدفها سياسي محض وبدعم اقليمي ويتمثل بإعلان حالة الطوارئ في العراق ومن ثم تشكيل حكومة طوارئ تأتي بأشخاص موالين وتوقيت التفجيرات يدل على ذلك حيث انها جاءت بعد حصول اجماع وطني من خلال اقرار جميع الكتل البرلمانية على تعديلات قانون الانتخابات.
ان انفجارات الثلاثاء الارهابية هي بداية لسلسلة من العمليات الاجرامية التي ستشهدها العاصمة بغداد في الايام المقبلة, وكلما اقتربنا من يوم موعد الانتخابات كلما ازدادت شدة وهمجية ودموية التفجيرات والهدف من وراء ذلك منع تحقيق الانتخابات وبالتالي تأجيلها مما يعني ادخال العراق في فراغ دستوري وسياسي والسيناريو المعد لذلك يقوم على فكرة اقناع الامم المتحدة عبر دول معروفة بان العراق غير مهيئ لإنجاز الانتخابات بسبب تردي الوضع الامني الناشئ عن كثرة التفجيرات الارهابية وبالتالي ارغام القوى السياسية العراقية على القبول بفكرة تأجيل الانتخابات الى حين حدوث الاستقرار الامني وخلال ذلك يتم اعلان حالة الطوارئ وهذا معناه حدوث فراغ دستوري وسياسي يُملأ عن طريق دعوة مجلس الامن الى التدخل بأصدار قانون يخول القوات المتعددة الجنسية وتحديدا الامريكية المتواجدة في العراق الى ادارة دفة الامور في البلاد مباشرة اي تدويل (القضية العراقية) وهذه - اي القوات الامريكية- بدورها ستعمل على تشكيل حكومة طوارئ لتمشية امور البلاد يخول امرها الى شخص ذو ميول قومية مقبول عربيا وتحديدا خليجيا ومرضي عنه من قبل ازلام النظام البائد ان لم يكن منهم . هذا السيناريو المبيت هو اقصر الطرق للانقلاب على العملية الدستورية الشرعية القائمة حاليا والعودة بالعراق الى حظيرة الانظمة الديكتاتورية. هذا ما هدفت اليه تفجيرات الثلاثاء انها البداية المشؤومة لآخر محاولة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء. فهل سيسمح العراقيون لهذا السيناريو الشرير بالنجاح ام سيتصدون له؟ ثقتنا بشعبنا عالية ولن يسمح لدياجير الظلام ان تخيم عليه ثانية.
أقرأ ايضاً
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟
- ما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا حكومة السوداني