من المعالم الجديدة التي شهدها عراقنا الجديد بعد التغيير النيساني في عام 2003 هو اتساع الواقع الاعلامي العراقي بعد ان عاش فترة طويلة جداً من السبات والكبت الديكتاتوري ,انتفض من جديد مستفيداً من رياح التغيير والتي ايقظته من سباته الطويل فكان المشهد الاعلامي العراقي الجديد متسعاً ومتنوعاً فقد خرجت العديد من الصحف والمجلات والقنوات الفضائية والمحطات الارضية لتغزو الواقع العراقي ولتثير الصخب الكبير بين ارجاء هذا الواقع . ولم يكن الاعلام الرياضي العراقي بمعزل عما يحدث فقد استجابت الكوادر الاعلامية الرياضية لرياح التغيير وشمرت عن سواعدها واخذت تتبنى شيئاً فشيئاً مشروعاً اعلامياً رياضياً عراقياً اصيلاً ,وقد استبشر الجميع بهذا المشروع بعدما انبرت الكفاءات الرائعة والاقلام الحرة والنزيهة بالتصدي لهذا المشروع الذي نعتقد بأنه يمثل أهم حلقة من حلقات التغيير في واقعنا الرياضي الجديد .وبعد ان اخذت رياح التغيير تهدأ شيئاً فشيئاً بعدما عادت عجلة الحياة للدوران بشكل طبيعي الى حد ما ,أفاقت رياضتنا العراقية من سباتها هي الاخرى لتجد نفسها تعيش في دوامة واسعة من المشاكل والتقاطعات والتجاذبات والتي اوجدها او افتعلها اناس ربما لم يدركوا بعد اهمية المواقع التي يشغلونها ,فلازالت حرب داحس والغبراء بين الاولمبية ووزارة الشباب والرياضة لم تهدأ بعد ,ولازال اتحاد كرة القدم يسير عكس الاتجاه ويغرد خارج السرب ,ولازالت البنى التحتية الرياضية تزداد خراباً ودماراً ,ولازالت كوادرنا الرياضية تعيش المنافي في الوقت الذي تتصارع فيه الوجوه الطارئة على المناصب والكراسي ,ولازالت آفة المتطفلين والمتفقهين والمنظرين الجدد والمستشارين الجدد والمراهقين الاداريين الجدد تفعل فعلتها في نهش الجسد الرياضي العراقي .كل ذلك يحصل للرياضة العراقية . والآن نود ان نسأل أين الاعلام الرياضي العراقي من كل ذلك ؟؟؟ . هل كان الاعلام الرياضي العراقي بمستوى الحدث ؟؟؟ . هل كان الاعلام الرياضي العراقي جزءاً من المشكلة أم كان جزءاً من الحل ؟؟؟.
هذه الاسئلة وغيرها وددنا ان نطرحها على بساط البحث ,ونحن نعرف ان هناك من هو أفضل منا مهنيةً ومعرفةً بدقائق الامور وبالتالي فهو القادر على اعطاء الاجوبة الشافية لهذه الاسئلة . لكننا احببنا ان ندلي بدلونا في هذا الموضوع الذي ربما يكون غائباً عن بال الآخرين خاصة بعدما اخذ البعض يكيل التهم للاعلام الرياضي العراقي ويصفه بأوصاف شتى ! .
لقد انغمس الاعلام الرياضي العراقي بكل انواعه المقروء والمرئي والمسموع بشكل كامل في الواقع الرياضي العراقي وهذه حالة صحية تحسب للاعلام الرياضي ,ونتيجة لهذا الانغماس والاندماج بالهم اليومي الرياضي فقد تشتت الجهد الاعلامي واصبح في مذاهب شتى فقد استغلت المؤسسات الرياضية والتي تدير دفة الصراعات في الواقع الرياضي الاعلام ابشع استغلال حتى تحول الاعلام للاسف في بعض المواقف الى دكاكين رخيصة للتهريج وللتهييج العاطفي والى منابر للتسقيط والتحريض والاساءة للذوق العام تحت ذريعة الجو الديمقراطي الذي يعيشه العراق الجديد . اننا لانريد ان نبخس حق الآخرين فهناك الكثير من الاقلام الرائعة والنزيهة والجادة والتي اتخذت من المهنية والحرفية الاعلامية الصرفة طريقاً للتعامل الصحيح مع الاحداث والتي شكلت ولازالت تشكل علامة مضيئة في مسيرة الاعلام الرياضي العراقي .
فليس من المهنية الاعلامية ان تتحول قناة رياضية عراقية (وهي الوحيدة في العراق) الى مجرد بوقاً للتهريج والتهييج العاطفي وحشد التسقيط للآخرين .فأجمل مايميز الاعلام هو حياديته ومهنيته وحرفيته في نقل الحقيقة ولاشيء سوى الحقيقة .وليس من المهنية الاعلامية ان يعتلي صهوة الميكرفون كائن من يكون .فالميكرفون مسؤولية كبرى على مانعتقد فكيف لنا ان نتصور بان يتحول المشجعين الكرويين (قدوري ومهدي) الى مقدمي برامج ويجوبون شوارع بغداد وهم يحملون ميكرفون الرياضية العراقية التي ابدع مقدمو برامجها في تقديم آخر صيحات الموضة وآخر تقليعات قصات الشعر وغير ذلك من الحركات والممارسات البعيدة كل البعد عن العمل الاعلامي الرصين والهادف . وليس من المهنية ايضاً ان نرى العديد من الاقلام التي تصول وتجول على صفحات الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية بمقالات تفتقر الى ابسط مقومات الكتابة الصحفية ,اضافة الى الطريقة الانفعالية والحادة في الكتابة .حتى ان بعضهم اخذ يصف نفسه بأنه ضمن المعسكر الفلاني في الوقت الذي يجاهر الآخر بأنحيازه الى المعسكر العلاني فرياضتنا اصبحت رياضة صراع معسكرات (والله يستر) هكذا تحولت الاقلام الرياضية سواء كانت واعية لذلك ام غير واعية الى ادوات وابواق للتهريج والتسقيط والتهييج ليس الا!
فبعدما كان يشار بالبنان للاعلام الرياضي العراقي والذي قدم العمالقة من كتاب العمود الصحفي الرياضي المميز من امثال الراحل اسماعيل محمد وعبد الجليل موسى والدكتور ضياء المنشيء وضياء حسن وعلي رياح وغيرهم من قافلة المبدعين والذين تركوا بصمات واضحة في مسيرة الاعلام الرياضي العراقي والعربي ,اصبح اعلامنا الرياضي اليوم يشكو الفقر والوهن في كل شيء بعدما تسللت اشباه الاقلام الى بعض الصفحات مما يجعلنا ان نطمح بان نشاهد مؤسسة عراقية جادة في طرحها قادرة على ان تعيد بريق وتألق الاعلام الرياضي العراقي مجدداً خاصة بعدما انعم الله علينا بفسحة الحرية والانتشار والابداع .
ان هذه العشوائية والتخبط في العمل الاعلامي يجعل الساحة الاعلامية مفتوحة لكل من هب ودب ,فلازالت ساحتنا الاعلامية الرياضية تعيش حالة هوس فوضوي بغياب المؤسسة الاعلامية التي تحدد وتقنن العمل الاعلامي في اطار قانوني صحيح خاصة ونحن نسعى الى بناء دولة القانون والمؤسسات .
ان انخراط الاعلام الرياضي العراقي بأجواء المهاترات والسجالات والتقاطعات والصراعات بين الطامحين الى المناصب والطامعين بالكراسي جعلته يكون في صلب المشكلة الادارية الكبرى والتي تعاني منها رياضتنا العراقية بل اصبح الاعلام الرياضي العراقي جزءاً رئيسياً من المشكلة ان لم يكن هو المشكلة بحد ذاتها!!!
فقد نجحت للاسف بعض الجهات بتجيير الاعلام الر ياضي العراقي لتوجهاتها فأخذت تسير بذلك الاعلام نحو منابر التهريج والتسقيط المشاغب ! . ان مهمة الاعلام الرياضي العراقي كما نعتقد هي اكبر واهم واقدس مما يفعله الآخرون ,فقد اثبت اعلامنا الرياضي وبمختلف صنوفه انه عنواناً للوطنية العراقية الصادقة ,ومنبراً صادحاً للكلمة الصادقة ونبراساً متألقاً للمهنية الاعلامية الرصينة والتي تحث الخطى دوماً نحو ذرى الحقيقة مهما كانت المخاطر فلم يكن طريق الوصول الى الحقيقة معبداً في يوم ما ……..والى ذلك الطريق فليعمل العاملون ….ومن الله التوفيق .