- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
انصفوا كربلاء انها مدينة الحسين(1)
تعد مدينة كربلاء المقدسة من اهم المواقع الحضارية التي اعتمدتها منظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة باعتبارها من اهم المدن المقدسة عالميا واسلاميا وشيعيا وهي ذات صفة عالمية على صعيد الحضارة الانسانية جمعاء اضافة الى قدسيتها المستوحاة من اهمية المراقد المطهرة للامام الحسين واخيه ابي الفضل العباس (عليهما السلام) والكوكبة الخيرة من اهل بيت النبوة والاصحاب رضوان الله عليهم اجمعين اضافة الى العديد من المشاهد المشرفة والمزارات المعظمة التي وثقت واقعة الطف الخالدة وجعلت منها ارشيفا ومتحفا حيا ..وان صحت المقارنة وبذات المقاييس والمعايير فإن كربلاء لا تقل اهمية عن اماكن اخرى مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة بالنسبة لعموم المسلمين ولا تقل اهمية عن اية حاضرة دينية بالنسبة لغيرهم...ولكن ما ان يطأ الزائر او السائح من داخل البلاد او من خارجها ارض المدينة المقدسة وحين يلج بعد ذلك المدينة القديمة ميمما وجهه شطر المراقد حتى يفاجأ ومن الوهلة الاولى بان وضع المدينة يفتقر للكثير من المقومات التي تجعلها في مصاف مثيلاتها حتى في الدول النامية او الفقيرة ..وحيث تتراءى امام انظار الزائر فضلا عن ساكني المدينة نفسها مالايستحب ان يرى ومالايجب ان يكون في مدينة يجتمع في بعض مناسباتها الدينية الملايين من الزوار ومن جنسيات شتى .. واذا كانت معاناة قاطنيها تزداد يوما بعد يوم ولا من مجيب فكيف ستكون هذه المدينة مؤهلة لاستقبال تلك الحشود المليونية ناهيك عن توافد الآلاف من الزائرين يوميا لغرض الزيارة والسياحة وما الى ذلك ومن جميع انحاء العالم ..وفضلا عن افتقار المدينة الى الجمالية التي يجب ان تتصف بها كمدينة عالمية فان الزائر يرى ان البنى التحتية شبه معدومة ومن المشاهدة الاولى اذ لا يوجد شارع واحد من الممكن ان يسمى شارعا في القياسات الهندسية لاي شارع في العالم من الممكن ان يمشي فيه الناس فيه ويرى الزائر كذلك اكوام النفايات واكداس السكراب ومخلفات البناء وبالقرب من المراقد المشرفة فضلا عن القطوعات التي شلت جميع الطرق ـ إن صحت التسمية ـ وحولت المدينة القديمة الى مايشبه المعسكر بسبب الهاجس الامني المبالغ فيه... ان الجميع يعلم ان مدينة الحسين قد نالت قسطا كبيرا من الظلم والجور والتعسف والاهمال المقصود والاقصاء والتهميش ابان العهد الصدامي المقبور اضافة الى محاولة ذلك النظام لتغيير الطابع الديمغرافي لهذه المدينة العريقة كمحاولة لتفريغ المدينة من محتواها الديمغرافي والحضاري الذي انفردت به منذ مئات السنين وصارت تعرف وتتميز به وللحط من قيمتها التاريخية ولهذا فان اهالي كربلاء عانوا من تلك السياسات الامرين وذاقوا من الحرمان ومن الويلات ما يجل عن الوصف..وقد كان الامل كبيرا بعد زوال ذلك النظام المقيت في ان تعود الى كربلاء عافيتها والقها ومكانتها واهميتها وان يتمتع اهالي كربلاء بثمرة تضحياتهم الغالية ويحصلوا على ما يعوضهم عن تلك السنين العجاف !!!
ولكن الواقع المعاش يشير الى ان الامال المعقودة قد تبخر اكثرها لم يتحقق منها الا اليسير ومازال الكثير من المشاريع الحيوية والستراتيجية ذات الاهمية الخدمية الكبيرة اما معطلة او متلكئة او متوقفة في الوقت الذي تشهد محافظات اخرى مشاريع عملاقة وتسير بخطى ثابتة لتحقيق انجازات مهمة لا تساهم في خدمة الناس داخل محافظاتهم فحسب وانما لكل العراق..وكثيرا ما يسمع المواطن عن الشروع بتنفيذ او انجاز او ابرام صفقة مشروع ما وقد وصل عدد المشاريع التي اعلن عنها في هذا الاطار الى اكثر من اربعمائة وخمسين مشروعا وفي كافة الميادين الخدمية والصحية ومجالات البنى التحتية قد خصصت لها اموال ضخمة من موازنة الدولة ولكن العمل يسير فيها بشكل لا يتناسب مع اهمية المدينة التي تجري فيها هذه المشاريع فتارة تكون الحجة بقلة الاموال المخصصة وعدم ايفائها لكلف تلك المشاريع وتارة اخرى تكون الحجة بقلة الخبرات التي يجب ان تتوفر بالكوادر العاملة فيها وكأن الاموال صارت شحيحة والخبرات عزيزة !! وفي بعض الاحيان تلقى المسؤولية كاملة على (المقاول) صاحب المشروع كما حصل هذا الامر في احد المشاريع المهمة وهو مشروع شارع (ميثم التمار) ــ على سبيل المثال ــ وهو قلب كربلاء النابض الذي تحول الى معضلة تحتاج الى اكثر من تفسير حول اسم المقاول والجهة المنفذة والمدة المقررة والكلفة ووو .. .وتحتاج الى اكثر من تفسير عن اسباب التلكؤ وعزوف المقاول والعاملين عن اكمال المشروع الذي تعثر في مراحله الاولى دون توضيح الاسباب ...وهنا تتجلى لنا عدة اسئلة منها : اين الدور الرقابي الذي يجب ان يصدر عن البرلمان باعتباره الجهة العليا المشرفة على اداء مجالس المحافظات ؟ واين دور لجنة النزاهة تجاه هكذا امور ؟ واين دور مجلس المحافظة باعتباره الجهة المختصة بصرف الميزانية التي تخصص منها موازنات المشاريع؟ واين دور مجلس المحافظ الرقابي وهو اعلى جهة تنفيذية في المحافظة ؟؟ واين دور القضاء والعدالة والمفتش العام ..الخ لماذا لم يحاسب احد او يعاقب احد ؟ ولماذا لانرى مسؤولا واحدا يقوم بتفقد المشاريع في جولة ميدانية ؟ ولماذا لانرى مسؤولا واحدا يعطي تبريرا واحدا معقولا لكل مشروع لا ينفذ بصورة صحيحة ؟؟
واذا كان الله في كتابه العزيز قد امرنا بان لا نبخس الناس اشياءهم فانه من دواعي الانصاف ان لاننكر ان هناك الكثير من الانجازات قد تحققت سيما على الصعيد الامني ولكن دون الطموح ودون المستوى الذي يليق بكربلاء الحسين ..نعم كان التحدي الامني كبيرا والمسؤولية جسيمة وتركة الخراب التي اورثنا اياها النظام المقبور جليلة ولكن هذا لايبرر الواقع الذي ينوء به المواطن الكربلائي فضلا عن الزائر الذي يأتي من خارج البلد والذي صار يمشي في شوارع وازقة كربلاء وعلامات العجب والتعجب والاستغراب وعدم الارتياح لا تفارق وجهه .