تسعى الحكومات من خلال وزاراتها والمؤسسات التابعة لها ان تقوم بوظائفها التنفيذية لا سيما في مجال توفير الأمن والدفاع عن حياة وممتلكات المواطنين وملاحقة المجرمين ومعاقبتهم لحماية المجتمع من أعمالهم الإجرامية والتدميرية
كما تسعى الحكومات الديمقراطية الى المحافظة على حقوق الانسان وتوفير فرص العيش الكريم والتوزيع العادل للثروات وتقديم أفضل الخدمات التعليمية والصحية والخدمات المادية الضرورية الأخرى مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي وباقي البنى التحتية.
وكل هذا لا يستقيم الا بالتناسق والانسجام العالي المستوى بين فريق العمل الحكومي والمتمثل برئيس الوزراء والوزراء الذين يجب أن يختارهم ليستطيع محاسبتهم وعزلهم عند التقصير ومكافأتهم عند النجاح وأداء الواجب وخدمة الناس، هذه القاعدة شذت عنها حكومة الوحدة الوطنية والتي هي ليست موحدة لأن التفرقة والخصام والانسحابات بدأت منذ تشكيلها ولم تنته حتى الآن! ولا يمكن اعتبارها وطنية لأنها وضعت الهم الوطني في مؤخرة اهتماماتها وبدأت تتكلم بالهوية الطائفية والحزبية الضيقة، فهل يصح أن نعتبر كل النجاحات التي تحققت الفضل فيها يعود لشخصية رئيس الوزراء السيد المالكي ومجموعة العناصر المحيطة به من وزراء مخلصين له ينفذون ما يأمرهم ويبدعون في مجال اختصاصهم سواء في الملف الأمني أو المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية؟
لذلك نرى رئيس الوزراء يصر على الاحتفاظ بالمخلصين ولا يهتم بالمنسحبين! فهو أصر على الاحتفاظ بوزير الدفاع رغم كثرة المطالبة بتغيره، ويحتفظ بالسيد وزير التخطيط \"بابان\" رغم ما يشكل هذا من تأخر عودة جبهة التوافق وشرطهم بمعاقبة السيد وزير التخطيط لعدم استجابته لنداء الانسحاب في حينها،ولأن هذه الوزارة من (حصتهم)!
وبهذا يثبت رئيس الوزراء بأنه يرد الجميل الوطني بمثله، البعض يرى من الضروري ان يستقيل وزير التخطيط لإنهاء هذه الأزمة وتحقيق المصالحة الوطنية والتي يعتبرها رئيس الجمهورية جلال الطالباني تضحية من السيد بابان، والبعض الأخر يعتبر التخلي عن وزير التخطيط هي خطوة تمثل معاقبة السلوك الملتزم بالعملية السياسية والإخلاص لرئيس الحكومة! وبين هذين الموقفين يتأرجح الوضع السياسي غير المستقر بين مفاوضات مضنية أتعبت الشعب العراقي من خلال تلكؤ الحكومة في تنفيذ وظائفها بالشكل المناسب، الجميع يعترف بنجاحات الحكومة في ضرب الإرهاب وملاحقة المليشيات والخارجين عن القانون وخلق هيبة للدولة لكن الجميع أيضا يحس بتقصير الحكومة في حل مشكلة المهجرين قسرا وعدم الارتقاء بمستوى الخدمات (الكهرباء وتوفير الوقود) وطالما بقي هذا التناقض فلا يصح الا أن نجمع النقيضين النجاح والفشل في مضمار نجاح جهود رئيس الوزراء بما يملكه من صلاحيات وقدرات في تأسيس حكومة تمثل الدولة العراقية وسيادة القانون وبين جهد الآخرين بالتمسك \"بحكومة المحاصصة الطائفية والحزبية\" لإدارة أمور البلد و بهذا لنا أن نتصور مدى الصعوبة في التوصل الى التوافقات التي على أساسها تشكلت وسوف تتشكل حكومة الوحدة الوطنية\".