اثناء الفراغ الامني الذي حدث بعد 2003/4/9 انتشرت التنظيمات المسلحة والميليشيات رافعة شعارات داعبت مشاعر الكثيرين،منها وطنية واكثرها شعارات دينية طائفية مدعومة من دول وقوى اقليمية لها اهدافها الخاصة داخل العراق وانساق
معها عدد لايستهان به من العراقيين او غيرهم من الوافدين من خارج الحدود. في الوقت نفسه لم تتعامل القوات الاجنبية مع هذه التنظيمات المسلحة بطريقة مرضية اما لكونها ليست قوات شرطة بل قوات معدة لقتالات برية وبحرية وجوية ذات طابع عسكري وليس امنيا،واما لجهل هذه القوات بالتعامل مع الواقع العراقي وعدم معرفتها الدقيقة بالمنظومة القيمية والتفصيلية والتركيبة السايكولوجية للمجتمع العراقي او لاسباب ومآرب اخرى تهم قيادات تلك القوات التي لم تقم بردع هذه التنظيمات والميليشيات وهي تعيث خرابا ودمارا بكل مفاصيل الحياة في العراق من البنى التحتية الى المرافق الخدمية وقبلها والاهم منها انهار الدم العراقي الذي اريق بغير حق وبطريقة تنم عن التناهي بالخسة والاستهتار بالقيم والاستهانة بالارواح. وازاء هذا حاول كثير من القوى العراقية والشخصيات ان توضح مقاصد هذه العناصرالمسلحة وتفضح زيف دعواها وكنا لا نألوا جهدا كلما سنحت الفرصة للتنبيه من مخاطر الانجراف مع هذه الموجات ،ونحت الخيرون في الصخر دون كلل كل هذه السنين ينشرون الوعي ويشيرون الى مواطن الخلل وينزهون الدين والوطنية من الافعال الشائنة واصحابها رغم حراجة وصعوبة الموقف وخطورته ورغم الحملة الشعواء التي شنها الاعلام المعادي وفضائياته المسعورة لتكريس الضبابية على المشهد العراقي وكان الرهان على مكامن الخير في المجتمع وعلى الروح الوطنية وأستنفارها ، على اننا وان تعددت انتماءاتنا القومية والدينية والمذهبية فأن وطنيتنا العراقية هي قاسمنا المشترك الذي يصهر كل الاختلافات ويجعلها مدعاة للوحدة لا سببا للفرقة. وقد كاد هذا الصوت ان يغيب وسط الضجيج في شارع تحركه الاختناقات الطائفية والتجاذبات السياسية،ونبز اصحابه بأنهم قلة مثالية لاتنظر الى الامور بواقعية وهم في حقيقتهم كما قال السموأل تعيرنا انا قليل عديدنا فقلت لها ان الكرام قليل والحقيقة الانصع انهم يمثلون الاغلبية الصامتة من العراقيين الذين غيبتهم الظروف القاهرة السابقة نفسها التي صنعها وروج لها من سار وراء الشعارات الزائفة المغرضة،وباعوا انفسهم بثمن بخس، فما ربحت تجارتهم وقد تكشف ذلك جليا بعد ان دارت بهم الدوائر وبانوا على حقيقتهم شراذم يجمعهم الطبل وتفرقهم العصا، بينما ربح الوطنيون وطنيتهم فهم طليعة شعب تجمعهم عراقيتهم الاصيلة لا الشعاراتية المقيتة. وبعد سلسلة الهزائم المتلاحقة لقوى الارهاب من منظمات وعصابات وميليشيات وبعد ان تهاوت معاقل الاشرار القادمين من القرون المظلمة بأفكارهم الظلامية السوداء وآل جمعهم الى شتات بين مقتول ومقبوض عليه من قبل قوى الامن وفرت غربانهم لتختبئ في الاوكار والجحور القصية او ما وراء الحدود ، وأختفت تقريبا وبحمد الله مناظر الرؤوس المقطوعة والجثث المرمية في الانهر والشوارع والساحات واصبحنا نرى النور في نهاية النفق ،بل نرى فنارات وشموساً عراقية تحمل بشائر للسلام وانجلاء الغمة ان شاء الله. ان هذا يفرض علينا جميعا سواء الحكومة او الشعب امورا لابد منها كي لاتعود غربان الشر والارهاب من جديد، بأن نستوعب درس المرحلة بالكامل وان ننشر لغة التعايش السلمي والمحبة والتسامح وتعزيز الروح الوطنية عن طريق برامج مدروسة تقوم بها الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني خاصة التي تعنى منها بحقوق الانسان والثقافة ،لننشر البسمة بدل الدمعة والسلام بدل العنف بأقامة العروض المسرحية ومعارض الفنون والندوات الثقافية ومهرجانات الشعر والموسيقى اضافة الى التثقيف على احترام القانون وامتصاص البطالة بايجاد فرص العمل لكي نبني ونعمر ونفرح في عراق خال من مظاهر التسلح غير المشروع وخال من الاحتقانات والتشنج بانواعه، عراق يحدو ابناءه الامل بغد مشرق وضاء يحملون به حب الحياة والوطن في حنايا الصدور.وكذلك مطلوب من وعاضنا وخطباء المنابر ان يذكروا الناس بألاء الله وان ينشروا بينهم الامل وروح المحبة والالفة ،لا ان يقنطوا الناس من رحمة الله بتركيزهم على الترهيب دون الترغيب.وعلينا ان نهتم بثقافة الطفل واعداده وتعليمه لغة الحوار وما تحتاجه الحياة العصرية والاهتمام بلعبه والتخلص مما موجود منها حاليا في الاسواق من انواع تذكي فيه روح العدوانية والشر ولا تنمي قابلياته العقلية والبدنية والنفسية.ان لنا ان نسائل انفسنا عن ثمن التهاون في التعامل مع تلك المنظمات الارهابية والميليشيات لسنين خلت او غلت خلالها بالجريمة وتخريب بلدنا الجميل وتدميره وتقتيل ابنائه بلا وازع من ضمير، واصبح لزاما علينا ان نترصد المجرمين اين ما حلوا ونفضح ممارساتهم وافعالهم الشائنة ونطالب الحكومة بأخذ القصاص من كل مجرم منهم اوغل في تخريب العراق او اراق قطرة دم عراقية لا ان تعود الحكومة لاصدار العفو والمراحم من جديد لأمثال هؤلاء.ولكي تستمر الحياة بنهجها الصحيح ينبغي ان ننقد كل خطوة نقدا بناء لنبني عليها الصحيح ونقوم الخطأ مستفيدين من تجارب الماضي ليعم السلام ربوعنا ولنستثمر ثروات بلدنا الكثيرة ونسخر طاقاتنا البشرية من اجل عراق امن يرفل بالخير والعافية.