تتصاعد أزمة شح المياه في العراق إلى مستويات غير مسبوقة، وسط تعطيل مستمر لجلسات مجلس النواب وتعثر التشريعات الضرورية. الملف يعود إلى الواجهة مجددًا مع استعداد البرلمان لاستدعاء وزراء الموارد المائية والزراعة والخارجية، في محاولة لإيجاد حلول عاجلة قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة بيئية وإنسانية تهدد حياة ملايين العراقيين.
وقال النائب عن كتلة إشراقة كانون النيابية زهير الفتلاوي، إن “العراق يعاني من شحة وتلوث في المياه، خصوصا في محافظات الوسط والجنوب، إضافة لتراجع الإطلاقات المائية من دول الجوار وهي رديئة جدا”، محذرا من أن “الخزين المائي لم يصل إلى هذا المستوى منذ 85 عاما”.
وأشار إلى “جمع أكثر من 80 توقيعا لاستضافة وزراء الزراعة والموارد المائية والخارجية في مجلس النواب، وبانتظار تحديد موعد لاستضافتهم خلال الأيام المقبلة”.
وتابع الفتلاوي، حديثه قائلا: إن “مشكلة شحة المياه، تتطلب من الحكومة معالجة هذا الملف بأعلى المستويات والضغط على تركيا لزيادة الاطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات”.
وفشل البرلمان في عقد جلساته يومي الاثنين والثلاثاء، بسبب غياب النصاب القانوني، والخلافات السياسية حول تمرير القوانين المهمة.
فيما قدّم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الاثنين، شكره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتعاونه في أزمة المياه التي تضرب العراق والمنطقة، وذلك خلال لقاء جمع بينهما في الدوحة.
وكانت النائبة عن كتلة تيار الفراتين رقية النوري، قد كشفت في 7 آب الماضي، عن نزوح 24,500 عائلة داخل العراق بسبب الجفاف والتغيير المناخي، مشيرة إلى أن الحكومة وضعت 6 معالجات لتقليل موجة النزوح في الجنوب.
ويعدّ التغيّر المناخي أحد أبرز التحديات التي تواجه العراق، إذ يسهم بشكل كبير في ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، نتيجة الانخفاض الحاد في منسوب المياه الواردة إلى نهري دجلة والفرات من تركيا وإيران المجاورتَين، اللتين تعانيان بدورهما من آثار التغيرات المناخية، فيما يفاقم هذا الواقع التحديات البيئية والصحية والإنسانية التي يواجهها العراق، ما ينذر بكوارث وشيكة تمس مختلف مناحي الحياة، لا سيما أن العام الحالي يُصنف الأكثر جفافاً منذ نحو ثمانية عقود، وفقاً لتقديرات خبراء.
وكانت السلطات العراقية أعلنت مطلع تموز الماضي، عن موافقة تركيا على رفع إمدادات العراق من المياه بواقع 420 مترا مكعبا في الثانية الواحدة، لمساعدته في تجاوز أزمة شح المياه التي بدأت تؤثر على الحياة في عدد كبير من محافظات البلاد، إلا أن ذلك قوبل بانتقاد واسع لما تضمنه من مقايضة الماء بمشاريع طريق التنمية، فضلا عن كونه لشهرين فقط (تموز وآب).
وذكر عضو لجنة الزراعة النيابية، ثائر الجبوري، في 3 تموز الماضي، أن الإطلاقات الحالية من تركيا لا تمثل سوى 15 بالمئة من الكميات المتفق عليها مع العراق خلال فصل الصيف، مؤكدا أن الأمن المائي في العراق يمر بمرحلة حرجة جدا.
وأجرى العراق وتركيا خلال السنوات الماضية الكثير من المفاوضات بشأن حصة البلاد العادلة من المياه، إلا أن نتائجها غالبا ما تكون مؤقتة أو مرتبطة بظروف سياسية، دون التوصل إلى اتفاقية ملزمة بشأن الحصص المائية، حيث تزداد المشكلة تعقيدا مع غياب سياسة مائية وطنية متكاملة، وتراجع الاستثمارات في تحديث شبكات الري والزراعة، إضافة إلى الهدر الكبير في استخدام المياه.
وتُعد مناطق الجنوب والفرات الأوسط الأكثر تضررا، حيث بدأت تظهر تداعيات الجفاف بشكل واضح من خلال الهجرة القسرية للسكان، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتهديد مصادر مياه الشرب.
وعلى الرغم من محاولات العراق الحثيثة لمعالجة ملف المياه، وآخرها زيارة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني إلى أنقرة ولقاؤه مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلا أن تلك الجهود لم تنجح حتى اليوم في إنهاء هذه الأزمة.
ويُعد ملف المياه في العراق من أبرز التحديات المزمنة التي تواجه البلاد، خصوصا في المناطق الجنوبية التي تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر للرزق.
وكشفت لجنة الزراعة والمياه النيابية، في 23 حزيران الماضي، عن تراجع الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات إلى مستوى دون 50 بالمئة، فضلا عن انخفاض الخزين المائي في السدود الى النصف ايضا، داعية رئيس الوزراء، محمد السوداني لتفعيل الورقة التجارية للضغط على تركيا.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!