ابحث في الموقع

سدود كردستان الجديدة.. بين الجدوى الإروائية والهواجس السياسية

سدود كردستان الجديدة.. بين الجدوى الإروائية والهواجس السياسية
سدود كردستان الجديدة.. بين الجدوى الإروائية والهواجس السياسية

في ظل أزمة مائية خانقة تضرب العراق، تتصاعد فيها التحذيرات من سنوات عجاف قادمة، يبرز ملف السدود الجديدة في إقليم كردستان كعنوان جدلي يثير تساؤلات حول جدواه، ومآلاته، وقدرته على تحسين الأمن المائي ومواجهة التغير المناخي، فبين من يرى بناء تلك السدود خطوة استراتيجية لإنقاذ البلاد من الجفاف، وبين من يقلل من أهميتها وبالخصوص ذات الطبيعة “الخزنية” منها، وسط هواجس من استغلالها سياسيا في المستقبل.

يذكر أن السدود التي يجري العمل فيها بالتعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، هي منداوة، وباكرمان، ودلكة، وطق طق، فيما تم افتتاح ثمانية سدود ممولة من قبل أربيل في مناطق مختلفة، هي جمركة، وخنس، وديوانة، وتورجار، وشوجير، وأقوبان، وكومبسان، وبستورة.

سدود اتحادية ومحلية
ويقول المدير العام للسدود في حكومة إقليم كردستان رحمن خاني، إن “السدود الجديدة في إقليم كردستان، تنقسم إلى قسمين، الأول ممول من حكومة الإقليم وعددها ثمانية، أما الثاني، فهو ممول من الحكومة الاتحادية، ونسعى لتثبيته في الموازنة العامة، وعددها أربعة سدود”.

ويبين خاني، أن “السدود التي تم إنشاؤها من قبل حكومة الإقليم، هي سدود صغيرة، مخصصة لحصاد الأمطار، وخاصة في بعض المناطق التي تعاني من الجفاف، والتغيرالمناخي”.

ويوضح أن “السدود الكبيرة التي يجري العمل عليها، هي ضمن مخرجات الدراسة الاستراتيجية العراقية، وسيتم إنشاؤها على الأنهار الكبيرة، وتخدم إقليم كردستان وجميع مناطق العراق، وستحقق فائدة كبيرة، ونحتاج إلى تعاون كبير خلال الفترة المقبلة بين بغداد وأربيل لإنجازها في فترة قياسية، خاصة في ظل الوضع الحالي المائي الصعب الذي يعاني منه العراق”.

وخلال عام 2021، قررت حكومة إقليم كردستان إنشاء ثمانية سدود جديدة، بتمويل من حكومة الإقليم، بغرض خزن المياه، ومواجهة التحديات البيئية والمناخية، فيما عملت الحكومة الاتحادية على تمويل تأهيل ثلاثة سدود رئيسة، هي دوكان، ودربندخان، وسد دهوك، فضلا عن تمويلها لإنشاء سدود خزنية جديدة.

ويعتمد العراق بنسبة 30 بالمئة من حاجته إلى المياه الطبيعية على المياه القادمة إليه من إقليم كردستان، لكن السدود الصناعية التي أنشأها الإقليم خلال السنوات الماضية أدت إلى تراجع حصص المياه في نينوى وصلاح الدين وبغداد، وصولا إلى مدن جنوب العراق، فيما تسجل مناسيب نهري دجلة والفرات انخفاضا ملحوظا، وهو ما دفع منظمات حقوقية إلى التحذير من آثار كبيرة على القطاع الزراعي واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات.

من جهته، يرى أستاذ كلية الزراعة في جامعة كرميان بمحافظة السليمانية، عبد المطلب رفعت، أن “السدود التي تم افتتاحها أو تلك التي ما زالت قيد الإنشاء في الإقليم، لا تلبي طموح ومتطلبات الإقليم، ولا عموم العراق”.

ويؤكد رفعت، أن “العراق يعيش سنوات حرجة جدا بسبب الجفاف وقلة التساقط المطري، بالإضافة الى قطع مياه الأنهار من الجانبين التركي والإيراني”.

ويشير إلى أن “أكبر سدين في الإقليم هما سد دربنديخان وسد دوكان، وكلاهما يعانيان من تناقص الواردات المائية فيهما، وخاصة في السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث يبلغ الخزين المائي في سد دربنديخان أقل من 1.3 مليار م3، أي أقل من نصف الخزين، فيما يبلغ الخزين المائي لسد دوكان أقل من 1.4 مليار م3، أي أقل من ربع الخزين الكلي، وهذه هي المرة الأولى التي يتناقص فيها الخزين المائي للسد الى هذا الحد، أما بالنسبة للسدود الأخرى فإنها تعاني جميعا من تناقص الموارد المائية”.

ويطالب حكومة الإقليم بـ”العمل على تنفيذ مشاريع خزنية، ومشاريع حصاد مياه الأمطار، لا سدودا مخصصة للإطلاقات المائية القادمة من تركيا، لأن السدود الموجودة حاليا تفي بالغرض، وتعاني من النقص أصلا”.

هواجس التوظيف السياسي
من جانبه، يقول عضو مرصد العراق الأخضر، عمر عبد اللطيف، إن “العراق لا حاجة له بهذه السدود في الوقت الحالي إطلاقا”، كاشفا عن مخاوف مشروعة من “استغلالها في المستقبل للضغط على الحكومة الاتحادية، في حال حصول أي خلاف بين المركز والإقليم”.

ويوضح عبد اللطيف، أن “السدود الحالية تكفي لحوالي 100 مليار متر مكعب، وهذه السدود إذا امتلأت، فإنها تكفي البلاد لمواسم كثيرة، ولا نحتاج سوى إلى إنشاء سدود تحجب المياه على الخليج العربي، وهذه هو المطلب التركي في الوقت الحالي”.

وكان عضو لجنة الزراعة والموارد النيابية، رفيق الصالحي، طالب في تصريح صحفي بـ”التدخل لمنع الإقليم من إنشاء سدود صغيرة ومتوسطة، لأنها ستتسبب بكارثة مائية للوسط والجنوب”، متهما أربيل بـ”العمل خارج نطاق الخطة الاتحادية” في توزيع المياه بشكل عادل لعموم العراق.

وتثار المخاوف بين فترة وأخرى، من تحول تلك السدود إلى محطة للإبتزاز السياسي، تستخدمها حكومة الإقليم في أوقات اشتداد الأزمات مع الحكومة الاتحادية في بغداد، وخاصة في قضايا الخلاف النفطي والمالي.

تُزيد الأمطار
من جهته، يجد خبير السياسات المائية، رمضان حمزة، أن “السدود الجديدة في الإقليم، ومنها نهر كومبسان، هي سدود على أنهار موسمية، وليست جارية”.

ويضيف حمزة، أن “السدود الجديدة لن تؤثر على إيرادات الأنهار، لأنها مخصصة لحصاد مياه الأمطار، وليست لها علاقة بالإطلاقات المائية التركية، وهذه السدود التابعة لحكومة الإقليم، من ضمن روافد نهر الزاب”.

ويبين أن “نفع هذه السدود، الاتحادية منها أو المحلية، سيعود على جميع مدن العراق، لأنه عندما تبدأ بالخزن، ستصبح هناك حالة تبخر، تشجع على هبوط سحاب الأمطار، كون الرطوبة متوفرة، زائدا الأتربة، وهذا يشجع على هطول الأمطار بكميات كبيرة”.

ويردف خبير السياسات المائية، أن “النبع سيكون مخصصا للأغراض الزراعية، وليس نهرا رئيسيا، وسيجري تنظيمه بطريقة خزنية وبالتنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، بما يعود بالنفع على جميع المحافظات حتى البصرة أقصى جنوب العراق”.

 

المصدر: صحيفة العالم الجديد

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!