بين ضغط واشنطن وعجز بغداد وحسابات طهران، يتحول الغاز الإيراني إلى ورقة شديدة الحساسية في توازنات الطاقة والسياسة. العراق، المستورد الأكبر، يقف عند مفترق طرق بين الحاجة الملحة لتشغيل محطاته الكهربائية، والعقوبات الأمريكية التي تقيد يديه، فيما تستغل إيران الملف كورقة قوة في صراعها مع الغرب.
ويستهلك العراق نحو 131 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا بينما يصل إنتاجه المحلي إلى 82 مليون قدم مكعب يوميا فقط، ويستورد من إيران نحو 50 مليون قدم مكعب يوميا، وفق أحدث الأرقام الرسمية.
وقال وكيل وزير النفط الإيراني حسين زاده، في تصريح صحافي، إنه “في ما يتعلق بقطاع الغاز ينبغي على العراق أن يتخذ القرار بشأن استمراره أو التأثر بالضغوط الدولية”، موضحا أن “إيران رغم حالة عدم التوازن التي سادت طوال السنوات الماضية، كانت تمد يد العون للشعب العراقي”.
وأضاف، أن بلاده “مستعدة للعمل داخل الأراضي العراقية لتطوير الحقول واستخراج الغاز، وهو ما من شأنه دعم ضخه إلى شركة الغاز العراقية الوطنية”، مؤكدا أن “الاستثمار والمساعدة في هذا المجال مطروح منذ زيارة وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد إلى بغداد”.
ويعاني العراق من عجز يومي يهدد تشغيل محطات الكهرباء بشكل مستمر، خصوصا بعد انتهاء صلاحية الإعفاءات الأمريكية من العقوبات على استيراد الغاز الإيراني في آذار الماضي في وقت يحتاج فيه البلد إلى نحو 50 ألف ميغاواط لتغطية حاجته الصيفية، في حين لا تنتج محطات الكهرباء سوى نحو 28 ألف ميغاواط فقط.
ومنذ عام 2018، جددت الولايات المتحدة الإعفاءات عشرات المرات، ما مكّن العراق من مواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران.
إلا أن العقوبات الأمريكية تمنع بغداد من دفع الأموال نقدا لطهران، حيث تُودع المبالغ في حساب مصرفي عراقي، ولا يُسمح لإيران باستخدامها إلا للأغراض الإنسانية، مثل شراء المستلزمات الطبية.
وكان خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، أكد في تصريح سابق، أن “الولايات المتحدة جادة في إبعاد الغاز الإيراني عن العراق، وأن أي تغافل أو تجاوز لهذه التحذيرات والاتصالات سيعرض العراق الى موقف حرج لأن إيراداته النفطية تمر من خلال البنك الفيدرالي الأمريكي”، لافتا إلى أن “أي عقوبة تطول العراق ستجعله البلاد في مشكلة من الناحية المالية، لاسيما أن وزارة المالية تصرح الآن أن لديها مشكلة في السيولة النقدية”.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قد قال، خلال شهر آذار الماضي، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، أنهت الإعفاءات الممنوحة للعراق لشراء الكهرباء من إيران، ونقلت وكالة “رويترز” عن المتحدث قوله، إن واشنطن لن تسمح لطهران بأي قدر من الإغاثة الاقتصادية أو المالية.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!