ابحث في الموقع

90% من التلوث حكومي.. هل تتحول مؤسسات الدولة إلى الخطر الأكبر على المياه؟

90% من التلوث حكومي.. هل تتحول مؤسسات الدولة إلى الخطر الأكبر على المياه؟
90% من التلوث حكومي.. هل تتحول مؤسسات الدولة إلى الخطر الأكبر على المياه؟

يقف العراق أمام أزمة مائية وبيئية خانقة، حيث تتشابك معضلة التلوث الداخلي مع ضغوط دول المنبع التي تتحكم بتدفق الأنهار، في وقت تُتهم فيه مؤسسات حكومية بأنها الملوث الأول للمياه. وبين عجز المشاريع الاستراتيجية وتجاهل النواب لملفات حيوية، تتفاقم الهجرة والنزوح الزراعي، بينما يغيب أي حل جذري يضمن الأمن المائي والسيادة الوطنية.

وحملت وزارة الموارد المائية، المؤسسات الحكومية، مسؤولية تلوّث مياه الأنهر بنسبة 90%، فيما انتقد السياسي علي الغريري من وصفهم بـ “نواب التبليط”، في إشارة لإنشغالهم بإكساء الشوارع وإهمال الملفات ذات الأولوية القصوى.

وقال المتحدث باسم الوزارة خالد شمال في حوار متلفز، إن “العراق يعاني شح مياه وليس ندرة، والوعد التركي بإطلاقات مائية جديدة لم يتحقق”.

وأضاف، أن “70% من المياه العراقية تأتي من الخارج”، مبينا أن “تركيا أنشأت عشرات السدود خلال السنوات الماضية وتحتجز 100 مليار متر مكعب حيث إن كميات المياه المخزونة في تركيا كانت تتدفق سابقاً إلى العراق، كما أن لدينا عشرات الأنهر المشتركة مع إيران”.

وتابع، أن ”تكاليف إنشاء السدود عالية ويحتاج وقتا طويلا، ونخطط لإنشاء 36 سدا لحصاد المياه”.

وعن التجاوزات المائية، بيّن شمال أن “أغلب التجاوزات تتركز في مناطق شمال بغداد، والقضاء شدد الإجراءات على جميع المتجاوزين على المياه”، لافتاً إلى أن “الأمن المائي ضمن مقومات الأمن القومي، وينبغي الضغط على دول الجوار”.

واستطرد: “إجازة البحيرات تصدر من وزارة الزراعة بتأييد وزارة الموارد”، لافتا إلى أن “أكثر من 90% من ملوثي الأنهار هي مؤسسات حكومية، ودوائر الصحة والمجاري هما الأكثر تلويثا للأنهار”.

إلى ذلك، قال القيادي في حزب تقدم علي الغريري، إن “الفلاح الذي كان يحصل على دخل جيد، أصبح يبحث عن راتب الرعاية الاجتماعية، وهناك مناشدات متكررة من الفلاحين بشأن شح المياه”.

وأضاف، “لا توجد عدالة في توزيع الحصص المائية جنوبي بغداد، حيث أن الإطلاقات المائية في جنوب بغداد ضعيفة جدا”.

وأشار إلى أن “هناك خرقا للسيادة المائية العراقية من دول الجوار، كما أن هناك تجاوزات وهدر في المياه واستحداث عشوائي للفتحات في الأنهر، واللجوء إلى تجريف الأراضي حدث بسبب الشح المائي”.

وانتقد الغريري “النواب السابقين الذين انشغلوا بملفات بسيطة تمثلت بالمحولات والتبليط، في حين إنشاء المشاريع الاستراتيجية والمصانع، لم تكن من أولويات الكثير من النواب”، مشيرا إلى أنه “أصبح هناك ما يعرف بـ(نواب التبليط) انشغلوا بإكساء الشوارع فقط”.

ويعد تلوث المياه على رأس الأزمات البيئية في العراق منذ سنوات، ويحمل تداعيات خطيرة على الزراعة والصحة العامة وسلامة التربة في بلاد ما بين النهرين التي كانت تؤمن لقرون حاجاتها الغذائية وتصدر منتجاتها للدول القريبة.

وترجع أسباب تصاعد التلوث الى ما حمله التغير المناخي من تراجع في الهطولات المطرية وارتفاع بدرجات الحرارة وتصاعد في العواصف الغبارية، بينما تتمثل الأسباب الأخرى في السياسات المائية لدول الجوار والإدارة غير المستدامة للموارد المائية محلياً، الى جانب تزايد مصادر التلوث الداخلي من مخلفات المنشآت النفطية ومياه الصرف غير المعالجة.

وشهدت الاطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات النابعين من تركيا تراجعا بنسبة 80% في العام الأخير، بينما قطعت إيران غالبية الجداول والأنهر العابرة من أراضيها والتي تغذي نهر دجلة في العراق.

وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الموارد المائيّة، يوم أمس الاثنين، عن تحركات دبلوماسية جديدة مع الجانب التركي، بهدف زيادة كميات المياه المطلقة عبر نهري دجلة والفرات، نافية الوزارة ما يتداول حول إيقاف تركيا للإطلاقات المائية باتجاه العراق.

وكان وزير الخارجية فؤاد حسين، قد بحث في 25 آب الماضي، مع نظيره التركي هاكان فيدان، ملفي النفط والمياه، وذلك على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

ولم يفلح العراق منذ منتصف القرن الماضي بوضع حلول نهائية لأزمة المياه المتكررة، حتى باتت ورقة ضغط بيد دول المنبع، وتحديدا تركيا، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية عبر التحكم بتدفق المياه إلى البلاد.

وكانت النائبة عن كتلة تيار الفراتين رقية النوري، قد كشفت في 7 آب الماضي، عن نزوح 24,500 عائلة داخل العراق بسبب الجفاف والتغيير المناخي، مشيرة إلى أن الحكومة وضعت 6 معالجات لتقليل موجة النزوح في الجنوب.

وتُعد مناطق الجنوب والفرات الأوسط الأكثر تضررا، حيث بدأت تظهر تداعيات الجفاف بشكل واضح من خلال الهجرة القسرية للسكان، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتهديد مصادر مياه الشرب.

وكشفت لجنة الزراعة والمياه النيابية، في 23 حزيران الماضي، عن تراجع الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات إلى مستوى دون 50%، فضلا عن انخفاض الخزين المائي في السدود الى النصف ايضا، داعية رئيس الوزراء، محمد السوداني لتفعيل الورقة التجارية للضغط على تركيا.

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة البنك الدولي، أنه بحلول العام 2040، سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار، كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا، فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخضر وشامل، أي ما يساوي نسبة 6 بالمئة من ناتجه الإجمالي المحلي سنويا.

وبحلول نهاية القرن، من المرجح أن تنخفض مستويات المياه في نهري دجلة والفرات بنسبة لا تقل عن 30 في المئة وحتى 70 في المئة، مما يستلزم التخطيط بعيد المدى لإدارة الموارد، وخاصة في المناطق الزراعية.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!