في منطقة "أل جويبر" بناحية الطار التابعة لقضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار تسكن في المزارع والبساتين والهور عشيرة آل جويبر الخاقانية, والتي كان لها دورا بطوليا جهاديا ضد المحتلين الانكليز في الارض والماء, ومنها مهاجمة إحدى السفن البريطانية المارة بنهر الفرات في تلك المنطقة, وأسر قائدها الذي يحمل رتبة ميجر, وقتل عدد من الجنود البريطانيين، كما حاربت حكم زمرة البعث الدموي, وشهدت معارك طاحنة مع القوات الصدامية, حتى استخدم المجرم صدام الدبابات والطائرات في ضرب بيوت عشيرة ال جويبر, ولبى انباء العشيرة فتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها المرجع السيد "علي السيستاني" للتصدي لعصابات "داعش" الإرهابية، وقدمت الاف الشهداء، ومع هذا التاريخ البطولي تشهد مضائف هذه العشيرة ما تقدمه من كرم وبذل وعطاء، اما في خدمة الحسين (عليه السلام) فتستنفر العشيرة جهود كل ابنائها من الشيوخ والرجال والشباب والنساء والاطفال ليقدموا نفس ما تقدمه المضائف للضيف وتفتح جميع بيوتهم للمبيت والخدمة.
قصف الطائرات والدبابات
جلست السيدة" حميدة ام ليث" تحيط بها مجموعة من السيدات والفتيات والبنات الصغيرات يصنعن "شنك العجين" ويفتحن جسد السمك لاعداد طعام الغداء للزائرين "السمك، والخبز الحار، والبصل، والطماطة، واوضحت لوكالة نون الخبرية ان" نساء ورجال العشيرة باشروا بالخدمة الحسينية بعد سقوط النظام الدكتاتوري مباشرة حيث كانت مناسبة الاربعينية قريبة، في بيوتنا الشخصية وليس في مواكب الخدمة، وبلا فخر فإن عشيرتنا لم تنقطع عن خدمة الحسين (عليه السلام)، ودأبت على اقامة الشعائر الحسينية حتى في زمن المنع وقتال رجالنا مع ازلام السلطة، وقد احرقوا الكثير من بيوتنا عندما كنا نطبخ للحسين، حيث كانوا يتجسسون علينا ويختبئون بين النخيل والزرع لإلحاق الاذى بنا، وبعد سقوط الطاغية المقبور ونظامه انطلقت الملايين من اهالي البصرة واقضية ذي قار الى كربلاء المقدسة فهرع ابناء العشيرة لتقديم خدمات الطعام والشراب مما يخزنون من "الحصة التموينية"، وما نربيه من الدجاج او الغنم، وما نصيده من اسماك وانفقوا ما في جيوبهم من اموال لتوفير الزاد للسائرين، وفتحوا بيوتهم لإيوائهم ومبيتهم"، مشددة بالقول " يا ما غسلن هذني ايديه هدوم الزوار"، ولاننا بنات عشائر ومضائف لا نعجز عن اعداد الطعام للزائرين، بل هناك من يأتي بعد منتصف الليل بساعات وما ان يقول انه جائع حتى ننهض ونعد له الطعام، ولا نستقبل ضيوفنا في "البراني" او "المضيف بل في اغلب غرف البيت ونبقى في مساحة قليلة لنحتجب عن الزائرين، اما النساء فكنا نستضيفهن معنا داخل بيوتنا كأخواتنا، ومنذ مئات السنين نحن هنا في بيوتنا نخدم الزائرين ورغم قصف الطاغية لبيوتنا بالطائرات والمدافع الا اننا بقينا نخدم ونستضيف الزوار في بيوتنا وزال الظالم ونظامه الدكتاتوري".
جميع البيوت
واشارت الى ان "جميع بيوت العشيرة في آل جويبر تفتح ابوابها وتستقبل الزائرين للمبيت او الاستراحة او النوم لساعات، اما هذا الموكب فكانت بداياته في منطقة اخرى قريبة ويشرف عليه والدنا عندما كان على قيد الحياة مع رجال العشيرة دون النساء اللواتي يتكفلن بالخدمة للزوار عند المبيت، وبعد نصب الجسر الحديدي الصغير منذ ثلاث سنوات امام منازلنا نصبنا الموكب هنا بثلاث خيم وباشرنا نساء ورجال نخدم في الموكب، وهذا الحشد من النساء الخادمات لزوار الحسين هن من الاقارب والجيران ويصل عددهن الى (15) إمرأة مع البنات الصغيرات والصبيات والشابات، ونقدم في الافطار البيض المقلي، والمخلمة، والدهن الحر، وقيمر العرب، والحليب من الجاموس الذي نربيه، والشاي، وشوربة العدس، وفي وجبة الغداء نقدم السمك، واللحم، والدجاج، مع الرز والمرق، وكباب اللحم المشوي، مع الخبز الحار الذي نصنعه بايدينا، وفي وجبة العشاء نقدم الرز مع "الروبة"، والدجاج المشوي، والنواشف، وبينهما العصائر، والشاي، والكعك، والمرطبات، وتستمر الوجبات الى وقت متأخر من الليل او حتى الى الفجر، وحاليا نبدأ بتقديم الخدمة من العصر الى ساعات الصباح الاولى، ونحن الى الآن نطعم الزوار مرتين بمكانين في وجبات عدة، مرة في خط سيرهم بشوارع المنطقة، وأخرى في بيوتنا عند مبيتهم او استراحتهم، اما الزائرات فخدمتهن اكثر من الرجال حيث نطعمهن ونقدم لهن خدمات الاطعام، والاغتسال، وغسل ملابسهن، والمبيت، ورعاية الاطفال، بل نهديهن ملابس وجواريب وكفوف يد، لاننا نذرنا انفسنا وكل ما نملك للامام الحسين (عليه السلام)، اما في هذه الايام وتحول المسير الى الليل فالضيافة تكون لمن يأتي للنوم صباحا الى العصر، وتجتمع حوالي (500) بيت لتقديم مختلف انواع الخدمات للزوار، وتحرص جميع عائلات العشيرة على اشراك الابناء والبنات منذ نعومة اظفارهم على تقديم الخدمة واحياء الشعائر الحسينية وارتداء السواد، ونتوارثها جيلا بعد جيل، بل ونصحبهم معنا الى زيارة مراقد الائمة الاطهار في العراق والدول الاخرى، ونستمر بتقديم الخدمات من (28) محرم الى السابع من صفر، بمعدل عشرة ايام ليلا ونهارا، ولدينا الكثير من الاصدقاء من العائلات والزائرين يأتون كل عام ليبيتوا عندنا، ونوفر مبالغ الخدمة من رواتبنا التقاعدية ونوفر منها خلال عام كامل مبلغ محدد كل شهر كما يساهم معنا الرجال بمبالغ ايضا محدودة ولكن بركات سيد الشهداء تجعلها اضعافا مضاعفة".















قاسم الحلفي ــ ذي قار
تصوير ــ عمار الخالدي
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!