لم يحظ العراقيون، بهواء نقي غير ملوّث، منذ أكثر من ثلاثة عقود لأسباب كثيرة، بدأت بالحروب والفوضى ولم تنتهي برائحة الكبريت وحرق النفايات التي أصبحت ظاهرة تهدّد حياة الناس ووضعهم الصحي، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح.
إذ كشفت لجنة الخدمات والاعمار النيابية، اليوم الأربعاء، عن وجود مقترحات عديدة لادارة النفايات في البلاد، فيما كشفت عن أرقام مهولة لكميات النفايات المطروحة في العراق.
يشار إلى أن خمس حكومات متعاقبة قد تعهدت بمعالجة أزمة النفايات التي باتت مشكلة خطيرة تهدد حياة الكثير من العراقيين، إلا أنه لم يتم تحقيق أي شئ يذكر على أرض الواقع.
وقال عضو اللجنة، حيدر شيخان، إن “اللجنة لديها عدة مقترحات بشأن إدارة قطاع النفايات، وتتضمن تطوير برامج إدارة النفايات والاقتصاد الدوار لتعزيز الابتكار والتدريب، والبحث والتطوير والاستثمار، والعمل على إنشاء مواقع معالجة وطمر النفايات الخطرة وزيادة فرص الاستثمار وإيجاد عائد اقتصادي منها”.
وأشار إلى أن “اللجنة اقترحت تطوير البنية التحتية للنفايات الصلبة البلدية وإنشاء مواقع طمر النفايات الصحية للحد من التلوث وتعزيز إعادة التدوير، ووضع خارطة طريق مشتركة بين القطاعين العام والخاص للحد من استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على المستويين المنزلي والتجاري، وإجراء تقييم السوق ودراسة الجدوى لتحديد المشاريع، والبرامج المحتملة لاتثمار النفايات العضوية”.
وأكد على، “ضرورة تطوير دراسة أساسية وخارطة طريق للانتقال نحو الوظائف الخضراء في قطاع النفايات، ووضع وتنفيذ سياسة وأنظمة وطنية لإدارة نفايات البناء والهدم، وتصميم وتنفيذ حملات توعية وطنية حول إدارة النفايات”.
وأوضح شيخان، أن “عدد مؤسسات الخدمة البلدية في العراق ارتفع عام 2020 ليصل إلى (256) مؤسسة، مقارنة بخط الأساس عام 2017 الذي بلغ فيه عدد المؤسسات (251)، وبذلك فقد بلغت النسبة المئوية للمخدومين بجمع النفايات البلدية (61.9 %) و(64.6 %) في المناطق الريفية، و(87.7 %) و(89.9 %) في المناطق الحضرية للسنوات (2017) و (2020) على التوالي”، وفقاً لصحيفة الصباح الرسمية.
وتابع، أن “معدل كمية النفايات المتولدة لكل فرد بلغ ما يقرب من (1.5) كغم باليوم، بزيادة مقدارها (25 %) في عام (2020) عن سنة الأساس (2017)، وتشير الإحصاءات إلى أن كمية النفايات الاعتيادية التي تم رفعها ونقلها إلى مواقع الطمر الصحي كانت بحدود (20.37) و(19.7) مليون طن سنوياً خلال عامي (2017) و(2020) على التوالي”.
وبين ان “الطمر في المواقع غير الحاصلة على الموافقات البيئية أكثر الأساليب المعتمدة في التخلص من النفايات البلدية، وتشكل المواقع الحاصلة على الموافقة البيئية ما نسبته 28 % من إجمالي عدد مواقع الطمر الصحي، أما المحطات التحويلية فقد بلغ إجمالي عددها 87 محطة تحويلية منتشرة في جميع محافظات العراق، 14 منها فقط حاصلة على موافقة بيئية”.
ونوه عضو اللجنة، بأنه “يوجد في العراق بحسب إحصاءات 2020 معملان لفرز وتدوير النفايات، حيث تشير البيانات إلى تدوير 11 ألفا و495 طنا من النفايات الاعتيادية خلال عام 2020، ما يشكل نسبة ضئيلة جداً عند مقارنته بما تم نقله لمواقع الطمر (19.7) مليون طن”.
ومنذ أكثر من إسبوع هيمنت رائحة الكبريت الكريهة المصاحبة بدخان كثيف على أجواء العاصمة بغداد وضواحيها منذ الليل وحتى ساعات الفجر الأولى، مما أثار حالة من الذعر بين المواطنين حول أسبابها، فيما أكد مختصون بالشأن البيئي أن هذه الرائحة تعود لسكون الرياح واحتباس ملوثات المصانع والمولدات والسيارات والحرائق العشوائية.
وأقر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الثلاثاء، بالممارسات الحكومية الخاطئة في التعامل مع التلوث، كاشفا عن إجراءات شاملة لمواجهة التلوث وتحسين البيئة في العاصمة بغداد.
وتغطي النفايات مساحات كبيرة في مختلف المحافظات العراقية مما يجعلها عرضة للحرق من قبل المواطنين للتخلّص منها ومن الروائح الكريهة المنبعثة منها، الأمر الذي يتسبّب في تصاعد الأبخرة السامة في تلك المناطق، وبالتالي في اختناقات بين السكان.
وكان موقع IQAir المتخصص بمراقبة جودة الهواء العالمية أفاد ، في 12 تشرين الأول الجاري، بأن العاصمة العراقية بغداد تصدرت قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم، مبينا أن مستويات التلوث ببغداد قد تجاوزت مدن مثل لاهور في باكستان، القاهرة في مصر، ودلهي في الهند، التي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها.
يذكر أن هناك العديد من مشاريع إنشاء معامل لإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى مواد صالحة للاستخدام، مثل الأسمدة أو فرز المواد الصلبة فيها، قد طرحت خلال الأعوام الماضية، لكن في العام 2014 وبسبب الأزمة المالية والحرب على تنظيم داعش توقفت أغلبها، ما دفع أمانة بغداد إلى طمرها بالطرق التقليدية.
ويطرح العراق 23 مليون طن من النفايات يومياً، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث تدفع البلاد ثمنا باهظا لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.
أقرأ ايضاً
- بينها الغرامة.. مهلة لمربي المواشي للإخلاء وإجراءات صارمة للمخالفين بميسان
- إحباط تهريب 100 كيلوغرام من "الكبتاجون" بعملية مشتركة بين بغداد وأربيل
- نشاط الليل يخنق سكان بغداد.. البيئة: بعض مواقع الطمر وحرق النفايات أعادت نشاطها