في الوقت الذي تشهد بيئة العراق تلوثا في المجالات كافة حتى باتت تشكل أزمة تعجز المحاولات الحكومية وغير الحكومية عن حلها، يستنشق سكان العاصمة بغداد لمرات عدة غاز الكبريت، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول الأسباب وراء ذلك.
وفي هذا الإطار، عزا الراصد الجوي صادق عطية، اليوم الثلاثاء، أسباب انتشار رائحة الكبريت في سماء بغداد وبعض المدن إلى معامل الطابوق واستخدمها للوسائل البدائية المضرة للبيئة وحرق النفايات.
يشار إلى أن استنشاق ثاني أكسيد الكبريت يزيد من خطر التّعرّض لمشاكل صحيّة كالسّكتة الدّماغيّة وأمراض القلب والرّبو وسرطان الرّئة والوفاة المبكّرة، كما أنّه يؤدّي إلى صعوبة في التنّفس وخاصّةً للذين يعانون من حالات مزمنة.
وقال عطية في منشور على حسابه الشخصي بمنصة “فيس بوك”، إنه “مع تحول الرياح جنوبية شرقية وسكونها، تنتشر على فترات رائحة كبريت كريهة في أجواء العاصمة”، مبينا ان “سببها الرئيس هو تواجد معامل الطابوق جنوب وشرق بغداد وتلك المنتشرة في مناطق عشوائية في مدن الفرات الأوسط والجنوب والتي تستخدم الوسائل البدائية الضارة للبيئة في صناعاتها”.
وأضاف، أن “السبب الاخر هو حرق النفايات بصورة عشوائية، إضافة إلى تواجد مصفى الدورة جنوب بغداد”.
وتابع: “كما يحدث أحيانا هبوط الدخان البركاني الناتج عن نشاط احد البراكين جنوب أوروبا مثلا”، مستدركا بالقول “وهذا لا يحدث دائما ويشمل عموم منطقتنا”.
وانتشرت رائحة الكبريت، ليلة أمس، في أجواء العاصمة التي تعيش وضعا مضطربا بسبب أحداث المنطقة واحتمالية استهداف العراق في الحرب الدائرة بين لبنان وإيران، ما جعل الشائعات والتكهنات تتواتر على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أسباب هذه الانبعاثات.
وكان مجلس بغداد قد رفع في 23 أيلول الماضي، توصيات بضرورة إخراج معامل الطابوق الى خارج العاصمة بغداد وتكون بمناطق بعيدة جدا عن الاحياء السكنية، كذلك الطلب من وزارتي الصحة والبيئة، بوضع فلاتر وعوامل أخرى تحددها هذه الوزارتين على أصحاب المعامل، لمنع انتشار مثل تلك الروائح، التي فيها مخاطر صحية كبيرة وخطيرة على صحة المواطنين، فهي تسبب الكثير من الأمراض.
يشار إلى أن العديد من المختصين حذروا من تراكمات ولدت التلوث الحاصل في العراق وهي تتعلق بملف شح المياه والتصحر الذي تتمكن الحكومات من طرح حلول واقعية بشكل مقنع لمعالجته، وإلى جانب ذلك تأتي النشاطات العسكرية شمالا وغربا والتي أثرت وتؤثر بشكل مستمر على صحة الإنسان وبيئته.
وأكد الخبير البيئي، أحمد صالح نعمة، في تصريح صحفي سابق، أن “العراق لا يزال من البلدان المتراجعة في مجال الثقافة البيئية، إذ لم تشع هذه الثقافة بشكل كاف، على الرغم من وجود بعض المفاهيم عن البيئة في مناهج دراسية معدودة”، مبينا أن “العراق فقد التربية البيئية أو الزراعية خلال الـ40 سنة الماضية، إذ أصبح المجتمع خاليا من إحدى أهم الثقافات التي تتعلق بحياة الإنسان والكائنات الأخرى”.
الجدير بالذكر أن هناك أكثر من 30 ألف مصاب بالسرطان يتلقون العلاج حالياً في العراق، يعانون من نقص كبير في الأجهزة الخاصة بمعالجتهم، في ظل التلوث البيئي بثنائي أكسيد الكربون، وانبعاث غاز الميثان المصاحب للاحتراق الجزئي للغاز عند استخراج النفط، فضلاً عن ارتفاع نسب التلوّث والسموم في داخل المياه، وتلوّث التربة.
ووفقا لآخر مسح عالمي أطلقته شركة IQAir السويسرية المختصة بتصنيع أجهزة تنقية الهواء العام 2023، فقد حل العراق بالمرتبة الثانية كأكثر دول العالم تلوثا حيث تدهورت جودة الهواء إلى 80.1 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 ميكروغراما في العام 2021.
وبحسب المسح، حلت العاصمة بغداد بالمرتبة 13 بين أكثر المدن تلوثا في العالم حيث تدهورت جودة الهواء إلى 86.7 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 ميكروغراما، كما سجلت مدينة أربيل نسبة تلوث بـ34 ميكروغراما من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب وهي بذلك تعد بتقييم المتوسط لجودة الهواء فيها.
أقرأ ايضاً
- "لن نغادر إلا للسماء".. فلسطينيون يرفضون التهجير من شمال غزة
- بعد زيارته لبغداد.. هل يسحب بارزاني البساط من الاتحاد الوطني؟
- عقارات بغداد.. سوق للأثرياء وحلم للفقراء