تعاني معظم الأجهزة الحكومية تضخما وترهلا وظيفيا قد يصل إلى أن ثلث موظفيها يمكن الاستغناء عنهم دون أن يتأثر العمل، الأمر الذي عرقل عمليات الإنتاج في الغالب، وسبب إرهاقا لخزينة الدولة، من دون تحقيق مردودات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها.
وفي هذا الإطار، كشف عضو لجنة الاقتصاد النيابية، موفق حسين، عن وجود ترهل وظيفي كبير داخل وزارة الصناعة والمعادن العراقية، لافتاً إلى أن 66 ألف موظف في الوزارة لا يعملون.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي بدأت الصناعة العراقية بالاندثار بسبب الحصار الدولي الذي أطاح باقتصاد الدولة، ما أدى إلى انتكاسة خطيرة انعكست آثارها على المصانع والمعامل والورش وتضاءلت فرص الإنتاج إلى حد كبير لتصل إلى مرحلة الكساد التام في العام 2003، حيث تم فتح أبواب الاستيراد على مصراعيها، إلا أن مختصين يؤكدون أن هناك إرادة سياسية تتعمد تعطيل الإنتاج المحلي.
إذ ذكر حسين، في تصريح صحافي، أن “هيكلية وزارة الصناعة والمعادن، قديمة لذا فإن المعامل والمصانع في الوزارة قديمة جداً حيث أن أحدث معمل يرجع تاريخة إلى ثمانينيات القرن الماضي، وبالتالي فإن المعامل والمصانع في الوزارة لا تستطيع أن تنافس المنتجات المستوردة”.
وأضاف أن “النهوض بالواقع الاقتصادي والصناعي بالعراق يحتاج إلى قرارات وإرادة سياسية حقيقية لمعالجة المشكلات في وزارة الصناعة من حيث الهيكلة وتحديث المعامل والمصانع”.
وأشار حسين، إلى أن “هناك 106 آلاف موظف في وزارة الصناعة، وحسب كلام وزير الصناعة، فإن 40 ألف موظف فعلي من إجمالي 106 آلاف، أما الموظفين الآخرين والبالغ عددهم 66 ألفاً فلا يعملون وبدون إنتاج، وهذا نوع من البطالة المقنعة في الحكومة”.
وأوضح أن “معالجة التضخم الوظيفي، يحتاج إلى خطة وإرادة سياسية حقيقية لإعادة هيكلة المصانع والمعامل، وتحقيق المنفعة الفعلية للموظفين”.
يشار إلى أن إنتاجية الموظف في العراق لا تتجاوز الـ17 دقيقة يوميا، في ظل حاجة العراق إلى قانون لتنظيم العطل الرسمية التي تتسبب بهدر الوقت وتحول دون الإنتاج والتطور.
وأجلت الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين، النظر إلى مشكلات التنمية البشريَّة في القطاع الخاص، ولجأت إلى حركة توظيف في القطاع العام، لتصبح الوظيفة الحكومية “حلم الشاب وغايته”، لتتراكم هذه المشكلات وتتضافر حتى باتت عبئاً ثقيلاً على الموازنات المتتابعة مهما كانت انفجارية استثمارياً.
وأظهرت حسابات وزارة المالية، في 18 تموز الماضي، ارتفاع النفقات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بنسبة 12% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب الرواتب والترهل الوظيفي.
ووفقا قانون الموازنات العامة الاتحادية للسنوات 2023، و2024، و2025، يبلغ عدد الموظفين في العراق أربعة ملايين و74 ألفا و697 موظفاً وموظفة، وحدد القانون نفسه عدد موظفي إقليم كردستان بـ658 ألفا و189 موظفاً وموظفة.
وتتجسد في بعض مؤسسات الدولة مشاهد درامية متكررة بسبب أعداد الموظفين الكثيرة، حيث أن بعض الموظفين لا يجدون مكانا يجلسون فيه، وآخرون يتناوبون على الجلوس، يضطر بعضهم إلى شراء المقاعد وجلبها للمؤسسة بعد تدوين أسمائهم عليها كي لا يشغلها سواهم.
ويعود إقبال المواطنين على الوظائف الحكومية، بحسب معنيين، لأسباب عديدة، منها تفشي البطالة وعدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص أو قانون ينظم عمله، إضافة إلى الراتب التقاعدي الذي تضمنه الحكومة للموظفين، والرواتب المجزية التي كان يتقاضاها الموظفون.
يشار إلى أن 9.5 ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على الدولة بصورة مباشرة (موظفون ومتقاعدون وذوو الرعاية الاجتماعية)، وهو ما قد يشكل نسبة 23% من سكان العراق الذي تقدر وزارة التخطيط عدد سكانه بنحو 42 مليون نسمة.
يشار إلى أن معامل الفوسفات والأسمدة والطابوق والمعجون والأدوية، كلها متوقفة أو شبه متوقفة، رغم أنها متداخلة بالقطاع الزراعي والصناعي.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- شواغر وزارة التربية من ملاكاتها العاملة بالتعداد السكاني تبلغ 51 ألفاً
- وزارة الصحة اللبنانية: 3645 شهيدا و 15355 جريحا منذ بدء العدوان
- يقيمون خارج البلاد.. أكثر من مليوني عراقي مستبعدون من التعداد