لم تعد الأهوار أهوارا، بل أصبحت أرضا جدباء تعاني من ندوب سنوات من الجفاف والحر القائظ إذ تصل درجات حرارة منتصف النهار إلى أكثر من 50 درجة مئوية، حيث بدأت تداعيات الجفاف تظهر بشكل جلي، وتحولت إلى أزمة مركبة وخطيرة، تتمثل بنزوح المزارعين وهجرة مربي الجاموس ونفوق أعداد كبيرة من الأسماك، ما يضع الجهات الرسمية والمختصة والأمنية أمام مهمة صعبة.
وفي تطور جديد، كشف النائب ثائر الجبوري، اليوم الاثنين، عن حراك نيابي يسمى بـ”الخطة الخضراء” لإنعاش 22 منطقة في الاهوار العراقية.
يشار إلى أن غالبية مناطق الأهوار حالياً شبه خالية من السكان، بينما كانت الحياة فيها قبل سنوات قليلة مزدهرة، سواء القطاع السياحي، أو صيد الأسماك والطيور، أو تربية المواشي، حيث تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى أراض قاحلة.
ووصلت المساحة المغمورة للاهوار العراقية قبل الجفاف الاخير قرابة 4500 كم مربع، في حين تراجعت مؤخرا لتصل الى اقل من 1400 كم مربع، بحسب الإحصائيات الرسمية.
وقال الجبوري في تصريح صحافي، إن “الأهوار تشكل بيئة استثنائية موجودة في العراق منذ آلاف السنين وهي تشكل مأوى لعشرات الآلاف من الاهالي في عدة محافظات”.
واضاف ان “هذا المأوى في وضع صعب بسبب مواسم الجفاف المتكررة وتاثيرها على الزراعة والصيد وتربية الحيوانات مثل الجاموس وغيرها”.
وأوضح أن “هناك حراكا لبلورة خطة انعاش مستدامة لملف بيئة الاهوار ستشمل 22 منطقة على الأقل من خلال التعاون بين مختلف المنظمات الدولية والعراقية التي تضم خبراء لوضع مسارات خارطة طريق تضمن معالجة بيئية لازمات الاهوار العراقية خاصة في ملف المياه”.
وأشار الجبوري إلى أن “هذا الحراك المسمى الخطة الخضراء سيكون وفق برنامج عمل علمي يضمن معالجة أزمات سكان الاهوار والحفاظ على التنوع بالحياة الطبيعية وفتح نوافذ السياحة خاصة أنها تشكل مواقع فريدة من نوعها على مستوى الشرق الاوسط”.
وشهدت الاهوار العراقية العام الماضي، اقسى موسم جفاف منذ إعادة اغمارها بالمياه من جديد بعد عام 2003، بحسب الخبير البيئي جاسم الاسدي.
وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.
وأصبحت تربية الجاموس “عبء” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 ألف.
ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.
ورصدت المنظمة من منتصف أيلول 2023 نزوح أكثر من 21 ألفا و700 عائلة بواقع 130 ألفا و788 فردا، أغلبهم من المحافظات الجنوبية، وما تزال هذه المناطق في حالة نزوح بسبب حالات التغير المناخي، وكانت ذي قار الأكبر عددا بحالات النزوح إذ وصل عددهم إلى 7890 عائلة، تليها ميسان، ومن ثم النجف.
ومع حلول كل فصل صيف تضرب الأهوار والأراضي الزراعية أزمة مائية تؤدي إلى انحسار مساحات كبيرة في الأهوار وتقليص الخطط الزراعية بسبب شح المياه الواصلة إلى البلاد من دول المنبع، وأحيانا تبلغ الأزمة ذروتها في بعض المحافظات وتؤثر سلبا على تغذية محطات مياه الشرب بالكميات الكافية لانخفاض مناسيب الأنهار المغذية لها وتحولها إلى ضحلة يعصب تنقيتها.
أقرأ ايضاً
- العراق في المرتبة الرابعة عربياً بعمالة الأطفال وتحذير من تنامي ظاهرة "خطيرة"
- القضاء العراقي يوجه بفرض عقوبات رادعة للحد من ظاهرة الربا
- جنايات صلاح الدين: الإعدام والمؤبد بحق إرهابي ينتمي إلى عصابات داعش