تشهد تجارة الماء المصفى والمعقم، انتعاشاً كبيراً في الأسواق العراقية، وفي كربلاء يشتري أغلب المواطنين ماء الشرب من المعامل المحلية (RO)، أو المعبأة في القناني البلاستيكية التي تتنوع علاماتها التجارية وتسميتها، ويتجه نسبة كبيرة من المصابين بأمراض الكلى والمسالك البولية والأطفال حديثي الولادة للنوع الثاني من المياه بحسب توصيات الأطباء، ويقول المواطن بركات علي حمودي في حديث لوكالة نون الخبرية، إن "المريض كالغريق الذي يبحث عن منقذ، وتوصيات الأطباء دفعتنا لشراء ماء القناني البلاستيكية كونه يحظى بعناية وتصفية دقيقة لكن المفاجأة أغلب الأسواق تعرض وتخزن المياه تحت أشعة شمس العراق الحارقة، وبحسب اطلاعنا على النصائح والإرشادات التي تنشر عبر المواقع الإلكترونية نجد تحذيرات من شرب المياه المعرضة لأشعة الشمس المباشرة كونها تسبب أمراض سرطانية، لنبقى كمرضى مخيرين بين أمرين أحلاهما مر"، متسائلاً "هل نهرب من أمراض الكلى والمسالك البولية لنقع ضحايا السرطان بحسب ما نقراه من بحوث على شبكات الانترنيت؟".
على صعيد متصل، يقول احمد هشام -والد طفل حديث الولادة-، لوكالة نون الخبرية ان "عملية شراء الماء تستغرق تحري ومتابعة للحصول على مياه معبأة بالقناني البلاستيكية خاصة بالأطفال ومخزونة بطريقة نظامية، فمن خلال التجربة وجدت أكثر من مرة طعم في الماء بسبب سوء التخزين ولو كان سوء التخزين حالة فردية لقدمت شكوى لكنها حالة شبه عامة، والأمر الذي يثير الاستغراب وجود قانون الصحة العامة وجهات رقابية خاصة لمتابعة هذه الحالات لكن الظاهرة منتشرة، والمحال التجارية تخزن المياه على الرصيف تحت أشعة الشمس، وهذا يبّيَن عدم الالتزام بالتعليمات الصحية، أو ربما الغرامات والعقوبات المفروضة لا تشكل حاجز لدى أصحاب الأسواق".
داعياً المواطنين إلى "ضرورة التدقيق عند شراء الماء والأفضل مقاطعة المحال التي لا تخزن المياه بطريقة صحية، كون المتضرر الوحيد نحن المستهلكين، وإن لم يلتزموا بسبب الرقابة لا بد أن يلتزموا بسبب المقاطعة".
من جهته يؤكد مدير شعبة الرقابة الصحية في دائرة صحة كربلاء الدكتور ايهاب الموسوي، لوكالة نون الخبرية، أن "فرقنا الصحية تقوم بمتابعة خزن وعرض المواد الغذائية والمياه المعبأة بظروف غير صحية خارج وأمام محلاتهم، ويتم محاسبة المخالفين من خلال إتلاف المواد التالفة في حال ملاحظة وجود تغيرات حسية وفيزياوية على تلك المواد وفرض غرامات مالية وغلق المخالفين في حال تكرار المخالفة وفق قانون الصحة العامة".
ويوضح، أن "فرق الرقابة تقوم بسحب عينات من المواد المذكورة لغرض بيان صلاحيتها للاستهلاك البشري ومن ثم إتلافها إن ظهر فشلها مختبرياً، وفي حالات تكرار المخالفة هناك غرامات ومدة غلق مضاعفة وإحالة إلى المحاكم"، دون ذكر تفاصيل الغرامات والغلق.
هذا وحذرت وزارة الصحة في وقت سابق من الشهر الجاري، أصحاب المحال التجارية من عرض بضائعهم والمواد الغذائية والمشروبات على الأرصفة وتحت أشعة الشمس بشكل غير صحيح، مؤكدة أن عقوبات ستطال المخالفين، استناداً إلى المادة 96 من قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 ونظام الأغذية رقم 29 لسنة 1982 وتعديله رقم 4 لسنة 2011.
وأكدت الوزارة عبر بيان تلقته وكالة نون الخبرية، أن "عرض البضائع بهذه الطريقة يحمل مخاطر صحية على المواطنين، ويجب خزنها وعرضها في أماكن مطابقة للشروط الصحية وبما يؤمن استمرار صلاحيتها للاستهلاك البشري".
إلى ذلك كشف علماء صينيون عن خطر جديد للشرب من عبوات المياه البلاستيكية، خاصة في الأيام الحارة والمشمسة، وكانت دراسات سابقة قد حذرت من أن المواد الكيميائية المرتبطة بالاختلالات الهرمونية مثل "ثنائي الفينول أ"، من الممكن أن تتسرب من هذه العبوات البلاستيكية، إلا أن الدراسة الحديثة التي نشرت خلال شهر حزيران الماضي، حددت خطرا جديدا من هذه القارورات، خاصة عند تركها تحت أشعة الشمس.
وفي الدراسة المنشورة في مجلة "البيئة والصحة"، قام علماء من جامعة جينان الصينية، بتحليل خليط الغازات المنبعثة من 6 أنواع لعبوات المياه البلاستيكية، عندما تعرضت لأشعة الشمس وللأشعة فوق البنفسجية.
وتم الحصول على العبوات من دول مختلفة، وتضمنت مياه الينابيع والمياه المقطرة والمياه الارتوازية، وانبعث من العبوات مزيج معقد من المواد الكيميائية المختلفة، مع وجود تباين كبير بين أنواع المياه المختلفة، ومن بين هذه المواد الكيميائية العديدة التي تم اكتشافها، مادة "n-Hexadecane" الشديدة السمية والمسببة للسرطان، إلى جانب العديد من المواد المسرطنة المعروفة الأخرى. لكن لفتت الدراسة أيضا إلى أنه "بالنظر إلى الكتلة الصغيرة للزجاجة الواحدة، فإن تطاير هذه المركبات السامة المحتملة من قارورة فردية سيكون ضئيلا، وحتى بعد التعرض لفترات طويلة للشمس، فإن المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة باستنشاق المواد الكيميائية السامة عند فتح وشرب المياه المعبأة تبدو قابلة للتحكم".
ومع ذلك، فإن مثل هذه الأبحاث تضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة، على أن المياه المعبأة ليست خالية من التلوث.
وأكد مؤلفو الدراسة، أن فهم كيفية تأثير الظروف البيئية على المواد الكيميائية المنبعثة في المياه المعبأة، يمكن أن يساعد في توجيه الشركات المصنعة والهيئات التنظيمية لضمان سلامة المنتج، ودعم الصحة العامة.
ابراهيم الحبيب - كربلاء
أقرأ ايضاً
- تقصدها عوائلهم:مقبرة تجمع زوار الامام الحسين "الغرباء" ومن جنسيات غير عراقية في مكان واحد (فيديو)
- التعديل الوزاري.. حديث "غير جدي" مرهون بـ"الترضيات"
- بفوز بزشكيان.. هل تتغير خارطة العلاقات العراقية الإيرانية؟