لطالما كان تنويع الإيرادات في العراق يصطدم بـ“الهيمنة النفطية” والخطط “غير الجديرة” للحكومات المتعاقبة، فاعتماد الموازنة الكلي على النفط، يضع الحكومة على بساط من القلق الذي يسببه تقلب أسعار البترول في السوق العالمية، في ظل تدهور الزراعة والصناعة.
إلا أنه وفي تطور جديد، أعلنت مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية، اليوم الخميس، أنه ولأول مرة تسجل فيه إيرادات غير النفطية للدولة العراقية 11% من مجمل الإيرادات لتنخفض معها الإيرادات النفطية عن حاجز 90%.
إذ ذكر تقرير صادر عن المؤسسة، أن “الإيرادات غير النفطية للأشهر الخمسة الاولى من السنة الحالية سجلت مبلغا وقدره 6.24 ترليونات دينار عراقي، بينما سجلت الإيرادات النفطية لفترة نفسها من السنة الحالية مبلغا وقدره 48.4 ترليون دينار عراقي”.
ووفقا للتقرير، فإن “إيرادات الضرائب قد ارتفعت على الدخول والثروات بنسبة 118% ، كما ارتفعت إيرادات الضرائب السلعية ورسوم الانتاج بنسبة 285%”.
وأشار تقرير المؤسسة، إلى أن “إيرادات الرسوم قد ارتفعت بنسبة 50%، بينما ارتفعت الإيرادات النفطية بنسبة 6.4%”.
ويعد استمرار الدولة العراقية بالاعتماد على النفط كمصدر وحيد للموازنة العامة، أمرا خطرا في مواجهة الأزمات العالمية التي تحدث بين الحين والآخر لتأثر النفط بها، مما يجعل البلاد تتجه في كل مرة لتغطية العجز عبر الاستدانة من الخارج او الداخل وهو بذلك يشير إلى عدم القدرة على إدارة أموال الدولة بشكل فعال، والعجز عن إيجاد حلول تمويلية بديلة.
وكانت وزارة المالية أكدت في 10 حزيران الماضي، أن حجم الإيرادات في الموازنة الاتحادية خلال أربعة أشهر تجاوزت 42 تريليون دينار، مؤكدة بقاء مساهمة النفط في الموازنة بنحو 89%.
وبحسب جداول المالية فإن إيرادات النفط بلغت 38 تريليوناً وثلاثة مليارات و728 مليوناً و183 ألف دينار، وهي تشكل 89% من الموازنة العامة، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية أربعة تريليونات و698 ملياراً و785 مليوناً و9 آلاف دينار.
ورفعت شركة بي.إم.آي للأبحاث التابعة لفيتش سولويشنز توقعاتها لعجز ميزانية العراق في 2024 من 3.3% إلى 7% ما يرجع في الأساس إلى ضعف آفاق الإيرادات النفطية التي تمثل 93% من إجمالي الإيرادات الحكومية.
وكان المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أكد في تصريح سابق، أن “هناك هيمنة تاريخية للريع النفطي في مكونات موارد الموازنة العامة السنوية في البلاد، إذ مازالت عوائد النفط تشكّل قرابة 91 بالمئة من إجمالي الإيرادات الفعلية السنوية في الموازنات الحكومية لقاء 19 بالمئة للإيرادات غير النفطية، والسبب يعود إلى غلبة الاقتصاد الأحادي النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للعراق الذي يتراوح بين 50- 45 بالمئة من الناتج الإجمالي السنوي، في حين نجد أن تأثيرات إنفاق العوائد النفطية على دورة الحياة الاقتصادية تمتد إلى أكثر من 85 بالمئة من فاعلية النشاط الاقتصادي الكلي؛ الأهلي والعام في العراق”.
وأتم مجلس النواب العراقي، في 3 حزيران الماضي، التصويت على جداول قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 2024 والتي بلغت 228 ترليون دينار، بعدما حصدت موازنة العام الماضي 199 تريليون دينار، فيما وصفها مختصين بالـ”مجازفة” من الحكومة باقتصاد البلاد ووضعها المالي، لاسيما في حالة انهيار أسعار النفط، الذي تعتمد عليه كليا، كما حدث في أعوام سابقة.
ويعتمد العراق بنسبة كبيرة على بيع النفط الخام في تأمين إيراداته السنوية ودفع الرواتب وبقية المستحقات الأخرى، فيما يواجه قطاع الزراعة الذي كان يمثل أحد روافد الإيرادات في السابق، تدهورا كبيرا، ومنذ عام 2022، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- ارتفاع أسعار الدولار في العراق