بقلم: علي حسين
لا يوجد مواطن عراقي واحد يتردد أو يتقاعس عن حماية الوطن، عندما يتعرض للتهديد، سواء كان ناقماً على النظام السياسي أو يتمتع بخيراته، غير أن الواقع يقول لنا، بوضوح، أن استغفال الناس هو اللعبة التي أصبحت مفضلة لدى كل أحزابنا السياسية وأن البعض يريد أن يصادر الوطن، ويودعه في حساب حزبه.
منذ سنوات وهذه البلاد تدفع ثمن اللعب بالسياسة والامن وتفضيل المصالح الخاصة على مصلحة الوطن، ففي الوقت الذي تصمت فيه قوى سياسية وبرلمانية على توغل القوات التركية في الاراضي العراقية، وجدنا هذه القوى تستنفر كل طاقاتها للحديث عن المؤامرة الامبريالية وراء انشاء انبوب العقبة، فيما ذهب البعض الى اعتيار طريق التنمية طريق استعماري، وكان هناك من غضب وقال ان هناك محاولة للاستيلاء على العراق، فيما أخبرنا آخرون أن العدو الامبريالي يريد افلاس العراق، ولم يخبرنا المعترضون: من جعل من العراق بلداً على رأس قائمة الدول الفاشلة.
منذ أن قرر أردوغان أن يدس أنفه في العراق، وإصراره على أن قواته "قوّاتنا لن تخرج قبل تنفيذ مهمّاتها"، في ذلك الوقت بشرنا وإياكم وزير الخارجية إبراهيم الجعفري بعد حديث أردوغان بأسبوع واحد أن القوات التركية انسحبت بعد أن وجهت لها وزارة الخارجية العراقية رسالة شديدة طالبتها بان تعود إلى بلادها.
كان ذلك ربيع عام 2015، وستخبرنا تركيا أن إبراهيم الجعفري يحتاج إلى نظارة طبية جديدة لكي يرى جيداً أن القوات لا تزال تسرح وتمرح على الأراضي العراقية.. وذهب الربيع وجاء الصيف وعشنا خريفاً متقلباً، لنجد حيدر العبادي يخرج على العراقيين في شتاء 2015 وهو يقول إنه منح تركيا 48 ساعة لكي تسحب قواتها.. وإلا.. وهذه الـ"إلا" مضت عليها ستة أعوام لتبشرنا تركيا قبل يومين بأنها قررت أن تحط رحال قواتها بالعراق بشكل دائم ولهذا فإنها ستنشئ قاعدة عسكرية تركية في العراق، فهذه المنطقة -وأعني العراق- مهمة بالنسبة لتركيا مثلما أخبرنا وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو.
في الوقت نفسه نجد مجلس النواب مشغولا بالصراع بين جماعة تقدم وجماعة حسم، وبدلاً من أن يقدموا طلباً لمناقشة التدخل التركي، انشغلوا بتعداد عدد الاحزاب التي يمكن لها ان تشارك في الكعكة العراقية، ولا يهم ان يصبح لدينا 500 حزب وحزب !
ليس من دواعي الحظ أن تسمع أخبار العراق هذه الأيام، سوف تشاهد وتسمع النقيضين، خصوصاً إذا كنت تعاني من هواية متابعة الفضائيات، كم مرة في التاريخ يتسنى لنا أن نتسلّى على مثل هكذا تصريحات؟ لذلك ينام المواطن العراقي على صمت القوى السياسية تجاه العدوان التركي في العراق، ثم يصحو على بيان يهدد كل من تسول له نفسه الخروج في تظاهرة تطالب بالكهرباء .. عجبي !