تنفذ القوات التركية توغلا جديدا داخل الأراضي العراقية، وتحديدا في محافظة دهوك، حيث انتشرت قواتها في الطرقات، وبدأت بمساءلة المواطنين عن هوياتهم المدنية، فضلا عن قصف قرى المحافظة بشكل يومي ومستمر، ما اعتبره مسؤولون ومراقبون “احتلالا” يستدعي موقفا حازما من الحكومة الاتحادية، التي تلتزم الصمت حتى اللحظة، منتقدين في ذات الوقت غياب القوات الاتحادية عن هذه المناطق، ما سمح للقوات التركية بالتوغل دون أي رادع.
ويقول الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة جبار ياور، إن “القوات التركية متوغلة بعمق كبير جدا داخل الأراضي العراقية، وتوجد ما يقارب 70 قاعدة عسكرية وثكنة ثابتة ومتحركة فيها أسلحة متنوعة ثقيلة ومتوسطة وخفية، إضافة إلى أماكن لهبوط الطائرات وإنطلاق الطائرات المسيرة وغيرها”.
ويضيف ياور، أن “هناك مناطق حدودية لا تتواجد فيها أي من القوات العراقية، وهذه مناطق اشتباك شبه مستمر ما بين الجيش التركي وعناصر حزب العمال الكردستاني، ولذا فهناك صعوبة في السيطرة على تلك المناطق من قبل القوات العراقية، وهذه المناطق هي من تساعد القوات التركية في التوغل بشكل أعمق في الأراضي العراقية”.
ويتابع أن “عدم السيطرة على تلك المناطق من قبل القوات العراقية يعني استمرار توغل القوات التركية بشكل أكبر وأخطر، وهذا يتطلب موقفا حازما من قبل الحكومة العراقية الاتحادية، لأن هذا الملف سيادي واتحادي، وبالتأكيد حكومة الإقليم مستعدة للتعامل مع بغداد لمنع أي انتهاك لسيادة العراق أو تهديد أمنه واستقراره”.
وشهدت محافظة دهوك، يوم أمس الاول السبت، قصفا مكثفا، حيث تجدد 3 مرات على التوالي ما تسبب بأضرار في منازل المواطنين، وخاصة قضاء العمادية فيها.
وانتشرت القوات التركية، بشكل منسق في قرى قضاء أميدي بدهوك، يوم أمس الاحد، كما قصفت القوات التركية ناحية ديرلوك بالمحافظة، بشكل مكثف أيضا.
كما نزح أهالي قرية “دركةلا موسى بيك”، في بروارى بالا بمحافظة دهوك بعد تحذير القوات التركية باخلائها خلال 24 ساعة.
من جهته، يبين القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، أن “القوات التركية تسيطر على مناطق عراقية كبيرة جداً وهي مناطق تقدر بحجم بعض الدول الصغيرة، وهذه القوات تبني معسكرات كبيرة، وهذا ما يعني انها تخطط للبقاء لفترة طويلة”.
ويستطرد أن “تركيا لديها مشروع توسعي داخل العراق وقواتها تتوغل بشكل أكبر يوما بعد يوم، مقابل ذلك هناك صمت كبير من قبل حكومة الإقليم وكذلك الحكومة الاتحادية، وهذا يثير الاستغراب والمخاوف، وبنفس الوقت يدفع أنقرة لتوسع تواجدها في الأراضي العراقية بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة”.
ويشدد القيادي في الاتحاد الوطني، على “ضرورة تحرك الحكومة العراقية لوقف احتلال القوات التركية مناطق عراقية كبيرة جدا في شمال البلاد، وعدم التحرك يعني توسع تواجد تلك القوات بصورة غير شرعية، وهذا يهدد أمن العراق واستقراره ويعرضه لمخاطر مختلفة”.
ورصدت منظمة “فرق صناع السلام” الأميركية (CPT)، دخول الجيش التركي صوب اقليم كردستان العراق بـ300 دبابة ومدرعة واقامة حاجز امني ضمن حدود منطقة بادينان، خلال الأيام العشرة الماضية، ووفقا للتقرير الصادر عن المنظمة، فإن الدبابات والمدرعات التركية توغلت في قرى (أورا ، وسارو، وارادنا، وكيستا، و چلك، وبابير).
وتضمن التقرير أيضا، فإنه تنقل حوالي 1000 جندي تركي بين قاعدة (گري باروخ) العسكرية التركية، وجبل (متينا) خلف ناحية (بامرني) في غضون ثلاثة أيام، و أقاموا حاجزا أمنيا بين قريتي “بابير” و”كاني بالافي”، ولا يُسمح لأي مدني بالمرور إلا بعد التحقيق معه وإبراز هوية الاحوال المدنية العراقية أو البطاقة الوطنية.
إلى ذلك، يبين الباحث في الشأن العسكري أحمد الشريفي، أن “القوات التركية تتوغل بشكل يومي داخل العمق العراقي وهي حالياً تتواجد في هذا العمق بما يقدر بـ50 كلم، وهي تسيطر على مناطق مهمة في شمال العراق من قرى ومناطق حدودية”.
ويلفت الشريفي، إلى أن “القوات التركية لديها داخل العراق قواعد عسكرية كبيرة تتواجد داخلها مدرعات مختلفة ودبابات ومدفعية مختلفة وطيران مسير وغيره، وكل هذا والحكومة العراقية صامتة واكتفت سابقاً ببيانات الاستنكار دون أي تحرك حقيقي على الأرض لمنع هذا التوسع”.
ويستطرد أن “القوات التركية تخطط حالياً وفق كل المعلومات والمصادر، أن تتوغل في العمق العراقي للسيطرة على مناطق أكبر في شماله، وهذا يدعو الحكومة العراقية للتحرك نحو المجتمع الدولي لإيقاف هذا الاحتلال، وترك كل المجاملات والمصالح السياسية وغيرها”.
وبلغت عدد الخروقات التركية طيلة السنوات الماضية، أكثر من 22 الف خرق أمني للجانب التركي تجاه الحدود العراقية، في الوقت الذي قدم العراق اكثر من 16 الف مذكرة احتجاج، الا ان القوات التركية مستمرة بين فترة وأخرى بممارسة الاعتداءات.
يذكر أن البرلمان التركي صوت في 26 تشرين الأول الماضي، على تمديد وجود القوات العسكرية التركية لعامين آخرين في العراق وسوريا، وفوض الحكومة بإرسال المزيد من القوات.
وتنتشر القواعد التركية في مناطق: بامرني، شيلادزي، باتوفان، كاني ماسي، كيريبز، سنكي، سيري، كوبكي، كومري، كوخي سبي، سري زير، وادي زاخو والعمادية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- السياسيون يتبارون بـ"التسريبات".. والحكومة تشكو "الاستهداف"
- التعديل الوزاري.. حديث "غير جدي" مرهون بـ"الترضيات"
- عدد قواته أكبر من القوات الامريكية.. البرلمان: خروقات الجيش التركي تمثل احتلال واضح وصريح لأراضينا