أكد ممثل المرجعية الدينية العليا، في كلمته خلال المهرجان الجماهيري لفتوى الدفاع الكفائي الأول، الذي اقامته الامانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة تحت شعار "علماؤنا قادتنا وشهدائنا قدوتنا" ان للشهداء فضل على الشعب العراقي بجميع اطيافه وطبقاته ومكوناته، داعيا الى رعاية ايتامهم وعائلاتهم واداء حقوقهم وتوفير العيش الكريم لهم وهو اقل ما يقتضيه الوفاء لدمائهم الزاكية وارواحهم الطاهرة، وهو مسؤولية كبيرة تقع على اعناق الجميع سواء الحكومة بمؤسساتها المختلفة، او غيرها من الجمعيات الخيرية والمنظمات الانسانية، بل كل شخص قادر على القيام بهذه المهمة ولو من بعض جوانبها.
وقال المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في كلمته خلال المهرجان الذي حضرته وكالة نون الخبرية "قد يسأل سائل ما هو الهدف من اقامت مثل هذا المهرجان الجماهيري الاول لفتوى الدفاع الكفائي، ونحن نقترب من موعد اعلان فتوى الدفاع الكفائي لسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) في الرابع عشر من شهر شعبان للعام الهجري (1435) الذي وافق اليوم الثالث عشر من شهر حزيران من العام الميلادي (2014)، وما اعقبه من تضحيات بطولية ودماء زكية لرجال عرفوا الحق فاتبعوه، واسترخصوا الارواح في طريق الشهادة فسلكوه، واشتاقت ارواحهم للجنان فنالوه، ومن اجل توضيح ذلك لابد من توضيح مقدمتين، تتضمن المقدمة الاولى بيان ومنزلة الشهادة والشهيد عند الله تعالى وفق المنظور الاسلامي الوارد في الآيات القرآنية والاحاديث الشريفة ومنها الآية(111) في سورة التوبة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(، كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) "فوق كل برٍ برٌ حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فاذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برٌ"، كما ورد عن الامام السجاد (عليه السلام) "ما من قطرة احب على الله عز وجل من قطرتين، قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها العبد الا الله عز وجل"، وورد عن الامام الصادق (عليه السلام) "اشرف الموت قتل الشهادة".
واضاف "اما المقدمة الثانية التي نحتاج فيها الى التذكرة بعظيم آثار الشهادة والتضحيات المقدمة من الرجال الابطال الشهداء في معركة تحرير العراق من عصابات (داعش) الارهابية، حيث ورد في خطبة الجمعة الثانية بتاريخ السادس من ربيع الاول للعام الهجري (1437) الموافق الثمان عشر من كانون الاول للعام الميلادي (2015) ما يلي " لقد كان وما زال لدماء الشهداء الدور الاساس في الدفاع عن العراق، وشعبه، ومقدساته، وحفظ وحدته، وحماية اعراض مواطنيه، ودرء شر العصابات الارهابية، التي خططت لمسخ هويته الوطنية، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وللشهداء فضل على الشعب العراقي بجميع اطيافه وطبقاته ومكوناته، وبعد ذكر هاتين المقدمتين نعرج على ذكر الاهداف المتوخاة وماهي توصياتنا بهذه المناسبة:
اولا: من اجل ان لا نغفل ولا ننسى مع مرور السنين والايام وتقادمها، دور هؤلاء الابطال وما تستحقه تلك التضحيات، من تخليد لسيرة اولئك الشهداء والتعريف بالأسس العقائدية والفكرية التي انطلقت منها تلك البطولات والتضحيات، وما جسدته المعركة من مبادئ سامية وعظيمة، ولتبقى هذه المبادئ شاخصة وحاضرة في عقولنا وارواحنا وقلوبنا، وربما نحتاج اليها مع قرب محن وتحديات وابتلاءات جديدة.
ثانيا: للتذكير لما يقتضيه الوفاء للدماء الزكية للشهداء وارواحهم الطاهرة، ويجدر هنا ان نذكر بما ورد في خطبة الجمعة التي اشرنا اليها سابقا فقد ورد فيها ما يلي: "فللشهداء فضل على الشعب العراقي بجميع اطيافه وطبقاته ومكوناته، واذا كان الشهيد في غنى عن الناس لانه "في مقعد صدق عند مليك مقتدر" (اذكر بهذه العبارة عائلات الشهداء وما هي المنزلة العظيمة لهم عند الله تعالى)، فإن رعاية ايتامه وعائلته واداء حقوقهم وتوفير العيش الكريم لهم هو اقل ما يقتضيه الوفاء لدمائهم الزاكية وارواحهم الطاهرة، وهو مسؤولية كبيرة على اعناق الجميع سواء الحكومة بمؤسساتها المختلفة، او غيرها من الجمعيات الخيرية والمنظمات الانسانية، بل كل شخص قادر على القيام بهذه المهمة ولو من بعض جوانبها، "ولنلتف الى هذا المقام الآخر العظيم للشهيد عند الله تعالى" واذا كانت العناية الالهية بأهل الشهيد قد بلغت حداً، ان جعل الله تعالى نفسه خليفة الشهيد في اهله، كما ورد في بعض الاحاديث الشريفة " إن من ارضاهم فقد ارضاني ومن اسخطهم فقد اسخطني".
واوضح "كان لزاما على الجميع ان يفوا للشهيد حق الاستخلاف في اهله واولاده، ويحفظوا لهم كرامتهم ويؤدوا لهم حقوقهم المعنوية والمادية، كما ورد في نفس الخطبة بالمقطع الاخير منها كما يلي "كما ندعو اقرباء وعشائر الشهداء ان يكونوا عونا وسندا لعائلاتهم وايتامهم وزوجاتهم في تحصيل حقوقهم ورعايتهم ماديا ومعنويا، حتى لا يشعروا بفقدان كافلهم ومعيلهم فإن في ذلك مثوبة عظمية وفوائد دنيوية لا تحصى، ونقول هنا "ان لهؤلاء الشهداء والسعداء كامل الحق في ان نبجلهم ونذكرهم بإجلال واعظام واكبار، فمن اعطى دمه لنعيش بكرامة وعز وحرية لا يجازى بشيء، واداء هذا الحق يتجسد من خلال رعاية عائلاتهم، وتفقد ايتامهم، وتدوين بطولاتهم، وتخليد ذكراهم ليس في الكتب فحسب، وان كان هذا مهما ومطلوبا، بل في ذاكرة وضمير الامة ووجدانها".
ثالثا: ان كل امة تفتخر وتتشرف بالمفاصل المهمة من تاريخها وان من ضرورات تخليد البطولات للرجال والشهداء والجرحى والمقاتلين هو تقديم قصص بطولاتهم القتالية، وسلوكياتهم الانسانية في ميادين المعركة لجيلنا الحاضر لكي لا ينسى، ولجيلنا المستقبلي لكي يقتدي بهذه البطولات، ولابد من توجيه الجهود، والإمكانات، وتقديم نتاجات أدبية وفنية متعددة الجوانب لتخليد تلك البطولات، ومسؤوليتنا تجاه الشهداء تتمثل بالسير على نهجهم لتحقيق العزة، والكرامة، والاباء، والرفض للباطل، والظلم، والاستبداد، والرذيلة، والتخلف، والفساد، والانحراف بكل انواعه، وندعو للحضور الفاعل والمؤثر في ساحات العمل والخدمة لعامة الناس، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واصلاح النفس وتطهيرها من الرذائل، ومذام الصفات".
واشار "لكي نذكر بالمنبع الحقيقي العقدي، والفكري، والوطني، والارشادي الذي كان هو المنبع الوحيد الذي اثبت قدرته على تحريك الجماهير واندفاعها بشكل لا مثيل له على مر التأريخ، وبعقيدة ثابتة، وراسخة، وهمة، وطنية خالصة، وإرادة صلبة لا تراجع فيها، وعزيمة إيمانية لا تهاون ولا تخاذل فيها، للدفاع عن العراق، وشعبه، ومقدساته، ببطولات نادرة حسمت المعركة في زمنٍ لم يكن يتوقعه احد لا داخل العراق ولا خارجه، وان هذا المنبع تمثل في فتوى الدفاع الكفائي الذي كان له أسس وجذور تمثلت في الأساس الشرعي والعقدي الصحيح للفتوى وللسيرة الإلهية الخالصة لصاحب الفتوى سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، ثم بعد ذلك الانقياد والطاعة والامتثال الذي جسده الرجال الابطال الذين لم يترددوا لحظة واحدة للاندفاع كالسيل الجارف في ساحات المعركة، لان البطولات النادرة لملبي الفتوى تمثل الركن الثاني لحسم المعركة بمدة قصيرة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- الرئيس البيلاروسي: العالم على شفير حرب عالمية ثالثة
- المالكي: إصدار مذكرات اعتقال نتنياهو خطوة مهمة على طريق العدالة
- أنا متشائم.. المشهداني: تغيير جذري في خرائط أزمات الشرق الأوسط