مع انتشار صور في مواقع التواصل الاجتماعي لعملة جديدة من فئة المئة ألف دينار، ومسارعة البنك المركزي إلى نفي الأمر، استبعد متخصصون في الشأن المصرفي أن يقدم العراق على طرح مثل هذه العملة، بسبب ما أسموه “وقتاً غير مناسب”، وفيما أشاروا إلى أن هذه الصور كانت بمثابة جس نبض للشارع عن مدى مقبولية الخطوة، أكد مستشار حكومي أن البلد يتجه حاليا نحو اعتماد نظام المدفوعات الرقمية كخيار استراتيجي.
ويقول الخبير الاقتصادي والمصرفي، عبد الرحمن المشهداني، إن “صورة العملة التي جرى تداولها وأثارت لغطا هو مشروع بحث لطلاب في الفنون الجميلة بجامعة الموصل، وبعيدا عن الهفوات في الشكل والتصميم، لكنها وفرت للبنك المركزي جس نبض للشارع عن قبول أو رفض الفكرة، خاصة أن البنك يفكر بهذا الأمر أحيانا لسد العجز”.
ويضيف المشهداني، أن “الصور التي انتشرت لم تلق رفضا رسميا قاطعا، على الرغم من أن البنك المركزي نفى أن يكون قد طرح هذه العملة، فالأحاديث دارت عن سلبيات وإيجابيات هذه الخطوة”، مشيرا إلى أن “الفكرة ليست جديدة، وكانت على شكل حذف ثلاثة أصفار وطرح عملة جديدة لدفع الأفراد للاحتفاظ بالدينار لا الدولار لمسائل تتعلق بسهولة الخزن، لأن تلك الفكرة كانت في 2012 لمسائل أمنية”.
لكن في الوقت الحالي، يذكر الخبير الاقتصادي أن “لا مبرر حتى هذه اللحظة لطرح عملة جديدة، فبدلا من طرح عملة المئة ألف يمكن زيادة طباعة فئة الخمسين ألفا، إذا كان البنك يفكر بتمويل العجز الحكومي، لأن السوق لا يحتمل وجود عملة كبيرة، فحتى عملة الخمسين ألفا يحاول الكثير من المواطنين التخلص منها لأنها ثقيلة وتشبه في شكلها عملة الألف دينار”.
ويتابع، “أما إذا أراد البنك طباعة هذه العملة، فيجب أن يتم سحب عملة أقل قيمة لتخفيض المعروض النقدي، وهذا يعني أنه يريد دفع الناس للتحول الرقمي، إذ ستصبح هناك عملات كبيرة فقط، ويلجأ المواطن في التعاملات اليومية إلى البطاقة الالكترونية، وهذا ممكن لكنه يحتاج إلى إجراءات أخرى”.
وكان البنك المركزي العراقي، نفى أمس الأحد، إصداره عملة جديدة من فئة (100) ألف دينار، إذ ذكر في بيان أن “ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي من صورة لعملة نقدية جديدة فئة 100 ألف دينار هي عبارة عن صورة مزيفة، تحمل صورة المعمارية العراقية الراحلة زها حديد”، وفيما دعا إلى “الحذر وعدم التعامل بها في حال طرحها البعض لغرض الاحتيال”، أكد على “عدم وجود نوايا لطباعة عملة جديدة في الوقت الحالي”، مشدداً على “اتخاذه الإجراءات القانونية بحق المخالفين والمروجين لتلك العملة المزيفة”.
من جهته، يشير مستشار رئيس الحكومة للشؤون المالية مظهر محمد صالح، إلى أن “العراق لا يفكر حاليا بطرح عملة جديدة، إذ يتجه البلد حاليا نحو اعتماد نظام المدفوعات الرقمية كخيار استراتيجي في رفع كفاءة نظام المدفوعات الإجمالية في البلاد، وفرض الانضباط على تدفق السيولة النقدية ضمن نظام مصرفي رقمي عالي المستوى”.
وتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صورة بمزاعم أنها تصميم لورقة نقدية من فئة 100 ألف دينار عراقي سيصدرها البنك المركزي العراقي، وتحمل صورة المعمارية العراقية الراحلة زها حديد، قبل أن يتبين أن هذا الزعم غير صحيح، والصورة صمّمها طلاب في معهد الفنون الجميلة في نينوى كمشاريع تخرج.
إلى ذلك، يوضح الباحث المختص في الشأن المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، أن “البنوك عادة تلجأ لطبع عملات صغيرة في حالة وجود استقرار مالي، كالخمسين والمئة دينار أو العملات الحديدية مثلا على اعتبار أن القدرة الشرائية للعملة كبيرة، فحتى هذه العملات الصغيرة تصبح لها قدرة”.
ويضيف حنتوش أن “العكس يحصل عندما تلجأ الحكومات لطباعة عملات كبيرة، أي عندما تفقد العملات قيمتها أو قد تلجأ إلى حذف الأصفار وهذا يحدث في حالتين؛ إما في حالة التضخم الكبير أو في حالة القيود المحاسبية، وهذا شأن خطير، إذ يجب اختيار الوقت المناسب لهكذا خطوة، فالمواطن غير مستعد لتبديل عملته بأخرى جديدة، لذا سيلجأ إلى الدولار والذهب”.
ويكمل أن “الكثير من الحكومات تبرر طرح عملة كبيرة بمعالجة الوضع المحاسبي بسبب وجود أرقام كبيرة كالتريليونات، لكن هذا يجب أن يكون في حالة الاستقرار النقدي وأن يكون الشعب متفهما بأن العملة تحتاج إلى حذف أصفار لغايات محاسبية”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق