تشمل جولات التراخيص الجديدة والتي أطلقها العراق مطلع الاسبوع الجاري، 29 مشروعا وحقولا عديدة للنفط والغاز، وفيما يصف خبير نفطي هذه الجولات بالضرورية، يسجل باحث اقتصادي ملاحظات عديدة حولها، مؤكدا أنها تمنح الشركات الأجنبية سيطرة وحصة أكبر من العائدات، في وقت تحدثت لجنة النفط والطاقة النيابية عن أهمية استغلال الثروة النفطية قبل "فقدان قيمتها".
ويرى الخبير النفطي حمزة الجواهري، أن "العراق بحاجة ماسة لجولة التراخيص هذه، حيث تتضمن الجولة الخامسة الإعلان عما تبقى من الحقول التي أعلن عنها سابقا بينه وبين دول الجوار، والتي يجب أن يتم تطويرها من الجانب العراقي، ليتم بعدها توحيدها، من خلال أخذ العراق حصته وفقا للمساحة التي تقع أرضه من هذه الحقول، ويأخذ الطرف الآخر حصته أيضا، وذلك من خلال شركة عالمية تقوم بهذا العمل نيابة عن الاثنين".
ويضيف الجواهري، أن "الجزء الأهم من الجولة السادسة هي الحقول الغازية، فالعراق بحاجة إلى مزيد من الغاز، مع أنه يمتلك كميات هائلة من حقول الغاز الحر وليس المصاحب، إذ يمكن أن يكون العراق دولة مصدرة للغاز كما هو الحال في النفط، وفق هذه الجولة التي تحتوي على 14 حقلا، واستثمارها ضروري بالنسبة للبلد الذي يملك احتياطيات هائلة لكنها غير مستثمرة".
ويتابع أن "العراق يمتلك أيضا كميات كبيرة من الغاز المصاحب لكن لم تتم معالجتها، إذ يتم حرقها، ولا يمكن الشروع باستغلالها ما لم يتم معالجتها وتنقيتها، ونحتاج 3 إلى 5 سنوات لمعالجة الغاز وإنتاجه".
وأطلق العراق، أمس الاول السبت، جولتي تراخيص في 12 محافظة، لتطوير 29 مشروعاً، معظمها في وسط وجنوب العراق، تشمل لأول مرة منطقة استكشاف بحرية في مياه الخليج بالعراق، وحصلت شركات صينية على النصيب الأكبر في جولتي تراخيص النفط والغاز، الخامسة التكميلية والسادسة.
وأكد وزير النفط حيان عبد الغني، حصول شركات صينية على غالبية عقود الاستثمار في إطار جولة التراخيص، لافتا إلى أن شركة زيك الصينية حصلت على عقد استثمار حقل شرقي بغداد والفرات الأوسط، فيما حصلت شركة يو آي جي الصينية على عقد استثمار رقعة الفاو، في حين حصلت شركة زينهوا الصينية على عقد استثمار رقعة القرنين، فيما حصلت شركة جيو جيد الصينية على عقد استثمار رقعة زرباطية، وحصلت شركة كار العراقية على عقد استثمار حقلي الديمة وساسان.
لكن الباحث في الشأن الاقتصادي علي كريم إذهيب يسجل من جهته، ملاحظات على جولة التراخيص الأخيرة، تتمثل بـ"عدم وجود برنامج إنتاجي محدد يلزم الشركات بكميات محددة من النفط والغاز فضلا عن أنه يعطي الشركات المتعاقد معها سيطرة مطلقة على نسب العائدات من تلك الحقول، مقابل تراجع حصة السلطات الحكومية من العائدات لأقل من 45%، فضلا عن طول الفترة الزمنية للعقود، فكل ما يقال عن تحديد الإنتاج في المرحلة المقبلة غير صحيح، وليس هناك سوى توقعات فقط".
ويضيف إذهيب، أن "وزارة النفط تتوقع أن تنتج تلك الحقول بعد 3 سنوات في الحقلين الغازيين 1000 مقمق، ولكن لا يوجد شيء في عقود التراخيص يلزم الشركات على كميات الإنتاج".
ويوضح أن "الجوانب السلبية الأخرى في جولات التراخيص، هي أن زيادة الإنتاج بلا جدوى، فالعراق يتبع لمنظمة أوبك وهو محدد في الحصص، فكيف لا تنخفض الأسعار مع زيادة العرض، علاوة على ذلك كانت هناك زيادة في التكاليف دون الاهتمام بكيفية استثمارها والتي ستتحملها الحكومة مع التكاليف الإنتاجية، كالتكاليف الاستثمارية وغيرها، لذا كان يجب على الحكومة في جولات التراخيص استغلال الحقول الصغيرة وليست الحقول الكبيرة وبشكل تدريجي".
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قال، خلال انطلاق حفل جولتي التراخيص، إن اليوم يمثل بداية لجهود وفرص أكبر ستنعكس على كل مفصل من مفاصل اقتصادنا الوطني، وهدفنا استثمار هذه الثروة بدءاً من إنهاء حرق الغاز المصاحب الذي سيتوقف خلال 3-5 سنوات، وإيقاف الآثار البيئية المدمرة لهذه العملية، فيما بين أن استثمار الغاز الحرّ، الذي ينفذ عبر الجولة السادسة، أهم استثمار لهذه الثروة المعطلة.
في السياق، تذكر عضو لجنة النفط والطاقة النيابية زينب الموسوي، أن "العالم يتجه نحو الطاقة المستجدة والنظيفة والتقديرات تقول إن استخدام النفط سيقل بعد عام 2060 وبالتالي نحتاج استغلال النفط قبل أن تقل قيمته".
وتضيف الموسوي، أن "العراق يحتاج لمزيد من الإيرادات واقتصاده ريعي ويعتمد على الإيرادات النفطية بشكل كلي، لذا نحتاج استغلال النفط والغاز أكثر من خلال جولات التراخيص النفطية".
يشار إلى أن السوداني، بحث خلال الفترة الماضية، إمكانية توسيع منافذ تصدير النفط العراقي، وزيادة إمكانية التصدير ورفعها لمستويات أعلى من الحالية، كما أكد أن العراق سيجري نقاشات مع أعضاء منظمة أوبك الآخرين لإعادة النظر في حصته الإنتاجية وزيادتها، معللا ذلك بـ"الحاجة إلى الأموال لإعادة إعمار العراق".
ويعد العراق هو في طليعة البلدان التي تحتوي على احتياطيات ضخمة سواء في ما يتعلق بالنفط أو الغاز، إلا انه لم يجر استغلال تلك الثروات الهائلة طيلة الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003، ويتم الاعتماد بشكل كلي على الغاز المستورد من إيران، لتشغيل المحطات الكهربائية الغازية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل تحدث فرقاً؟.. جولة تراخيص جديدة للغاز العراقي
- انشقاقات وتكتلات سياسية جديدة.. ما جدواها وأهدافها؟
- السدود الجديدة.. هل تنقذ العراق من أزمة الجفاف؟