في جميع دول العالم تضع الحكومات خططا قصيرة وطويلة الامد تعتمد على التوسع السكاني ونسبة السكان وعدد الدور السكنية والمنشئات التجارية وغيرها، وعلى اساسها تنفذ مشاريع بناء مدارس ومستوصفات صحية ومراكز اسعاف وتبلط الشوارع الرئيسة والازقة وتوصل التيار الكهربائي ومياه الاسالة الى البيوت والمنشئاتوباقي الخدمات، لكن هناك مدينة في شمال بغداد اسمها "سامراء المقدسة"، كانت مدينة عريقة وتمثل الحضارة الاسلامية وفيها مراقد دينية مقدسة، وآثار تاريخية، ونهر يجري، وسد يتوفر فيه الماء، تحولت نتيجة الاهمال الحكومي المتراكم الى مدينة متعبة عنوانها نقص الخدمات، وفي تلك المدينة اكثر من عشرين حيا سكنيا، اكبرها حي الجبيرية الثالثة التي يشيب الرأس لمعاناة اهلها.
توقف الحياة
يسرد المواطن (امير ابو علي السامرائي) لوكالة نون الخبرية هموم اهلها بالقول ان" منطقة الجبيرية الثالثة تعاني من نقص حاد في الخدمات وبحكم عملي بمحل على الشارع العام ارى كل شيء امامي، واستطيع القول في خضم تلك المعاناة والاتربة نحن نعيش بخير، لان الاشهر والايام الماضية التي تهطل فيها الامطار تتوقف الحياة ولا يستطيع الرجال السير في الشوارع والازقة، فكيف بالاطفال والنساء وكبار السن والمرضى، حيث تتحول الشوارع والازقة الى مناطق غارقة بالمياه واطيان ووحل، بل يصعب سير السيارات فيها، وكثيرا ما تغرز اطارات السيارات في الوحل، او يصل الماء الى المحرك وينطفئ، ولا يخرج سائق السيارة منها الا بـ"فرعة" من اهل الغيرة، ونرى الكثير من الطلاب صغار السن او امهاتهم اللواتي يردن ايصالهم الى المدارس يقعون في الاطيان والمياه، واذا كانت الامطار شديدة يتعطل دوام المدارس وفي بعض الاحيان يستمر الدوام، وانا عندي سيارة حمل نوع "كيا" اقوم خلال هطول الامطار بايصال الطلاب صباحا من بيوتهم الى المدرسة وبالعكس بعد انتهاء الدوام".
النهاية المفتوحة
ويبين "ابو علي" سبب وجود تلك الاتربة والاطيان بقوله ان" مدينة سامراء نفذ في احيائها التي تتجاوز العشرون حيا سكنيا، مشروع لمد شبكات مجاري جديدة منذ العام (2021) واكتمل العمل تحت الارض، والمفترض ان تبدأ عمليات نصب الارصفة وفتحات المجاري وبعدها يتم تبليط الشوارع الرئيسة والازقة، والغريب ان الاحياء حفرت تقريبا جميعها في وقت واحد، وعند التوقف اصبحت جميع شوارع احياء سامراء ترابية وبلا تبليط اي انه مشروع نهايته مفتوحة، ومن هنا بدأت المعاناة وفي حي الجبيرية الثالثة الذي يعد اكبر احياء قضاء سامراء توجد اربع شوارع رئيسة وحوالي (100) زقاق، كان سابقا الشارع الرئيس فقط مبلط والازقة ترابية والان اصبحت جميعها ترابية، وفي الحي حوالي (5000) بيت يسكنها بحدود (6000) عائلة، اضافة الى الدور السكنية التي شيدت بشكل "تجاوز"، لان زيادة عدد السكان ادى الى انشطار المنازل الى اثنين او ثلاثة، واصبح عدد بيوت الشارع الواحد (45) بيت بعد ان كانت (20) فقط".
مدرسة واحدة
اهم معاناة يعتبرها "ابو علي" هي نقص المباني المدرسية ويشير الى ان" الحي فيه بناية قديمة لمدرسة واحدة فقط، وهي مدرسة ابتدائية فيها دوام ثلاثي الاول للبنات والثاني والثالث للبنين، واضيفت لها صفوف كرفانية لتستوعب الطلاب، والحاجة ماسة وقائمة وضرورية لبناء مدارس ابتدائية جديدة للبنات والبنين، ومدرستين متوسطتين للجنسين وخاصة للبنات وهي الاهم، ومثلهما مدرستين اعدادية للبنين والبنات، لان بناتنا يعانين الامرين كونهن يداومن في مدارس تقع في حي الشهداء الذي يبعد عن حي الجبيرية لمسافة تتجاوز (10) كيلومترات، وخلال هطول الامطار وبعض الاحيان تهطل الامطار والطالبات في المدرسة، ويضطررن الى السير هذه المسافة في الطين والوحل وترى ملابسهن تتحول الى قطعة من طين، ناهيك عن احتمالية اصابتهن بامراض نتيجة تبلل الملابس وبرودة الجو، والاعم الاغلب من عائلات فقيرة لا يتمكن ذويهن من تأجير خطوط نقل لهن".
ماء اسالة يشتري
وخدمات اخرى مفقود يوضحها بالقول ان" المنطقة تعاني من انقطاع ماء الاسالة بشكل متكرر ولايام معدودة، لذلك لجأت العائلات الى شراء ماء الاسالة من صهاريج اهلية متخصصة تأتي الى الحي واحياء اخرى فنقوم بملئ خزان سعة الف لتر يوضع في باحة الدار تشتريه العائلات بمبلغ (100) الف دينار، ويملئ بمبلغ (10) الاف دينار تقريبا كل ثلاثة ايام، ومعها ايضا نشتري ماء الشرب النقي (RO)، ولكون الحي يعتبر من المناطق المنسية فلا يوجد فيه مستوصف صحي ونضطر للذهاب الى حي الجبيرية المجاور لتلقي العلاج، ويفتقد ايضا الى مركز اسعاف فوري واذا حصلت حالة مرضية طارئة فمن لديه سياره ينقل مريضه الى المستشفى والا فينتظر "فزعة الجيران"، اما مركز دفاع مدني واطفاء فلا يوجد في الحي بل في مركز المدينة ورغم تلبيتهم لنداءات الناس الا ان بعدهم لمسافة تقريبا (15) كيلومتر يشكل خطرا على من يحصل في داره او محاله حريقا".
قاسم الحلفي ــ سامراء المقدسة
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- آلاف الشركات الوهمية بالعراق مسجلة بأسماء "مغفلين" تهرباً من الضريبة
- عزاء حي العامل المركزي.. موكب قدم العديد من الشهداء وحضر فيه كوكبة من العلماء