بقلم: علي حسين
المشكلة الكبرى في هذه البلاد أن الجميع يتحدث عن النزاهة والإصلاح، لكنه يرفض التمييز بين النزاهة والسرقة، وفي الدول العادية يكون القضاء سيفاً قاطعاً لمحاربة الجريمة المنظمة.
أما في بلاد "هيثم الجبوري" فأكثر ما يخشاه المواطن هو الحديث عن سرقة البلاد، لأن السياسيين سيغضبون ويزمجرون ويتباكون أمام القضاء، أما الحفاظ على المال العام وإشاعة العدالة الاجتماعية، فهذه أصبحت من الكماليات.
قبل أيام خرج علينا وزير المالية الأسبق، علي عبد الأمير علاوي، ليبشرنا بأن العراق انضم إلى قائمة الدول التي يوجد فيها عدد كبير من المليارديرات، فقد كشف علاوي عن وجود 30 سياسياً يمتلكون مليارات الدولارات.
وقال علاوي في حوار تلفزيوني إن موارد الدولة الأساسية توزع إلى رواتب ومشاريع وهناك جزء منها يُسرق في وضح النهار، مشيراً إلى أن القطاع الخاص في بلاد الرافدين يحتاج إلى غطاء سياسي لكي يعمل.
عام 2017 قضت المحكمة الاتحادية في العراق بإلغاء القرار المرقم 120 لسنة 1994، ماذا كان ينص هذا القرار، حتى وجدت فيه المحكمة آنذاك بأنه يتعارض مع حقوق الإنسان؟، كان القرار120 لسنة 1994، يقضي بعدم إطلاق سراح المحكوم عن جرائم الاختلاس أو سرقة أموال الدولة، بعد قضائه مدة الحكم مالم تسترد منه هذه الأموال.
غريبة هذه البلاد يمكنها أن تسجن طفلاً يتهم بسرقة "علبة كلينكس"، لكنها تستخدم أقصى حالات الرأفة مع متهم سرق أكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات، بل أنها اعتذرت منه وأعادت إليه ممتلكاته، وترجته أن يحاول إن سمح الوقت والمزاج ان يعيد لنا بعضا من الأموال التي سرقها من الدولة.
عندما عين (لي كوان) رئيساً لوزراء سنغافورة عام 1965، كان في الأربعين من عمره، وبعد عامين رفع شعار من أجل حكومة نظيفة: "لقد عانينا من انتشار الفساد والطمع بين عدد كبير من المسؤولين، فالمناضلون من أجل الحرية لشعوبهم تحولوا إلى نهابين لثرواتها، ولهذا حرصت من أول يوم توليت فيه السلطة على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقين من القاعدة الشعبية دون أن ينهب في الطريق".
لماذا أصبحنا ياسادة دولة يعيش فيها عشرة ملايين مواطن تحت خط الفقر، في بلد يصدر يومياً أربعة ملايين برميل من النفط، في الوقت الذي ينافس فيه سياسيونا على قوائم أغنياء العالم؟
لم يعد أحد يسأل لماذا أصبح الفساد جزءا من لحم الدولة وشرايينها، لم يعد احد يسأل السياسي كيف تضخمت ثرواتك؟
كانت مشكلة بعض مدعي السياسة العثور على سكن مناسب وإذا بهم اليوم بعد دخول الحكومة والبرلمان يملكون القصور والشقق في عواصم العالم.
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي