موازنة العراق، الأكبر حجما والأكثر عجزا في تاريخه، تثير قلق المعنيين من تسببها بمشاكل مالية واقتصادية، لا تقوى الحكومة على معالجتها، في ظل انقضاء الربع الأول من العام الحالي، دون إقرارها، بعد التغيير الطارئ في المبلغ الإجمالي وبلوغه 228 مليار دولار، وانتظار مجلس النواب للجداول المالية من الحكومة.
ويقول عضو اللجنة المالية البرلمانية مصطفى الكرعاوي، إن "مجلس الوزراء تأخر بإرسال جداول موازنة سنة 2024 إلى البرلمان بسبب الارتفاع الكبير في العجز المالي، والذي وصل إلى أكثر من 80 تريليون دينار، وهذا ما يدعو الحكومة إلى إجراء تعديلات وتخفيضات في الإنفاق العام لتقليل العجز".
ويضيف الكرعاوي، أن "ارتفاع المبلغ الإجمالي للموازنة إلى 228 تريليون دينار، هو بسبب وجود مبالغ كبيرة لم تصرف في العام 2023، فبعض الصرفيات توقفت بسبب انتخابات مجالس المحافظات، حتى يتم منع أي استغلال لها سياسيا وانتخابيا".
ويؤكد أن "اللجنة المالية البرلمانية تنتظر وصول جداول الموازنة إليها بشكل رسمي حتى يتم دراستها، وبالتأكيد سنعمل على تقليل العجز المالي فيها، وكذلك خفض الإنفاق العام غير الضروري، أما بالنسبة لرواتب الموظفين والمتقاعدين فهي مؤمنة بشكل كامل، والعجز لن يؤثر عليها إطلاقا".
وكان مجلس النواب العراقي قد صوّت في 12 حزيران 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، أكد في 2 كانون الثاني الماضي، أن موازنة 2024 ستشهد تغييرات في شقيها التشغيلي والاستثماري، مبينا أنه سوف يتم إجراء العديد من التغييرات فيها وستكون شيئاً مختلفاً من ناحية الموارد وتقديرات أسعار النفط والصرفيات.
من جهته، ينبه الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، أن "رفع المبلغ الإجمالي للموازنة بهذا الشكل الكبير مع رفع العجز المالي، يؤكد أن الموازنة وضعت بشكل غير مدروس وهذا قد يسبب مشاكل مالية واقتصادية كبيرة وخطيرة، خاصة في ظل عدم استقرار أسعار النفط في السوق العالمي".
ويبين أن "موازنة العراق تعتمد بشكل شبه كلي على واردات النفط، وهذا ما يجعل وضعه الاقتصادي مهددا ومرهونا بأسعار النفط عالميا، ولهذا يجب وضع موازنة ليست بمبالغ انفجارية وعجز مالي هو الأكبر بتاريخ العراق وربما دول المنطقة والعالم، فهذا العجز أكيد له تداعيات وهو ليس عجز افتراضي بل عجز حقيقي".
ويؤكد الكناني، أن "العراق لا يملك أي طرق لسد العجز المالي غير الاقتراض الخارجي والداخلي، وهذه الخطوة أكيد تؤثر سلبا على قوة الاقتصاد الوطني، ولها تداعيات على الوضع المالي المستقبلي، ولهذا يجب وضع موازنة فيها صرفيات، بحسب إيرادات العراق، بعد تأمين كامل الرواتب التي تشكيل أكثر من 75 بالمئة من تخصيصات الموازنة".
وفي 1 شباط الماضي، كشفت اللجنة المالية النيابية، عن آخر تطورات الموازنة المالية لعام 2024، مبينة أنها سترتفع إلى 206 تريليونات دينار بدلا من 199 تريليون دينار، وأواخر شهر آذار الماضي، أقدمت الحكومة على خطوة مفاجئة حيث رفعت من حجم موازنة العام الحالي، إلى 228 ترليون دينار.
بدوره، يرى الخبير المالي مصطفى أكرم حنتوش، أن "العجز المالي في موازنة 2024 كبير وخطير، بل هو مخيف ويهدد الاقتصاد العراقي بشكل حقيقي، وحتى له تداعيات على رواتب الموظفين، خاصة وأن الرواتب من الآن أصبحت تتأخر لعدة أيام عن مواعيد صرفها المعتادة".
ويلفت حنتوش، إلى أن "الوضع العراقي في ظل العجز المالي، وفي ظل اعتماده على النفط فقط في تمويل موازنته، أصبح خطرا وهشا وربما ندخل بأزمة مالية كبيرة وخطيرة في حال انهارت أسعار النفط جراء التطورات في العالم، وهذا الأمر متوقع وليس ببعيد".
ويحذر من أن "هناك خشية من إقدام الحكومة على خطوات جديدة بزيادة الضرائب وغيرها على المواطنين من أجل سد العجز المالي، خاصة بعد خطوة رفع أسعار الوقود، ولهذا يجب تقديم موازنة مدروسة ولا تزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي، وهذا الأمر يكون من خلال إيجاد طرق لتمويل الموازنة غير بيع النفط".
يشار إلى أن المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أكد في 30 آذار الماضي، أن جداول موازنة 2024 تركز على الإنفاق الاستثماري للمشاريع الجديدة، مبينا أن أهم ما في هذه الجداول هو تحديد مستويات الإنفاق الاستثماري على المشاريع الجديدة، وهو إنفاق جوهري وأساسي في حركة الاقتصاد الوطني، إذ يرتبط ارتباطا مباشرا في التطور والنمو في الاقتصاد من خلال توفير الشروط الموضوعية لحركة الطلب الحكومي على لوازم ومدخلات الاستثمار في المشاريع الجديدة المعتمدة.
وانتقد أعضاء بمجلس النواب تأخر الحكومة بإرسال جداول موازنة العام الحالي 2024 المعدّلة من أجل دراستها وإقرارها، رغم التسهيلات التي تحظى بها كونها ضمن "موازنة ثلاثية" لثلاثة أعوام ولا تحتاج إلا إلى بعض التعديلات في أرقام أبواب الصرف والإيرادات، عادين أن خرق التوقيتات القانونية بما يخص الموازنة وفي غيرها بات "عُرفا" في البلد.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- القائم بالاعمال السفارة العراقية في سوريا: جوازات مرور وسمات دخول واقامات قدمها العراق الى مواطنيه وضيوفه
- هل تحدث فرقاً؟.. جولة تراخيص جديدة للغاز العراقي