"اشرب الماءَ وعجل، قبلَ أن يأتي الصباح، إشرب الماءَ هنيئاً إنهُ ماءٌ مُباح"، كلمات تدخل القلب في ساعات السحر من ايام شهر رمضان المبارك، نسمعها كل عام في الصحن الحسيني ومنه الى كل ارجاء العالم، ترددها حنجرة القارئ "علي الكعبي"، الذي تميز بقراءة هذا الدعاء الذي نظم هو بنفسه اغلب ابياته وفقراته المؤثرة بالنفس ومجموعة من الادعية المأثورة وقراءة القرآن، كما يرفع الآذان في العتبتين الحسينية والعباسية.
البداية والمواهب
يسرد القارئ الحاج " علي يوسف كاظم الكعبي" قصته مع هذا الدعاء وتفاصيل حياته على المنبر لوكالة نون الخبرية بقوله انني" من مواليد عام (1959) في منطقة باب الطاق خلف صحن الامام الحسين (عليه السلام) في المدينة القديمة بكربلاء المقدسة، وترعرعت منذ طفولتي في عبق الاجواء الايمانية التي شاهدناها وعشناها، وكانت عندي موهبة الخط والرسم وبدأت عندي منذ دخولي في مدرستي المهدي والسبط الابتدائية، ثم في المتوسطة المركزية، وبعدها ثانوية القدس، وكنت اتخذ من السبورة سبيلا للإظهار مهارتي وخصوصا رسم المناظر الجميلة، ورغم ذلك الا ان الشعر بنوعيه الشعبي والقريض استهواني كثيرا، وكتبت الكثير من القصائد الحسينية ومنها ما قرأته انا على المنبر ومنها ما قرأه بعض الرواديد الحسينيين مثل المرحومين محـمد الرادود وصادق ملك، والملا جليل الكربلائي، بعد ان تعلمنا وتأدبنا بأدب الاسلام من الطفولة، وأثر بي موقف في سبعينيات القرن الماضي عندما كنت صغيرا واسير مع والدي فرفع الآذان وسألته عن الشخص الذي يؤذن فاخبرني والدي انه الحاج جواد المؤذن، فاخذتني حسرة وفكرة وتمنيت ان اكون مؤذنا مثلة ودارت الايام واستجاب الله لرغبتي اصبحت مؤذنا".
مؤلفات وعرافة حفل
ويكمل الكعبي سيرة حياته بالقول "اما في ثمانينيات القرن الماضي اصبحت اكتب الشعر والقيه في الاحتفالات في مناسبات ولادات الائمة الاطهار (عليهم السلام)، وكذلك في مناسبات الزواج عند العائلات، وكنت اتصدى لعرافة الحفل في مختلف المناسبات، كما كتبت وألفت مقتل الامام الحسين (عليه السلام) بنوعيه الجزء الاول وهو العاشر من المحرم، والجزء الثاني المتعلق بأربعينية الامام الحسين (عليه السلام)، وكتبته بخط اليد لاننا لم نكن نعتمد على طبعه في المطابع خشية تعرض السلطة الغاشمة حينها لنا، وخرجت بحصيلة من المؤلفات منها" طيب الكلام في شهر الصيام"، و"رحمة الرب في رجب الاصب"، و "نفحات الايمان في خيرات شعبان"، و" دليل الانام في بيت الله الحرام" الخاص باعمال الحج، و"المختصر النقي على المؤمن التقي" الخاص باعمال زيارة مسجدي الكوفة والسهلة، واستمريت باعمالي الى قبل سقوط النظام المباد بأشهر حيث قرأت مقتل الامام الحسين (عليه السلام) في بيت "فخري زيني".
في رحاب الحسين
وبعد سقوط النظام المباد وانجلاء الغمة تلقينا دعوة لتقديم ما لدينا في العتبة العباسية المقدسة هكذا يصف الحاج الكعبي ارتقائه المنبر في العتبتين المقدستين ويضيف" ولكن عندما اصبح الاذان يبث بوقت واحد من العتبتين المقدستين ومن منبر ابي عبد الله الحسين ومنها كانت بداية قراءة الادعية ورفع الآذان في رحاب الامام الحسين (عليه السلام)، وكان شعورا لا يوصف ومن شدة فرحي بكيت في العام (2003) عندما جلست على المنبر وقرأت "دعاء كميل"، وصباح اليوم التالي قرأت "دعاء الندبة" وتتلألأ امام عيني منارتي وقبة ابي عبد الحسين (عليه السلام)، وكان شعورا عظيما ان اصعد المنبر واتناول الميكرفون، وشعرت وكأني في جنان الباري عز وجل، لان الباري عندما يعطي مكانه للامام الحسين لابد ان يعطي مكانه لخدامه ايضا، وقرأت ادعية كثيرة في رحاب الحسين، ومنها "دعاء السمات" عصر يوم الجمعة، وادعية العهد والندبة وكميل وباقي الادعية المأثورة للإمام السجاد (عليه السلام)، ودعاء المجير والادعية الكبيرة والعظيمة مثل دعاء عرفه وادعية ليلة القدر مثل دعاء رفع المصاحف والجوشن الكبير".
اشرب الماء وعجل
ويوضح الكعبي قصته مع الدعاء الذي اقترن باسمه "اشرب الماء وعجل" فيقول" ان هذا الدعاء شهد تطور زمني مثل ان اكتب ابيات قليلة في قصاصة ورق فادخل المأذنة واقرأها وفي اليوم الثاني تضاف لها ابيات جديدة وهكذا تولدت تلك الابيات الطويلة من هذا الدعاء الذي اقرأه عند السحر والذي يتضمن تنبيه الصائمين عن ضرورة شرب الماء قبل الامساك وحلول وقت الامساك والامتناع عن الطعام والشراب وفيه حكم ومواعظ، كما كتبت ابيات عن الترحيب بقدوم الشهر الفضيل ووداعه، فاصبح لهذا الشهر ابيات خاصة اقرأها كل عام، وكنت في بداية قراءتي لأدعية السحور اطلب من بعض الشعراء كتابة قصيدة او ابيات لأقرأها ثم اعتمدت على ما اكتبه بالرغم من رغبة عدد من الكتاب في قراءة ابيات لهم في هذا الوقت مساهمة منهم، وبدأت في قراءة هذا الدعاء وباقي الاعمال منذ العام (2003) في العتبة العباسية، وكان الحاج مصطفى الصراف يقرأها من العتبة الحسينية المقدسة ثم توحدت واصبحت من منبر الحسين (عليه السلام)، وهذا الدعاء اعتبره تحفة ومبادئ اسير عليها، وكلماته زاد روحي خاصة اذا قرأ بطور حزين يؤثر بالمستمع، ولو كانت اخر ساعات من عمري اريدها ان تكون خلال قراءتي للادعية عن ضريح ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وتعرضت قبل حوالي عشر سنوات لموقف صعب عندما هبط في جسمي معدل السكر فسقطت واغمي علي خلال قراءتي لدعاء الندبة صباحا، وكثيرا ما بكيت خلال قراءة الادعية، والجمهور يتأثر بي فأعطيه الحماس وانا اتأثر بالجهور فيمنحني الدعم لقراءة ادعية اخرى صادرة عن اهل البيت (عليهم السلام)، لانهم القرآن الناطق، واصبح لي جمهور كبير من العراق وخارجه يرغب في سماع دعاء "اشرب الماء وعجل" او ادعية اخرى ويطلبون من البصرة وايران وبريطانيا واميركا والسويد بصمة صوت بطور حزين ارسلها لهم لمقاطع من الادعية".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ علي فتح الله
أقرأ ايضاً
- المقاومة في لبنان تصدر ملخصاً ميدانياً: رفد الجبهات بالسلاح مستمر.. 95 قتيلاً للاحتلال وتدمير 42 دبابة
- مواكبها امتدت الى مناطق جديدة:انطلاق مسيرة "مشاية البصرة" نحو كربلاء المقدسة في زيارة الاربعينية(مصور)
- قناني الماء تحت أشعة الشمس.. الصحة تتوعد أصحاب المحال من عرض بضائعهم بطرق غير صحية