لم يؤد أغلب النواب عن محافظة كربلاء دورهم الرقابي والتشريعي لغاية الآن، على الرغم من دخول الدورة البرلمانية الحالية السنة التشريعية الثالثة من عمرها، وباتوا منشغلين أكثر بتعقيب معاملات المواطنين، بحسب ما أكد مراقبين، حيث رأوا أن هناك خللاً في فهم البرلمانيين لدورهم وهم بحاجة إلى تثقيف، فيما برر نواب المحافظة هذا الأمر، أن المواطن لا يعنيه الواجب البرلماني بقدر ما يهتم بتلبية احتياجاته.
ويقول الحقوقي أحمد علي، إن "الدور الرقابي والتشريعي لأعضاء مجلس النواب غائب، فقد تحول النواب إلى تنفيذيين، والكثير منهم لا يدركون طبيعة المهام المناطة بهم، وأصبحوا معقبي معاملات ووسطاء تعيينات للمواطنين، وهذا أثر سلباً على العملية الرقابية والتشريعية".
ويضيف "نحن في كربلاء لم نرَ دوراً فاعلاً للبرلمانيين، لا سيما مع غياب مجلس المحافظة الذي كنّا نأمل أن يأخذ الدور في المتابعة والرقابة، لكن ذلك لم يحصل ولم يسجل النواب حتى حضوراً أمام الرأي العام باستثناء القليل منهم، وأغلبهم يعتكفون في بغداد".
ويوضح علي، أن "العمل النيابي هو صراع لتحقيق مصلحة المواطن وليس على السلطة كما يتصوروها البرلمانيون، لكن النواب لا يدركون أنهم يحملون أمانة صوت الجمهور وينبغي عليهم حل مشاكل المجتمع وخدمته من خلال مجلس النواب ولجانه المتفرعة وليس بتعقيب المعاملات".
جدير بالذكر، أن أغلب النواب اتجهوا إلى ملف تعيين العاطلين عن العمل واستثماره في الحملات الانتخابية، حيث يقطعون وعودا لناخبيهم بتعيين عدد محدد مقابل التصويت لهم، كما أنه بين الحين والآخر تثار قضايا فساد ضد بعض النواب، عبر اشتراكهم بملفات مشبوهة في بعض الوزارات.
من جهته يوضح المحلل السياسي زياد العرار، أن "مجلس النواب لم يؤدي مهامه بشكل عام، كما أن أداء أعضائه بشكل عام دون المستوى المطلوب، في حين أن الدور الرقابي والتشريعي هو الأساس للعمل البرلماني".
ويصف العرار الدورة البرلمانية الحالية بأنها "غير موفقة بشكل كبير والإخفاق واضح فيها، وهناك خلل في فهم الدور النيابي، وأعضاء البرلمان بحاجة إلى تثقيف بمهامهم".
ويلفت إلى أن "بعض أعضاء مجلس النواب والقوى السياسية تجاوزوا حدود العمل البرلماني إلى العمل التنفيذي، إذ أصبحنا نراهم يتدخلون في شؤون خدمية كتوزيع الكهرباء والماء وغيرها الكثير من الملفات، تحت شعار الإعلام للتأثير على الجمهور، وتحول البرلماني إلى إعلامي تنفيذي سابقة خطيرة، ويجب تصحيح هذا المسار وأن يضطلع النائب بدروه الحقيقي".
ويشدد على أن "زعماء الكتل السياسية وأعضائها في مجلس النواب، يحاولون استغلال نفوذهم في لجان البرلمان بهدف البقاء قريبين من الجمهور، فيذهبون إلى متابعة الامور المتعلقة بسير عمل الحكومة، وهذا خطأ إستراتيجي كبير، وينبغي أن يكون هناك فصل في السلطات لبناء الدولة، فإذا كان البرلماني يتابع معاملات المواطنين وتعبيد الطرق وفتح المدارس ويلتقط الصور، فما هو دور الوزير والمسؤولين في الوزارة؟".
يذكر أن اللجان النيابية، غالبا ما تلجأ لتوجيه أسئلة إلى بعض الوزراء بخصوص ملفات محددة أو شبهات فساد، ومن ثم تطلب استضافة الوزراء داخل اللجنة، وهو السياق المعمول به في البرلمان، وفي أغلب الأحيان يستجيب الوزراء لطلبات الاستضافة من قبل اللجان النيابية.
إلى ذلك، تبين عضو مجلس النواب عن محافظة كربلاء، ابتسام الهلالي، أن "عمل النائب تشريعي رقابي، لكن المواطن لا يقتنع بهذا الأمر ويطلب أن نخدمه بشكل مباشر لكونه انتخبنا ونضظر لأخذ طلباته إلى الجهات الحكومية المعنية".
وتؤكد أن "كثرة ذهابنا للوزارات كما هو حال معقب المعاملات، وتعذر لقاءنا بالوزراء الذي يحصل غالباً، بات فعلاً فيه نوع من الإساءة للنائب، لذا طلبنا من رئاسة مجلس النواب المجيء بالوزراء إلى البرلمان لتسليمهم طلبات المواطنين، وهذا تم العمل به منذ نحو شهر".
غير أن الهلالي توضح "نحن نعمل بشكل مستمر لكن إعلامنا ضعيف ولا يظهر ما نقدمه على المستوى المحلي والاتحادي، كما أن عشرات الطلبات تخص فئات مختلفة من المجتمع نحملها عادة إلى الوزارات، ونسعى لخدمة مختلف الشرائح، ونواب كربلاء في هذه الدورة هم أقوى تأثيراً من نواب الدورات السابقة، لكوننا متماسكون ونعمل لهدف واحد".
وتلفت إلى أن "جهودنا كبيرة في خدمة كربلاء على المستوى الاتحادي، وتمكنّا من جلب الكثير من الأموال للمحافظة من الوزرات، إذ جلبنا مبلغ 450 مليار دينار للمحافظة من مبالغ الأمن الغذائي، وفي موازنة هذا العام حصلنا على 14 ألف درجة وظيفية لكربلاء، وآخر ما حصلنا عليه مبلغ 13 مليار دينار من وزارة الموارد المائية".
وانتشرت مطلع العام 2022، فيديوهات توثق لحظة منع بعض النواب من الدخول للوزارات، وذلك بعد بدء عمل البرلمان بفترة وجيزة، الامر الذي جدد اللغط حول طبيعة دور النواب وأسباب تجولهم في الوزارات.
وعادة ما يزور أعضاء مجلس النواب وزارات ومحاكم ومؤسسات حكومية٫ لتمشية أمور عامة أو شخصية، بيد أن هذه الزيارات لا تبدو مرحباً بها في تلك المؤسسات.
وفي السياق، ينبه النائب عن محافظة كربلاء، زهير الفتلاوي، إلى أن "الشارع لا يدرك مهام عضو مجلس النواب وهو معتاد على أن النائب يؤدي مهام الحكومة التنفيذية، وسبب ذلك أن البرلمانيين في الدورات السابقة كانوا يؤدون أعمال الحكومة، وزاد من هذا غياب مجلس المحافظة، فبات النائب يعمل في محافظته كأنه مسؤول تنفيذي".
ويرى أنه "لا يمكن مقارنة عملنا مع المسؤول التنفيذي، كوننا سلطة رقابية وتشريعية، وأنا شخصياً أديت واجبي بكل مهنية وحرص في أداء الدور التشريعي ومراقبة الحكومة المركزية، إضافة إلى متابعة عمل دوائر كربلاء بغياب مجلس المحافظة".
ويشير الفتلاوي، إلى أن "نواب كربلاء يؤدون الدور الرقابي على مؤسسات الدولة وفقاً لتخصص عملها، والتواصل مع الجمهور مرتبط بالسلطة التنفيذية، والكثير من الفئات تقصدنا لحل مشاكلها لا سيما شريحة الموظفين، لكننا لا نملك القرار التنفيذي".
ويتوسط الكثير من الأشخاص ممن لهم حاجة أو معاملة شخصية في وزارة ما لدى أعضاء مجلس النواب، وهؤلاء بدورهم يقبلون الوساطة ويقومون بزيارة المؤسسات لقضاء حوائجهم، بذريعة أنهم ممثلون للشعب من جهة، ومن جهة أخرى لكسب النفوذ الانتخابي، ومن جهة ثالثة هي زيارات رقابية تفرضها واجبات مجلس النواب. لكن تبقى هذه الزيارات مثار جدل وبلا آليات أو ضوابط تحددها وتنظم شرعيتها.
بدوره يشير الناشط والصحفي من كربلاء ضياء الموسوي، إلى أن "هناك عدد قليل من نواب كربلاء يتواجدون بشكل بارز مع الجمهور ونراهم يعملون على تشخيص الخلل بعمل مؤسسات الدولة ويؤدون دوراً رقابياً واضحاً، لكن الأغلب من برلمانيّ المحافظة لم نراهم منذ الإنتخابات البرلمانية، ولا أثر أو منجز لهم على الساحة وما عاد المواطن يذكر أسمائهم حتى".
ويؤكد أن "دور نواب كربلاء غاب أيضاً عن مراقبة الحكومة المحلية والقرارات التي تصدر في المحافظة والمخالفات التي نراها فيها، ولم يكن لهم دور تجاه الملف الأكبر الذي يشغل الشارع وهو ملف الفساد المالي والإداري في مختلف مؤسسات الدولة".
ويعزو الصحفي الكربلائي عدم أخذ أغلب نواب المحافظة لدورهم الحقيقي، إلى "انتماء بعضهم لكتل سياسية تتبع نهج اللا مبالاة تجاه معاناة المواطنين، والآخر لم يأتي ليقدم خدمة لشعبه ومدينته، وبالتالي تنصلوا عن المسؤوليات الملقاة على عاتقهم".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- موزعين على (350) موقعا سكنيا:العتبة الحسينية تقدم (22) الف وجبة طعام يوميا للوافدين اللبنانيين في كربلاء المقدسة
- في كربلاء.. قفزة بأعداد الطلبة من (250) الى (1000) طالب بالمدرسة الواحدة