- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تدوير أزمات الإنتخابات بين مجالس الدولة واللا دولة
بقلم: عصام الياسري
الدولة، أي دولة، من الناحية الجيوسياسية التاريخية حسب العرف القانوني الدولي: أجهزتها، شعبها، مناطقها، أشكال وتنوع مجتمعاتها يرتبط بموجبها الناس بعضهم ببعض لحماية مصالحهم المشتركة في مناطق “أرض” ذات حدود وسلطة سيادية، تعرف منذ بداية العصر الحديث “بالوطن”.
في شأن ذلك يعتمد القانون الدولي وفقا لمبدأ العناصر الثلاث، على وجه التحديد على أهم الوقائع والمعايير، أراضي الدولة وشعب الدولة وسلطة الدولة. فيما تتحدث جوانب أخرى من التاريخ عن ظهور وانهيار “أسس الدولة”، لكنها تعود للتموضع من جديد وفق أطر جديدة على نحو دمج المقاطعات القائمة وتحديث مؤسساتها لتتأسس منها الهياكل الحاسمة لما يسمى بالدولة المتكافئة.
من الناحية النظرية السياسية العامة، فإن الدولة بمفهوم اليوم مرتبطة، بغض النظر عن طبيعة الحكم، بشكل لا ينفصل بـ “شعب دولة” وبصفة عامة شاملة “سلطة دولة”. وكقاعدة عامة: على السلطة أن تتحمل مسؤولياتها باستقلالية تامة في تطبيق القانون على الخاضعين للحكم. بمعنى، أن سلطة الدولة هي سلطة سيادية وسلطة إلزامية، صلاحياتها محدودة بحكم الدستور الذي يفصل بين السلطات والروابط. فيما أجهزة الدولة، تعني، جميع المؤسسات والأشخاص العاملين فيها الذين يؤدون واجباتهم باسم وتحت أجهزة الدولة العليا التي تخضع إلى ((المنظومة الإدارية: “السلطة التنفيذية” الحكومة “السلطة التشريعية” البرلمان “السلطة القضائية” المحاكم العليا)) والمؤسسات التابعة للسلطة المركزية “الإدارات والوزارات.
منذ العصور اليونانية القديمة، كانت أشكال الحكم، ملكية أو أرستقراطية أو ديمقراطية ظاهرة شائعة، لكنها تمكنت في الغالب من بناء الدولة القوية. وعلى الرغم من أنها أنظمة مختلفة، تم فيها تنظيم” شكل الدولة “وطبيعة” سلطة الدولة “، بطريقة وأساليب حددها الدستور والقانون. لذلك يجب التمييز بين طبيعة النظام وأشكال السلطة “الحكومة”. في الشأن العراقي على سبيل المثال ((انحصرت السلطة منذ عقود بشخص تسنده مجموعة عقائدية شعبوية))، أساء استخدام السلطة وتقاسم النفوذ بين أفراده، بالإضافة إلى ممارسة الحد من الحريات العامة واضطهاد الآخرين.
على هذا النحو فإن مهام الدولة الدستورية: التشريع والتنفيذ والقضاء. تم توزيعها بين الجهات الفئوية المختلفة مع آلية التنسيق فيما بينها بانتظام. خلافا للدستور الذي لا يمكن لأي شخص أن يصبح قويا لدرجة أنه يدمر الدولة والنظام أو يتجاوز على القانون. بيد أن فصل السلطات هو العنصر الأساسي الأفضل في أي دولة دستورية. يضمن السيطرة والتوازنات المتبادلة بين الحقوق والواجبات داخل المجتمع من جهة، ومؤسسات الدولة الإدارية من جهة. بمعنى إدارة التفاعل الإيجابي للدولة ومؤسساتها تحت رقابة المجتمع وأحزاب فاعلة داخل المنظومة البرلمانية وخارجها.
في البلدان المتحضرة، الأحزاب السياسية لديها مهمة أساسية، تمثيل المصالح السياسية للشعب. لكي يتمكنوا مرشحيها من أداء هذه المهمة، يتمتعون بحقوق والتزامات خاصة. ووفقا لأحكام قانون “فالأحزاب”، تعتبر من الجماعات المجتمعية التي تؤثر بشكل دائم أو لفترة طويلة على صنع القرار السياسي والمشاركة في تمثيل الشعب في مجلسي النواب “البرلمان الإتحادي” والأقاليم، ألا أنه، أي القانون، لا يعتبر الجمعيات والمنظمات التي لا تريد المشاركة السياسية، أحزابا.. وللظروف العامة والموضوعية المرتبطة بأمن الدولة والمجتمع، على “الحزب” أن يقدم بموجب “قانون الأحزاب” معلومات كافية حول طبيعة “الحزب”، مثل عدد أعضائه، أماكنه المحددة وموارده المالية. والأهم تأكيدا لاحترامه القانون الأساسي للدولة “الدستور” والالتزام بمبادئه وصيانة الدولة ومصالحها.
أنشطة الأحزاب السياسية في العديد من الدول، تتمحور عادة حول تأثيرها على تحريك الرأي العام بهدف توسيع الإرادة الجماهيرية في الانتخابات وتشجيع المواطنين على المشاركة في الحياة السياسية وإشراك القادرين منهم على تحمل المسؤولية العامة في الحكومة “الاتحادية” والحكومات المحلية بالشكل الذي يساعد على تطور العمل السياسي في البرلمان والحكومة. بيد أن مبدأ حرية تأسيس الأحزاب بالإضافة إلى حرية الحزب فيما يتعلق بأهدافه وبرنامجه ونشاط أعضائه في سياق العمل الحزبي، لا يمكن أن يكون وسيلة لتبرير أعمال إجرامية لكسب الأصوات. فيما يلزم القانون الأساسي “الدستور”، الحكومة بمعاملة جميع الأطراف على قدم المساواة، وتطبيق مبدأ المساواة في التعامل بين الدولة والأحزاب الفاعلة بحيادية تامة. وهذا يلزم جميع السلطات، بما في ذلك هيئات البث العامة بمعاملة الأطراف من حيث المبدأ بنفس الطريقة عند تقديم التسهيلات والخدمات الانتخابية. وذلك لضمان المنافسة العادلة بأحدث الأساليب المعروفة باسم “تكافؤ الفرص المتدرج” للحصول على الأصوات ودعم المواطنين وفقا لأهمية الحزب ونزاهته.
هناك ما يزيد عن 200 دولة في هذا الكون، كل منها يختلف في طريقة تعيين القواعد الانتخابية وتغييرها. ونحن نتحدث في هذا السياق عن أشكال مختلفة من الحكومات. يمكننا أن لا نفرق بين ثلاثة أشكال مختلفة في محيطنا العربي: حكومة في دولة وراثية “ملكية”، يمارس السلطات الثلاثة، شخصا واحدا فقط. حكومة الاستيلاء على السلطة عن طريق الانقلابات أو العنف السياسي: يتمتع الشخص الحاكم الوحيد “دكتاتور” أو مجموعة حزبية بسلطة سياسية غير محدودة الصلاحيات.
حكومة في نظام جمهوري غير مدني، قواعد اللعبة الانتخابية تفرض على الجميع. في العراق الحكومات غير الرصينة المتعاقبة منذ ستة عقود، خليط من بين كل هذه الأنظمة، لم تتوانى في انتهاك كل القواعد والقوانين لأجل مصالحها الفئوية دون حساب أو رقيب أو تأثير انتخابي. الأمر الذي انعكس سوء على كل الحكومات التي تعاقبت منذ 2003، ولم تغير كل الانتخابات عقلية أصحاب السلطة فيما يتعلق الأمر بإدارة الدولة أو احترام قواعد اللعبة الانتخابية ذاتها. فهل سيدرك من يظن أن المسرحية الانتخابية القادمة أوفرا سلوكا ونزاهة؟ ومن سيضمن حسن نوايا الحرامية حماة القضية؟؟.
أقرأ ايضاً
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- إضحك مع الدولة العميقة