جدل الشرعية، يعود مجددا حول الانتخابات المحلية، بعد أن وجه زعيم التيار الصدري أنصاره بمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها، وفيما عدت هذه الدعوة بأنها ستقلل من نسبة المشاركة لأدنى مستوى في تاريخ الانتخابات العراقية، من قبل مراقبين ومقربين من التيار، ما سيؤدي إلى طرح فكرة تأجيلها، وجدها الإطار التنسيقي "غير مؤثرة"، وأن الانتخابات تكون ناجحة بأي نسبة مشاركة لعدم وجود نسبة محددة لمنحها الشرعية.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن "دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، تؤثر بشكل كبير جداً على العملية الانتخابية بكل مستوياتها سواء على مستوى القوائم وعلى مستوى نسبة المشاركة، خصوصاً وأن الدعوة جاءت في توقيت يتزامن مع أزمة سياسية عميقة جداً، وارتباك أمني وانهيار اقتصادي".
ويضيف الشمري، أن "دعوة الصدر سيكون لها تأثير قوي، ولهذا قد تضطر الأطراف السياسية إلى اعلان انسحابها من السباق الانتخابي، فضلا عن أنها ربما تدفع باتجاه المزيد من المقاطعة، فضلا عن طرح فكرة تأجيل الانتخابات من قبل بعض الأطراف السياسية، حتى التي في الإطار التنسيقي".
ويؤكد أن "انخفاض نسبة المشاركة بالعملية الانتخابية بشكل كبير، سيكون محطة استفهام وعدم تعاطي، خصوصاً وأن المجتمع الدولي، قد يأخذ دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الحسبان".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا يوم أمس الاثنين، انصاره الى مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعيتها خارجياً وداخلياً، حيث أكد: مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للإنتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا.. ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب".
يذكر أن الصدر، أمر بانحساب الكتلة الصدرية التابعة له والابتعاد عن العملية السياسية في حزيران 2022، ومن ثم أعلن عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، وذلك خلال أزمة الإنسداد السياسي التي استمرت قرابة عام.
وبعد انسحاب الصدر، تمكن الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة بالاتفاق مع الكتل الكردية والسنية، وسط استمرار مقاطعة الصدر لها، كما عبر الأخير عن رفضه للحكومة أكثر من مرة وبشكل صريح.
ومن المفترض أن تجرى انتخابات مجالس المحافظات في 18 من شهر كانون الأول المقبل، وقد انطلقت قبل فترة وجيزة الدعاية الانتخابية للمرشحين.
ثلث معطل
من جهته، يبين المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري عصام حسين، أن "إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، لا يعني أن الصدر رفع يده عن العراق، وانما هذا احتجاج على كل الاوضاع الراهنة وفشل الحكومة في تنفيذ وعودها واستمرار الفساد وارتفاع اسعار السوق والتلاعب بالعملة العراقية عن طريق السوق الموازي، الذي يقسوا على معيشة المواطن مع تحقيق وفرة مالية مريحة لأحزاب الفساد تنفعها في الصراع السياسي والانتخابات".
ويتابع أن "الإطار التنسيقي سيعمل على أن تكون أصوات المواطنين مجرد محاولة فاشلة لمنح الثقة لكتلة معينة لادارة المحافظة لأربع سنوات قادمة، لذلك الانتخابات غير مجدية مع عقلية الاستحواذ ومنع أي محاولة تغيير، عبر التلاعب بالتفسيرات الدستورية"، ملمحا إلى أنه "ربما يظهر ثلث معطل في تشكيل الحكومات المحلية أن ساءت أمور الأحزاب الحاكمة".
ويلفت إلى أن "من يتكلم عن خسارة سياسية للتيار الصدري هذا واهم، فكل ما في الأمر أن زعيم التيار مقتدى الصدر رفض مد يده في سفرة المحاصصة والتوافقية معروفة النتائج، وكان من السهل عليه المشاركة في التحالفات التوافقية والحصول على حصته الحكومية بما يتناسب مع مقاعده البرلمانية خلال العام الماضي، أو ترك الانسداد السياسي قائم دون حل، لكنه رفض الأمرين".
ويتابع أن "دعوة الصدر الصريحة والعلنية لمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، سيكون لها أثر كبير على نسبة المشاركة في العملية الانتخابية، وسوف تكون هناك مقاطعة شعبية كبيرة".
يذكر أن الثلث المعطل، استخدمه الإطار التنسيقي خلال الإنسداد السياسي، حيث حاول التيار الصدري وبعض القوى المتحالفة معه، تمرير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تحتاج إلى ثلثي مقاعد البرلمان، لكن الإطار التنسيقي قاطع هذه الجلسات وضم قوى أخرى له، ما عرقلة إكمال النصاب القانوني، ولم تعقد الجلسة إلا بعد إنسحاب التيار الصدري من العملية السياسية.
وكانت الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي جرت في 2021، كانت نسبة المشاركة فيها 41 بالمئة، بحسب المعلن من قبل مفوضية الانتخابات في حينها، فيما ذكرت منظمات مستقلة معنية بالانتخابات أن النسبة أدنى من المعلن.
الشرعية
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، أن "الانتخابات حق منحه الدستور لكل مواطن عراقي، ومن يريد أن يتنازل عن حقه في الانتخابات، سيكون متنازل عن حق منحه له الدستور العراقي".
ويلفت إلى أن "دعوة الصدر لن تؤثر فقط إلا على أنصار التيار، وباقي الجمهور كل له مراد، والأهم من كل هذا لا توجد نسبة محددة في الدستور العراقي تحدد شرعية الانتخابات، وبالتالي أي نسبة للمشاركة ستؤدي لأن تكون الانتخابات شرعية، حتى لو تدنت النسبة لأقل شيء".
وناقشت وكالة نون الخبرية في تقرير سابق، مشاركة الإطار التنسيقي في الانتخابات المحلية من دون منافس متكافئ، بعد غياب التيار الصدري أكبر خصومه السياسيين، لكن مراقبين أكدوا في التقرير، أن هذا الأمر يترك الإطار بـ"حرج"، لكنهم تحدثوا عن "قوائم ظل" يسعى الإطار لتشكيلها وزرعها بوجوه مدنية "لتلطيف" الأجواء وإضافة مظهر شرعي تعددي على الانتخابات.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟