اقتربت الحكومة الحالية من إكمال عامها الأول، وخلاله ركز رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على إجراء التعديل الوزاري، فضلا عن منحه أكثر من مهلة للمديرين العامين، وكشف في أكثر من لقاء وحديث عن قرب اتخاذ هذه الإجراءات بعد التقييم، لكن حتى اللحظة لم ينفذ السوداني وعده.
مراقبون للشأن السياسي، أكدوا أن عدم إجراء التعديل الوزاري من قبل السوداني، بسبب "تكبيله" من قبل القوى السياسية وخاصة الإطار التنسيقي، على الرغم من قناعته بتغيير نحو 60 بالمئة من الكابينة الحكومية، فضلا عن التدخلات الإقليمية والدولية، وفيما أجمعوا على وصف السوداني بأنه "موظف بدرجة مدير" لدى الإطار، أكدوا أن تغييرا وزاريا أو على مستوى المديرين لن يحصل.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، إن "التعديل الوزاري كان من المفترض أن يجري قبل نحو ستة أشهر، خصوصا وأن هناك وزراء فشلوا في تنفيذ البرنامج الحكومي، كما هناك وزراء غير قادرين على الارتقاء بوزارتهم".
ويضيف الشمري، أن "هناك ردود فعل كانت على السوداني بعد إعلان نيته إجراء التعديل الوزاري، أبرزها من قبل الإطار التنسيقي، الذي أعلن انه لا يحق لرئيس الوزراء إجراء تعديل وزاري على مستوى الوزراء والوكلاء والمدراء العامين وغيرها من الدرجات الخاصة، إلا بعد العودة إلى الإطار وأخذ الضوء الأخضر منه".
ويتابع أن "ردود الأفعال هذه، هي التي دفعت السوداني إلى التراجع عن فكرة التعديل الوزاري وتأجيلها إلى وقت لاحق، لكن هذا التأجيل لا يعني أن الوزراء الذين حددهم السوداني تحسن أدائهم، بل أن الكثير من استطلاعات الرأي العام اشارت إلى أن ما يقارب 60 بالمئة من الكابينة الحكومية هي غير فاعلة وغير منتجة، بالتالي تأجيل التعديل هو بسبب القيد السياسي ورفض بعض الكتل والأحزاب له".
ويؤكد رئيس مركز التفكير السياسي، أن "السوداني يمكن أن يحقق خطة التعديل الوزاري من خلال مسارين، الأول يكون عبر التشاور مع الكتل السياسية من أجل إجراء تعديل محدود جداً، والمسار الثاني أن يمضي إلى البرلمان دون أخذ موافقة الكتل والأحزاب، وهنا يكون هو من يمتلك قرار التغيير وليس الكتل، لكن هذا الأمر مستبعد، لأنه بهذه الخطوة سوف يفتح السوداني جبهة وأزمة مع الكتل الأحزاب".
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أكد خلال حديث متفلز في نيسان الماضي، أن هناك حديثا مباشرا وصريحا مع الوزراء بشأن تقييم عملهم، وبين: الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر.. مصممون على إجراء تعديل وزاري وسنختار الوقت المناسب، ولن أتنازل عن صلاحياتي الدستورية في إجراء التغيير الوزاري.
وأضاف السوداني، آنذاك، أيضا: سأذهب للبرلمان وأطلب إعفاء الوزير المقصر ومن يريد أن يرفض سيكون أمام الشعب، وقد تحدثت بوضوح مع القوى السياسية وأبلغتهم أن تقييم الوزير مهني ولن يكون وراءه أي استهداف.
كما قرر السوداني، في أيار الماضي، وبناء على محضر الاجتماع الرابع للجنة الأمر الديواني المعنية بتقييم المديرين العامّين أصالةً، التي تتضمن نقل المديرين العامّين المعيّنين أصالةً ممّن لم يحصلوا على تقييم إيجابي، إلى درجة أدنى من الدرجة التي كان يشغلها قبل تعيينه مديراً عاماً، لكنه تراجع سريعا القرار، وأمر بالتريث بتغيير المديرين العامين، البالغ عددهم أكثر من 300، إلا أن المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، هشام الركابي نفى أنباء التريث في حينها.
من جهته، يرى المحلل السياسي نزار حيدر، أن "التغيير الوزاري، واحد من الملفات التي وعدنا بها السوداني ولم يف به، فمنذ أن شكل حكومته وهو يقدم الوعود، ولكنه وعد فأخلف، وبرأيي فإنه أَعجز من أَن ينفذ وعده بذلك ويفعلها لأَسباب عدة، منها انه لا يمتلك كتلة نيابية متماسكة يعتمد عليها لتدعمه في تنفيذ مثل هذا الإجراء الخطير، فهو لا يمتلك سوى نائبين فقط".
ويشير إلى أن "السوداني يعرف جيدا بأنه لم يمتلك وقتها الإرادة لقبولِ أو رفض الوزراء الذين تقترحهم عليه القوى السياسية، بمعنى أن الوزراء ليسوا فريقه الخاص ليتمكن من إِقالة أحدهم أو حتى محاسبته، وكلُّنا نتذكر قوله بأن بعض الوزراء تعرضوا للتهديد والابتزاز من قبل كتلهِم، من دونِ أن يجرؤ ويسمي هؤلاء الوزراء أو الكتل التي هددتهم، كذلكَ لم يذكر لنا ما إِذا كان الوزراء فقط هم الذين تم تهديدهم وابتزازهم، أَم أَنه هوَ الآخر كذلكَ تعرض للتهديدِ والابتزاز".
وبين ان "السوداني يعرف جيدا بأن طبيعة الحكومة محاصصاتية لا تسمح له بإقالة وزير، فهل تظنون أنه قادر على إِيجاد وامتلاك مثل هذهِ العدة المطلوبة ليتسلّح بها، فالذي يتعامل معه الإطار كموظف بدرجة مدير عام لا يستطيعُ إنجاز ذلك".
يذكر أن السوداني، قرر في منتصف كانون الأول 2022، إعطاء مهلة 3 أشهر للمديرين العامين، ليجري بعدها تقييم أدائهم، وفق ما تم تنفيذه على أساس البرنامج الحكومي، فيما منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.
يشار إلى أن السوداني، تسنم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمنت كابينته الوزارية وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة وأغلبهم قادة كبار في تلك الكتل، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تمنح حقائب وزارية.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي محمد علي الحكيم، أن "السوداني أثبت انه أضعف رئيس وزراء، وأغلب شعاراته ووعوده بالمجمل فضفاضة ولا يمكن أن تترجم على أرض الواقع، كما أثبت أن الرجل مكبل ومقيد ومسير وليس مخير، والرجل ليس باستطاعته تبديل لا وزير ولا وكيل وزير ولا مدير عام ولا حتى رئيس قسم الا بإرضاء الكتل والقوى السياسية".
ويتابع أن "كل ما يجري بشأن التغيير الوزاري عبارة عن إلهاء للشارع وللاستهلاك الإعلامي، حتى أصبح في الوقت الحاضر لا يلعب إلا دور مدير عام أو شرطي مرور لدى ائتلاف إدارة الدولة وبالتحديد الإطار التنسيقي، لذلك كل وعود السوداني بتعديل وزاري منذ البداية أكدنا في العديد من اللقاءات على عدم تحققها، في حين أكثر من نصف كابينية السوداني تستحق التغيير، لأنهم ليسوا بالمستوى المطلوب وأغلبهم فرضوا على السوداني من قبل القوى السياسية وزعماء الأحزاب خلافا لما توعد به السوداني بأنه لن يسمح أن يفرض أي وزير عليه".
ويشير إلى أن "صخرة إصلاح السوداني الذي وعد بها الشعب العراقي قبل تسنمه المنصب وبعدها، اصطدمت بصخرة الأحزاب واطماع القوى السياسية، وحكومته أثبتت أنها استمرار للحكومات السابقة، والرجل مكبل بتوافقات داخلية وإقليمية ودولية، ويأتي في المراحل المتأخرة بعد العامل الدولي والإقليمي والاحزاب والقوى السياسية وبعض الأطراف الأخرى، لذلك مفتاح التعديل والتغيير الوزاري ليس بيد رئيس الوزراء وكل ما نسمعه هنا وهناك، ليس إلا فقاعة للاستهلاك الإعلامي".
يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- ماذا وراء تأجيل التعديل الوزاري؟
- تحالف السوداني والصدر.. "جس نبض" أم تهديد لـ"الإطار"؟