تطورات سريعة شهدتها الحرب الفلسطينية الإسرائيلية التي اندلعت شرارتها في غلاف غزة، يوم السبت 7 تشرين الاول الجاري، وطالت مؤخرا مطاري دمشق وحلب السوريين، وجنوب لبنان، ما استدعى تحركات دبلوماسية عاجلة من دول عربية وإقليمية، آخرها زيارة وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان إلى بغداد، في زيارة رسمية التقى فيها العديد من المسؤولين.
مراقبون عزوا الزيارة إلى تنسيق المواقف وتوحيدها، واعتبروها رسالة مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل، لكنهم استبعدوا مناقشة إشراك الفصائل العراقية في الحرب، محذرين من أي سيناريو بهذا الاتجاه، لأن نتائجه ستكون "كارثية"، خاصة وأن إسرائيل تحاول نقل المعركة إلى خارج حدودها.
وكان وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، وصل ظهر يوم الخميس الماضي، إلى العاصمة بغداد، ضمن جولة تشمل سوريا ولبنان، والتقى مسؤولين عراقيين، على رأسهم، رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، للتباحث في العلاقات الثنائية، والأوضاع الإقليمية والدولية، والتطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وضرورة فك الحصار عن قطاع غزة، مؤكدا خلال لقاءاته على دور العراق المحوري في المنطقة.
يشار إلى أن السوداني، أكد خلال اللقاء، موقف العراق الثابت والمبدئي إزاء حقّ الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة وإقامة دولته الوطنية المستقلة على أرضه وترابه التاريخي، وضرورة تحرك المجتمع الدولي لإنقاذ أهالي غزة هناك من محنتهم.
ويقول المحلل السياسي فلاح المشعل، إن "إسرائيل تحاول تصفية جميع مراكز المقاومة المعارضة التي تهدد وجودها واستقرارها، سواء داخل فلسطين أم خارجها، وأقصد لبنان وسوريا والمعسكرات التابعة لإيران، وكذلك بعض الفصائل العراقية".
ويضيف المشعل، أن "إسرائيل في ظل الدعم الأمريكي التسليحي والسياسي، تجد هذه فرصة تاريخية للتخلص من أعدائها، مقابل ذلك من الطبيعي أن تستنفر جبهة المقاومة ويحضر وزير خارجية إيران لبغداد لتنسيق المواقف ودراسة مخرجات المواجهة إن حدثت"، مؤكدا أن "الموقف الحكومي العراقي في غاية الحرج من أمريكا، لأنه أعلن وقوفه رسميا مع فلسطين والتضامن مع غزة".
وصباح يوم الخميس الماضي، استهدفت إسرائيل مطاري حلب ودمشق في سوريا، وكان الاستهداف لمدارج المطارين، وبحسب وكالة الأنباء السورية: الاستهداف أدى إلى تضرر مهابط المطارين وخروجهما عن الخدمة.
يذكر أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه يوم الخميس الماضي، بإرسال مساعدات إنسانية الى قطّاع غزة، وجرى تشكيل لجنة تتولى تسلم التبرعات لإغاثة المدنيين في القطاع، وبحسب اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، فأن مكتب تسلم التبرعات والمساعدات إلى الشعب الفلسطيني سيكون في مقر قيادة الدفاع الجوي ببغداد قرب ساحة عباس بن فرناس.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي محمد علي الحيكم، أن "زيارة وزير الخارجية الإيراني لبغداد، مهمة جدا وجاءت في ظرف حساس، وتحمل رسائل عديدة لجميع الأطراف، وبالتحديد الولايات المتحدة وإسرائيل، بأن إيران لا تتخلى عن حلفائها في المنطقة ودول محور المقاومة".
ويلفت الحكيم، إلى أن "أي حرب بين محور المقاومة بقيادة إيران وإسرائيل، لو اندلعت فإنها ستكون حرب كسر عظم وإثبات وجود، لذلك ستكون نتائجها وتداعياتها كارثية على مستوى منطقة الشرق الاوسط بالكامل، لذلك فإن أغلب الأطراف في الوقت الحاضر لا تريد توسعة رقعة الحرب".
ويستبعد "أي تحرك للفصائل العراقية في الوقت الحاضر، لأن ذلك سيعقد الأمور أكثر، ويضع الحكومة العراقية في زاوية حرجة، ولن يصب في صالح العراق حاليا، لأنه سيؤجج الوضع في الشرق الأوسط، لكن ذلك قد لا يستمر طويلا في حال تم فتح أية جبهة أخرى ضمن محور المقاومة، وهنا ستتغير المعادلة، وتصبح مشاركة الفصائل العراقية أمرا حتميا ويجب التعامل معه".
يشار إلى أن، الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، أكد يوم الخميس الماضي أن: العراق موقفه موحد مرجعيةً (دينيةً) وحكومةً وشعباً تجاه القضية الفلسطينية.
يذكر أن إسرائيل، قصف يوم الخميس الماضي مناطق عديدة جنوب لبنان، وهو معقل جزب الله اللبناني، ما أدى إلى نزوح سكان بعض القرى، وجرى الاستهداف بصواريخ وقذائف مختلفة.
من جانبه، يبين المحلل السياسي ماهر جودة، أن "قصف آلبوكمال ومواقع الجيش السوري ومن ضمنها حتى مطار دمشق، يأتي بسبب إنزعاج الإسرائيليين من دعم إيران لفصائل المقاومة وعلى رأسها حركة حماس، حيث قدمت لهم الكثير من الصواريخ المتطورة ومضادات الدبابات، فضلا عن الدعم المالي والمعنوي".
ويردف جودة، أن "هذا الأمر لم تتقبله إسرائيل، رغم أنه ليس بالجديد، وبالتالي فإن استهداف إسرائيل للجولان في سوريا وجنوب لبنان، محاولة لنقل المعركة لخارج حدودها".
وعن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بغداد، يوضح أن "الزيارة بالتأكيد هي لتنسيق المواقف، خاصة بعد تحرك البارجات الأمريكية، وبهدف الوصول إلى تفاهمات مع العراق بسبب وضع المنطقة المتوتر، فهناك مفاجآت ربما تحصل، فمن بدأ الحرب لا يعرف كيف ينهيها، فالمعركة أًبحت معقدة، وهناك قلق من توسعها".
وتباحث الرئيسان السوري بشار الأسد والإيراني إبراهيم رئيسي، يوم الخميس الماضي، هاتفيا، بشأن التطورات، واتفقا على تفعيل التواصل مع الدول الإسلامية والعربية لاتخاذ موقف موحد حيال الجرائم الإسرائيلية.
من جهته، لا يرجح المحلل السياسي غالب الدعمي، تدخل الفصائل المسلحة العراقية في الحرب"، مستبعدا "تدخل إيران أيضا، فهي قد أعلنت صراحة، أن ما يحصل في غزة هو تخطيط من حماس، ولا دخل لها فيه".
ويؤكد الدعمي، أن "زيارة الوزير الإيراني لبغداد، طبيعية جدا لتنسيق مواقف الإدانة ولتهيئة المواقف عامة، لكن الحكومة العراقية ستبقى بعيدة ولن تشترك في أي حرب، ولن تكون طرفا بهذه المشاكل، فالعراق غير قادر على دخول حروب خارج بلده، والوضع الامني فيه غير مستقر، وبالتالي فإن ما يجري هو مساندة فقط".
وكان الكنيست الإسرائيلي، قد صادق مساء الخميس الماضي، على حكومة الطوارئ التي شكلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتضم نتانياهو وغانتس ووزير الدفاع الحالي يوآف غالانت وسيكون كل من القائد السابق لجيش الاحتلال الاسرائيلي من حزب غانتس غدي آيزنكوت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مراقبين.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- ماذا وراء تأجيل التعديل الوزاري؟
- زيارة بهدف واحد.. ماذا يريد عراقجي من بغداد؟
- تغيير وزاري مرتقب.. ماذا وراء تطبيق "التقاعد" على ذوي الدرجات الخاصة؟