من دون برنامج انتخابي ودعاية موضوعية، أطلق الإطار التنسيقي دعوات مبكرة للمواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، وفيما فسر محللون تلك الدعوات بأنها استشعار مبكر بعزوف جماهيري عن الاقتراع، أكد مقرب من الإطار أن الأخير فشل في حشد جماهيره، متكئا على خطوات السوداني "الإيجابية" في جذب الناخبين، في حين اعتبرها آخرون جس نبض للشارع بشأن مدى المشاركة.
ويعتقد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، إن "الإطار مقصر في موضوع الاهتمام بالانتخابات، فقد كان من المنتظر أن يجد حلولا لعزوف الناخبين عن المشاركة بالانتخابات السابقة، وكان من المفترض مناقشة هذا الملف قبل تحديث البطاقة الانتخابية".
ويضيف فضل الله، أن "الإطار يفتقر إلى برامج معدة مسبقا، كما يفعل التيار الصدري في حشد قاعدته الجماهيرية، فالأخير متفوق في هذا الجانب بنسبة كبيرة جدا، إذ بالرغم من الإعلان عن عدم المشاركة لكنه حرك قواعده الجماهيرية عن طريق القيادات الفرعية لتحديث البطاقات"، لافتا إلى أن "الإطار من جانبه، ليس لديه سوى المراهنة على بعض الإيجابيات التي قام بها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لتكون سببا في جذب الجمهور، من دون أن يمتلك استعدادا حقيقيا وموضوعيا في هذا الجانب".
ويتابع أن "مراهنة الإطار على خطوات السوداني الإيجابية، يأتي لجهة أن المتداول أن الحكومة إطارية، وهذا الاعتقاد خاطئ جدا وهو مصيدة إعلامية وقع بها الإطار، فمن المفترض أن تراهن على المنجز والعمل يجب أن يتم على تكثيف تحديث البطاقات، لأن ثلث الناخبين لم يحدثوا بطاقاتهم وهذه مقدمة سيئة تنبئ بعزوف كبير عن الانتخابات".
وكان الإطار التنسيقي دعا، في اجتماعه الدوري بساعة متأخرة من ليل أمس الأول الاثنين، المواطنين الى مشاركة واسعة لاستكمال المشاريع الخدمية في محافظاتهم، فيما عرض الاجتماع آخر استعدادات قوى الاطار التنسيقي لخوض الانتخابات.
وتجري الاستعدادات للانتخابات في ظل غياب الكتلة الصدرية، التي كانت قد حصدت 73 مقعدا نيابيا في الانتخابات التشريعية الأخيرة في تشرين الأول 2021، لكن الصدر فشل بتشكيل الحكومة ودخل بصراع مع الإطار التنسيقي استمر لمدة عام، وانتهى بانسحابه وتشكيل الإطار للحكومة.
من جهته، يؤكد المحلل السياسي فلاح المشعل، أن "الدعوة التي خرجت من قبل الإطار التنسيقي تؤكد بلا شك أن الإقبال على الانتخابات سيكون ضعيفا خصوصا بعد انسحاب العديد من القوى والأحزاب الناشئة والمدنية ومن قبلها الانسحاب البارز للتيار الصدري، وهذا ما يعني أن قوى الإطار التنسيقي ستدخل لتواجه بعضها من دون أن تكون هناك قوى منافسة ومعارضة لها، لذا تعتقد قوى الإطار أن عزوفا كبيرا سيحدث، ولهذا هي تدعو بوقت مبكر إلى الانتخابات، وهناك قوى أخرى انتهجت هذا النهج ونشطت مبكرا".
ويضيف المشعل أن "معظم القوى بدأت بنشاطات وإنجازات وهمية كتبليط الشوارع لكن لم نقرأ عن برنامج انتخابي جديد أو فكر أو رؤية جديدة"، مشيرا إلى أن "الجمهور العراقي وصل إلى اليأس من أي تغيير ولم يقم بتحديث البطاقة الانتخابية، لذلك هناك من بدأ يدعو لجعل البطاقة الانتخابية واحدة من الوثائق، وهذه مغالطة فالانتخابات هي حق شخصي ممكن أن يتخلى عنه الفرد".
وعن مدى خشية الإطار من نسبة المشاركة، يتابع أن "الكتل السياسية لا تعترف بالأخلاقيات وتمضي بمصالحها كيفما تكون النسبة، ففي 2010 فاز إياد علاوي ولم يحصل على الحكومة، وقبل سنة فاز التيار الصدري ولاقى المصير نفسه، لأن العملية السياسية فيها مناورات والتفافات كثيرة وتحتوي على نص دستوري مرن يمكن تطويعه وهناك تفسيرات من المحكمة الاتحادية لا تساهم بتنمية المشروع الديمقراطي".
وقد شهدت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة، تراجعا كبيرا وكانت أقل نسبة تسجل في جميع الانتخابات العراقية، بواقع 41 بالمئة، حسب المعلن من قبل مفوضية الانتخابات في حينها، فيما رجحت منظمات معنية بالانتخابات أن تكون النسبة أدنى من المعلن.
بالمقابل، يجد المحلل السياسي المقرب من الإطار كاظم الحاج، أن "الجماهير تعي وتعلم أن الكتل السياسية برمتها لم تكن صادقة معه بوعودها سابقا، وعدم الإيفاء بالوعود تكرر أكثر من مرة سواء في الانتخابات المحلية أم البرلمانية، والكتل تعرف أن المشاركة ستكون ضئيلة جدا وتقتصر على المتحزبين فقط، وهذا الأمر تخشاه القوى السياسية، لذلك هي توجه دعوات مبكرة لمحاولة جس نبض الشارع تجاه الانتخابات".
ويضيف أن "الجماهير تنظر إلى سلوك القوى بشكل سلبي لا يمثل تطلعاتها، فهذه القوى لا تذهب باتجاه خدمة الجمهور، إنما لتقوية سلطتها ونفوذها والبحث عن مصالحها الخاصة"، لافتا إلى أن "بعض القوى السياسية حاولت بطرق شتى الحصول على بطاقة الناخب لمحاولة كسب صوته من الآن مقابل وعود ومغريات".
يذكر أن الانتخابات المقبلة، سواء لمجالس المحافظات أو النيابية، ستجري وفق نظام "سانت ليغو"، الذي أقره البرلمان، وهو ما شهد حملة اعتراضات واسعة من القوى الناشئة ما دفعها إلى تشكيل تحالفات للمشاركة بالانتخابات، نظرا لأن هذا القانون يعتمد على القوائم الكبيرة وليس الترشيح الفردي، كما جرى في الانتخابات الماضية، حيث اعتمد نظام الدوائر المتعددة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟