بقلم: نوزاد حسن
لم يكن حديث رائد الطب الباطني الدكتور حسام موافي في تقديم الامتنان لرجال القانون والقضاء بدعة غير مسبوقة، بل هي دعوة لا بد من العمل بها، واخذها في نظر الاعتبار.
كان الدكتور الكبير موافي يتحدث عن والده الذي كان قاضيا نزيها انسانيا الى ابعد الحدود. ولم يقتصر راي الدكتور على تقبيل ايدي رجال القضاء فحسب وانما طالب بأن يعطى القضاة ومن يعمل في مجال القانون شيكات بلا ارقام ليضعوا هم مقدار الراتب الذي يريدونه. ويؤكد موافي انه على ثقة كبيرة ان القاضي ورجل القانون لا يمكن ان ياخذا اكثر من استحقاقهما.
الفكرة طريفة جدا اليس كذلك. قد تكون كذلك لكنها قاسية ان عرضناها على واقعنا. وفي مرآة الواقع يكون العكيلي شخصا في صحراء مترامية يسير فيها وحده. وانا اسمي هذه الصحراء برملها الاصفر: صحراء النزاهة الممتدة. هناك في تلك الصحراء ينفى من يقول كلمة الحق.
قيل لي سابقا وفي لحظة طيش من احد المدعين أنني اجعل من العكيلي ملاكا. لا ياسادة ليس الامر كما تعتقدون. القضية وما فيها انني ضعيف جدا امام الشخص الذي يترفع عن حصد المغانم وهي تحت اصابعه. الجهلة لا يعرفون عن اي شيء اتكلم. انا اتحدث عن نقطة واضحة جدا. النزيه هو الشخص الذي احاطت به المغريات فلم يتاثّر. هل هذا شيء عادي؟ انا اتساءل. هل يعقل ان نبسط القضية اكثر من ذلك.؟
دعوني اشرح الامر لبعض من لا يفهم كذلك المدعي الذي اصر في وقت ما على مقابلتي لان بعض ما كتبته لم يعجبه.
الاغراء يسحق العقل ويطحنه ومن هنا تقع كوارث وجرائم كثيرة. وكم سمعنا عن جرائم تحدث لاسباب تافهة او لاسباب مادية.
حين يسحق الاغراء العقل يتصرف الانسان مثل حيوان هائج. لكن ان صمد العقل امام المغريات، وتعامل معها على انها ليست من حقه فهنا سيتحول الاغراء الى نزاهة. ولا اظن ان هناك شيئا اثقل من هرم النزاهة لذا يلقي الكثيرون هذا الهرم عن ظهورهم ليهرولوا الى جنة الاغراء المؤقتة.
تقبيل يد القاضي النزيه دعوة اخلاقية اطلقها طبيب مصري مليء بحماس الايمان والابداع. وانا اؤيد ما ذهب اليه لسبب بسيط هو انني اعرف جيدا معنى ان يكون الانسان نزيها في زمن بلا رقابة حقيقية.