بقلم: علي حسين
منتهى الاستخفاف بالعقول، أن يخرج علينا وزير المالية ليقول إن العراق يخطط ليكون أكبر المنتجين للطاقة الكهربائية.
لا أدري ماذا يقصد الوزير بأكبر المنتجين، وكيف يمكن لبلد ينتظر عطف الجيران ان يمتلك القدرة على تصدير الطاقة الكهربائية؟، والسؤال الأهم لماذا الحديث عن تصدير الطاقة وكان بإمكان الوزير أن يتحدث عن الأموال التي نهبت في مشاريع الكهرباء الوهمية ؟ لكن يبدو أن اللافت من هذه "النكتة" التي أطلقها السيد الوزير، أن الكهرباء ستظل في خبر كان.
وأحسب أن ما قاله وزير المالية لا يختلف في شيء عمّا قاله معظم وزراء الكهرباء منذ عام 2005 وحتى لحظة كتابة هذه السطور، فهي مجرد جمل مزوّقة ومرتبة تضاف إلى أرشيف كوميديا العراق، ذلك أن فقرات العرض الذي يقدمه المسؤول العراقي، دائماً، ربما تكون موجهة لجمهور من جزر واق الواق.. فالسيد الوزير للأسف ينسى أن هذا النظام أنفق 100 مليار دولار من أموال هذا الشعب، المغلوب على أمره، على كهرباء تغيب عن الوعي كلما قررت إيران أن توقف الغاز.
أذكر أنه قبل أن يخبرنا الدكتور حسين الشهرستاني عام 2011 بأننا سنصدر الكهرباء إلى دول أوروبا.. خرج علينا إبراهيم الجعفري بخطاب سنسكريتي تمت ترجمته للعربية، حذر فيه الجعفري الشعب العراقي من صعقة كهربائية بسبب المشاريع العملاقة التي أنجزها والتي خصص لها فصلاً من كتابه "تجربة حكم"، ثم عرفنا أن وزير الكهرباء أيهم السامرائي اكتشف أن له في أموال الكهرباء حقٌّ معلوم فحوّل مليار دولار إلى حسابه في أميركا، بعدها تم اقتياد أموال الكهرباء والإعمار والصحة والتعليم إلى قاصات المسؤولين "الكبار".
لا شيء.. لا شيء، فنحن نملك نواب يتنفسون هواءً وطنياً!! وليسوا بحاجة إلى من يذكرهم بأن الناس تعاني البطالة والفقر وسوء الخدمات، غير أن المضحك أكثر أن لا أحد من الذين نهبوا أموال الكهرباء والمستشفيات والمدارس والمشاريع الوهمية قُدم إلى القضاء، فهو باق في المنصب، مرة وزيراً، ومرات نائباً، وإذا اقتضت الضرورة سفيراً.
لقد تحول كل شيء في هذه البلاد إلى مهزلة، الصراع بين الدولة والجماعات المسلحة، وتكبيل طاقات العراق من أجل عيون دول الجوار، وغياب القادة القادرين على ضبط إيقاع البلاد التي يراد لها أن تنزلق نحو المجهول. وفي مثل هذه الحالة خرجت الناس إلى الشوارع لا لتعترض على الديمقراطية العراقية، ولا على توزيع المناصب طائفياً، ولكن على الفقر والبطالة والعوز وغياب التنمية وسبل المستقبل.. أيها السادة لسنا بحاجة إلى استعراضات عن تصدير الطاقة، ما نحتاجه اليوم الوقوف بوجه الفقر والتخلف وغياب الفرص وضياع الشباب بلا عمل أو أمل.