بقلم: رعد العراقي
وقفة استغراب وحيرة ونحن تشاهد الأجواء المتوترة التي يعيشها الوسط الكروي من (شو إعلامي) وحراك متصاعد بالتصريحات الارتجالية والمتناقضة حول مهمة اختيار المدرب الأجنبي الجديد من قبل اتحاد الكرة، وكأنّ الزمن يعود بنا إلى ذات المشاهد لأفلام تكرّرت في السابق بنفس السيناريو كانت سبباً في اشغال الرأي العام حين اصبحت مادة دسمة تعتاش عليها البرامج الرياضية التي بعضها أخذ يتفنّن في التلاعب بمشاعر الجماهير ويتفاخر في قدرته على خرق جدار السرية لعمل الاتحاد ولجانه المختصّة في أسلوب ووسائل اختيار تلك الكوادر التدريبية.
المسألة خرجت عن حدود المنطق بعد أن انحرف اتحاد الكرة عن مسار العمل الاحترافي الصحيح وفتح منافذ غير آمنة بدأت تتلاعب بمصير وشكل القيادة الفنية القادمة عبر اشراك الشارع الكروي والإعلام في رحلة انتقاء الكادر التدريبي والسماح الى لجنة الخبراء وأعضاء اللجنة التنفيذية في كشف كل الخطوات والنقاشات وطرح الاسماء المرشّحة لخلق الأزمات غير المبرّرة وتذهب بالتشكيك بوجود دوافع مُبيّتة تستهدف امتصاص الضغط الجماهيري الذي تعرّض له الاتحاد نتيجة سلسلة الاخفاقات الخارجية، ومشاغلته نفسياً في قضية استقدام المدرب القادم في وقت تبدو الصفقة أنها تجري بعيداً عن الأسلوب والكيفية التي أعلن عنها.
يُخطئ مَن يظنُّ أنّ ما يجري هو حرية وانفتاح وشفافية في العمل، بل هي بالتأكيد فوضى إدارية وتداخل في الاختصاص الوظيفي لم نشهد له مثيلاً في كل اتحادات العالم التي تحترم التفاصيل الدقيقة والسليمة بكلّ خطواتها، وتتجه نحو الفكر الاحترافي في الإقرار على عملية اختيار الكوادر التدريبية التي تتطلّب في بعض الأحيان التركيز والهدوء واعتماد الدراسة العلمية ووضع الأسس الصحيحة بعيداً عن البهرجة الإعلامية أو الضغوط التي يمكن أن تتعرّض لها وخاصة من قبل السماسرة والمنتفعين ممّن لديهم القدرة على استثارة الجماهير عبر منصّات التواصل الاجتماعي للترويج عن اسماء دون غيرها لتحقيق مصالح نفعية خاصة!
هل يُعقل أن لجنة الخبراء بكل الشخصيّات الكروية المعروفة التي ضمّتها يتحدّد دورها بدراسة وإعطاء الرأي بالخيارات المطروحة من قبل المدير الفني للاتحاد الإنكليزي جون ويتل حسب ما ذكره عضو اللجنة الكابتن نزار أشرف في حديثه لأحد البرامج الرياضية في إشارة ربّما تفهم بأنه يتولّى احتكار عملية الترشيح من خلال تعامله مع وكلاء بعينهم دون أن يكون لها دور في البحث والتقصّي بمساحة أكبر وفقاً لما وضعتهُ من أسس ورؤية فنية دقيقة بدلاً من تقيدها بخيارات محدّدة هي من كانت سبباً في فشل صفقات سابقة أهدرت بها أموال طائلة لم يجرِ التحرّي والتدقيق عن المسؤولين بضياعها دون أن نمسك بسلّم التطوّر الفني أو نحصد إنجازات مهمّة.
لابدَّ لاتحاد الكرة من الوقوف على محطّات الفشل وأسبابها لمن سبقه في كيفية اختيار الكوادر التدريبية الأجنبية قبل أن يقع بذات المأزق من خلال تشريع أسس وضوابط مُلزمة له قبل غيره تتعلّق أوّلاً بمهام لجنة الخبراء وفضاء عملها وكيفية التعامل مع وكلاء المدربين والانفتاح على من يحرص على استقطاب الأفضل دون التقيّد باسماء وكلاء بعينهم ثم الاتجاه نحو إقرار منهج إداري احترافي تفصيلي لتحقيق أجواء مثالية لعمل الكادر التدريبي يضمن حرية العمل له دون تدخل إلا بحدود المناقشة وعرض البيانات الفنية ومن قبل اللجنة الفنية حصراً.
باختصار .. العمل بصمت وحصر التصريحات بالمكتب الإعلامي هو خيار نتمنّى على اتحاد كرة القدم التمسّك به دون استثارة أو خلق مناخات عدائيّة وتدخّلات لا معنى لها سوى أنها تسلب منه الشخصية المعنوية والمركزية بالعمل قد تُفضي الى اختلال قوّة قراره، وتُضعف من منافذ اختياره، وبالتالي فإن اللجوء لمظلّة اللجنة الأولمبية العراقية عند التعاقد مع الكادر التدريبي أسوة باتحادات أخرى قد تكون خطوة في غاية المهنية والحكمة تحقّق له الشفافية وتحكم أجراءاته التعاقدية من دون تشكيك أو اتهام وبذات الوقت تؤسّس لعمل تضامني قانوني رصين يحفظ الأموال ويصبّ في صالح الرياضة العراقية بكلّ مفاصلها.
أقرأ ايضاً
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- وقفه على مقال (الاستثمار الأجنبي المباشر يساعد على نهضة العراق)
- سيناريوهات ما بعد مرحلة دخول الخضراء