بقلم: علي حسين
قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل بالنواب المستقلين؟ قلت له أنا "متشائل" على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أجد نفسي في حيرة وأنا أراقب الوعود التي أطلقها النواب المستقلون أثناء الانتخابات، وكيف أن البعض راهن عليهم، لكن للأسف اكتشفت الناس أن شعارات محاربة الفساد، والقضاء على المحاصصة، ودولة المؤسسات والرفاهية، تحولت كلها إلى صفقات وجلسات سمر واستبدل التكتك بسيارات رباعية وحمايات، وممارسة حالة من النصب السياسي العلني، ليكتشف المواطن أنه تورط في كذبة اسمها المستقلون، لأن السادة النواب حولوا شعاراتهم إلى أرباح وعوائد وفوائد، وستفاجأ عزيزي القارئ بأن ما صرف على برلماننا "الأعرج" خلال الأشهر الأربعة الماضية بلغ أكثر من ثمانين مليار دولار رواتب فقط، عدا المصاريف، والحمايات، والإيفادات، وجولات السيد الحلبوسي ومسامرات حاكم الزاملي، الذي قرر أن يصبح هو الجهة التنفيذية والتشريعة، ولا ننسى بدلة علاء الركابي العسكرية وولائم حسين عرب.
انتبه للرقم الذي ربما يتجاوز المئة مليار دينار بعد ان يُضاف له المصاريف .. ترى ماذا لو استخدم هذا المبلغ لبناء مجمع سكني لمواطنين يسكنون في بيوت من التنك. اليس هذا واعز وابقى عند الله والوطن.
للاسف بعد تسعة عشر عاماً من الهوان، لم يعد ثمّة من يجادل في أن للبرلمان طريق مفروش بالامتيازات والجكسارات، وللناس المغلوبين على أمرهم طرق مليئة بالغبار وعجاج العشائر.
منذ أيام والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، ويحذروننا من "الانسداد"، وغضب السماء على هذا الشعب الذي يتبطر على نعمة الديمقراطية، لكن المواطن المبتلي بقاذفات العشائر، وغياب العدالة يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال تسعة عشر عاماً عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير وإصلاح واضيف لها انسداد، بل إنقاذ العراق، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله النواب المستقلون، وكنتُ مراهنا نفسي على أنّهم سيعيدون للبرلمان مكانته التي يجب أن يأخذها، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على الذين اكتشفوا ان هذا الشعب مذنب وكافر ويجب ان يعاقب بالعجاج، ان يسعوا جادين لافساح المجال لتكنوقراط بوزن ابو علي الشيباني لياخذ مكانه في البرلمان الى جانب حنان الفتلاوي.