- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التربية والتعليم من وجهة نظر معلم
بقلم:حيدر حسين سويري
"التعليم من سيئ الى اسوء" عبارة نسمعها كل يوم في الشارع، ويعصرنا الألم حين سماعها، حيث نرى كوننا معلمين، فنحن المتهم الأول بذلك، بالرغم من أن لا ذنب لنا من بعيد أو قريب، في فساد المنظومة التعليمية...
كانت الناس ترى في شخص قدرته على تربية وتعليم أولادهم، فيقصدونه ويتوسلون إليه أن يشرف على تربية وتعليم أولادهم، ويطلقون عليه لقب (المؤدب) أو (المربي) وفيما بعد (المعلم)، فقد كانوا يثقون فيه كل الثقة، في أن يجعل أولادهم من الخيرة والصالحين، والقياديين في مجتمعاتهم، وعلى هذا قامت الدولة العباسية ببناء أكثر من 30 مدرسة في بغداد وحدها، اشهرها المدرسة المستنصرية (التي ما زالت اثارها في بغداد) والمدرسة النظامية، حيث كانت تصرف الرواتب المجزية للمعلم والمتعلم، مع توفير سكن لائق وحمامات، ولم يكن لهذه العملية ثمة وزير أو وزارة! بل كان لكل مدرسة مدير وهو أحد المعلمين لا أكثر.
نعم، نحن نقرأ في تاريخنا أن مدرسة الكوفة مثلاً ضمت أكثر من 4000 متعلم، ونستقبل الموضوع براحبة صدر، لكن أتحدى اليوم أي مدرسة أن تبلغ هذا العدد قياساً بكثرة البشر اليوم وقلته في عصرهم، مع ذلك لم يحتاجوا الى وزارة أو وزير! أنا لست ضد التنظيم ولست ضد إقامة وزارة، لكني أريد أن أصل إلى أن الاهتمام يجب أن يكون بالمعلم والمتعلم، وما نراه اليوم هو عكس هذا بالضبط، فالمتضرر الوحيد في وزارة التربية هو المعلم والمتعلم، والحلقة الأضعف هي المدرسة ومديرها!
عجباً! ألم تتشكل هذه الوزارة لخدمة (المعلم والمتعلم)؟ هل قامت هذه الوزارة أو تقوم لولا وجود هذين المكونين؟ عندما نرى التطبيق نتمنى العودة للعصور السابقة، لماذا؟ لأنك (كمعلم او متعلم) اليوم لا تستطيع مقابلة المدير العام فضلاً عن الوزير! أما إذا كانت لديك مراجعة في احدى المديريات التابعة للوزارة، فإنك (المعلم والمتعلم) تقف في الخارج تحت اشعة الشمس في الصيف برودة الشتاء، بينما الموظف الذي وضع لخدمتك ومن فوقه، يجلسون في غرفة مكيفة ومؤثثة بأرقى الأثاث، ولا ينجز لك معاملتك الا بشق الانفس!
لا نريد أن نذكر ونكرر ونبين ما للعلم وللعلماء من الفضل والفضيلة، فهم أبين وأوضح من الشمس في رابعة النهار، كما ان العمل على هدم التربية والتعليم قائم على قدم وساق، فالأمر واضح جداً؛ لذا أنا أخبر المجتمع أو ما تبقى منه، بأن اخر لبنة من البناء المجتمعي هي التربية والتعليم، فاذا ذهبت فاعلموا ان لا بناء لكم، ولن تقوم لكم قائمة وسيتحكم بكم الجهل والجاهلون، وتعودون كما كان اجدادكم أميون همجيون، لا تعرفون غير التناحر والتفاخر، بأشياء زائلة فيستعبدكم الاخرون ولات حين مندم.
بقي شيء...
إذا كان ثمة من يريد اصلاح التربية والتعليم، فعليه ان ينعش حال المعلم الاقتصادي، ثم يجلس معه ويفهم منه كيفية النهوض بالواقع التربوي. لكني استعبد ان يوجد مثل هؤلاء؛ والى الله المشتكى من قبل ومن بعد.