غرف صغيرة وملاك قليل تصدر منه كل الاصوات التي تصدح بها حناجر المؤذنين وقراء القرآن الكريم والمحاضرين والمتحدثين في المهرجانات والمؤتمرات، ورغم سيطرتهم على اعلى الاصوات الا انهم يعملون بهدوء ومهنية واساليب علمية، تحدوا الظروف ونصبوا منظومات حديثة ومتطورة فوفروا مئات الالاف من الدولارات للعتبة الحسينية المقدسة، ودخلوا دورات عالمية ببرمجة الصوت فاصبحوا المبرمجين الاوائل في الشرق الاوسط، وهم الآن يسعون بكل جهدهم لايصال آذان العتبة الحسينية المقدسة الى كل احياء محافظة كربلاء المقدسة، بعد ان غطوا كل مناطق المدينة القديمة، انهم العاملون في شعبة الصوتيات.
300 مكبرة صوت
تحدث مسؤول شعبة الصوتيات في قسم الاتصالات بالعتبة الحسينية المقدسة المهندس مصطفى علي الشمري لوكالة نون الخبرية بقوله "كانت شعبة الصوتيات تتكفل بايصال الصوت داخل الصحن الحسيني الشريف فيما يخص الصلوات او المحاضرات او باقي الفعاليات"، فضلا عن "الواجبات الخارجية، ثم حصل الانتقال من نظام (الانلوك) السلكي الى منظومة (الديجيتل) الرقمي وهي احدث شبكات الاتصال في العالم عبر القابلو الضوئي الذي ينقل الصوت من القابلو الى اجهزة السيطرة ومكبرات الصوت، وهي منظومة تجعل الملاكات الهندسية والفنية تتحكم بكل مكبرات الصوت التي يبلغ عددها حوالي 300 مكبرة صوت وتغطي مساحة كيلومتر واحد في العتبة الحسينية ومحيطها".
واضاف انها "منظومة مترابطة عبر نوافذ ومفاتيح تقنية متطورة وهي منظومة عرضتها احدى الشركات الرصينة ونالت استحسان المتولي الشرعي للعتبة الحسينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي فأمر بشرائها في العام 2019، وجهزت المنطومة في الوقت التي كانت فيه جائحة فايروس كورونا في ذروتها، فاصبحت الملاكات الهندسية والفنية في الشعبة امام تحدي صعب، وقامت الملاكات على خبراتها التراكمية وادخلت منتسبيها ومنهم خمس مهندسين وثلاثة من خريجي علوم الحاسبات ومجموعة من الفنيين في دورة تدريبية في شركة بوش الالمانية العالمية عن بعد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة وتجاوزا الدورة بنجاح وحصلوا على شهادات تدريبية عالمية جعلتهم يعتبرون الاوائل في الشرق الاوسط كمبرمجين لتلك المنظومات المجهزة من شركة بوش مكنتهم من تنصيب المنظومة بكفاءة توازي عمل الشركات العالمية".
توفير 350 الف دولار
"الشركات الاجنبية تتقاضي عن تصيب منطومة الصوت الموحد فقط مبلغ 400 الف دولار، بينما تمكنت ملاكات الشعبة من توفير مبلغ 350 الف دولار للعتبة الحسينية بعد نجاحها بتنصيب المنظومة الحديثة بمبلغ لا يتجاوز 50 الف دولار" بهذه العبارة يفتخر مسؤول الشعبة بزملائه ويضيف ان "العملية تمت بالاعتماد على الخبرات الذاتية واستعمال الخزين من مكبرات الصوت في مخازن العتبة مع اجراء بعض التحويرات والتحديثات عليها"، لافتا ان " الاعتماد على الشركات الاجنبية يفرض على المستفيد اجور الضمان والعمال والضريبة والصيانة وهي مبالغ اخرى تخلصنا من دفعها، والمشروع انجزت المرحلة الاولى منه قبل شهر ويمتد لمسافة كيلومتر واحد اوصل الصوت من باب القبلة الى منطقتي ابو الفهد وشارع الامام علي ومن باب الرأس الى ساحة الشهداء ومن باب السدرة الى مقام صاحب الزمان وفائدته تكمن في ايصال صوت رفع الاذان والقرآن والمحاضرات بدون تردد الاصوات او تشويش وبنقاوة عالية، وكذلك يساهم في عملية ادارة حركة حشود الزائرين، بعد تقسيم المنطقة الى زوايا وقواطع"، مبينا ان " المرحلة الثانية ستتضمن ايصال الصوت من شارع الامام علي الى مكان انطلاق ركضة طويريج بمسافة 1500 متر مربع وسيباشر العمل فيها بعد اتمام عمليات الانشاءات الجارية الآن فيها".
الاحدث في صحن العقيلة
اما فيما يخص مشروع صحن العقيلة الذي هو قيد الانشاء فيشير الشمري الى ان "هناك خطة لوضع منظومة صوتية حديثة تتم عبر وضع مكبرة صوت واحدة ويتم التحكم بالموجات الصوتية لتوزيع الصوت الى اربع اتجاهات بما يعادل اربع مكبرات صوت توجه بواسطة (سوفت وير) وهو احدث ما موجود من منظومات الى الان، وهو نظام يختزل تكلفة الشراء والوقت والمعدات والملاكات العاملة، كما يحافظ على الشكل المعماري للصحن لان المكبرات الاربعة ستكون داخل الجدران وتدار بجهاز واحد بدل اربعة اجهزة ويشغل بحدود 20 مكبرة صوت"، مبينا ان "سعر المنظومة القديمة للقبة الواحدة من الصحن تكلف تقريبا 20 الف دولار بينما تكلف المنظومة الحديثة للقبة الواحدة 12 الف دولار.
آذان واحياء
وعن المشاريع الجديدة لفت الشمري الى ان"توجيهات المتولي الشرعي للعتبة الحسينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي تؤكد على ضرورة ايصال صوت الاذان الى خارج اسوار المدينة القديمة، وقد حصلنا على رخصة من وزارة المواصلات باستخدام القابلو الضوئي وسيتم تنصيب صوتيات توصل اذان العتبة الحسينية الى شوارع الاحياء خارج المدينة القديمة، واعدت الدراسات والخطط لذلك ونحتاج الى اجهزة وبنى تحتية، ووجود القاعدة يسهل التنصيب، حيث تم اوليا نصب صوتيات في شارع جامع الحسن والشوارع الفرعية المحيطة به ونجحت التجربة خلال يومين واصبح الصوت يسمع في تلك المنطقة".
خبرات تراكمية
من جانبه اشار المهندس محمد حسين علاء بحديثه لوكالة نون الخبرية الى انه" يمكن لمنظومة الصوت في العتبة الحسينية العمل بشكل مباشر من المحافظات او حتى من خارج العراق عبر الانترنت، وتحدد امكنة ايصال الصوت من الادارة العليا وتنفذ من قبل ملاكاتنا على الفور عبر مكبرات بوقية او منضدية او مونتيرات "، مبينا ان "الصعوبات والزخم البشري تتمثل في الزيارة الاربعينية لكن خبرات ملاكات الشعبة الهندسية والفنية تجعلها تتغلب على اية معوقات قد تحصل" مبينا ان "خبرتهم بالعمل جعلتهم يتعاملون مع المكسر الحديث لان فيه مجموعة اضافات تمكنوا من العمل عليها، اما منظومة الراكات فتم التدريب عليها مع شركة بوش الالمانية (اونلاين) والتزود بالعملومات المتاحة في الانترنيت والكتب ودخلت الى العمل بشكل مباشر"، مبينا ان " ايام الزيارات المليونية ووجود الحشود يتطلب العمل خارج الحرم عبر اجهزة صوت جاهزة تربط عبر الكيبل الضوئي ديجيتل وتعمل بشكل مباشر عبر مكسر المنظومة الديجيتل المجهز من شركة (ياماها) اليابانية الرصينة ومهمته استقبال الصوت ومعالجته واعادة ارساله ويعد الجهاز الرئيس في المنظومة".
قاسم الحلفي ـ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "