بقلم: علي حسين
لا تصلح خطابات التنديد والاستنكار وبيانات الجهات الأمنية التي تبشرنا بأن الوضع تحت السيطرة، للسكوت على ما حدث في مطار بغداد، فمن الواضح تماماً أن هناك من يدفع بنا، بقوة ودهاء، إلى أتون جحيم طائفي لن يسلم منه أحد، وعليه يجب أن ننتبه جميعاً إلى أننا الآن نواجه قوى تعتمد تكتيكاً يشعل حوادث إرهابية هنا وهناك في إطار ستراتيجية منظمة لا تريد للاحتقان الطائفي أن يخمد.
صواريخ المطار بالأمس رسالة تقول بوضوح إن كل الأمور يمكن أن يفلت زمامها في أية لحظة، فالواضح أن من يهمه إشعال الفتيل يوجه ضرباته بمنتهى الدقة من حيث اختيار التوقيت والمكان، وكأنه يريد أن يقطع الطريق على أية محاولة للبحث عن حلول حقيقية لجذور المشكلة، بإغراق البلاد في دوامات ودوائر عنف لن تنتهي.
في كل يوم يتسلل الخوف إلى نفوس الناس، وهم يعيشون في ظل صواريخ تطل عليهم بين يوم وآخر، فالخوف يبدأ تدريجياً ويتصاعد حتى يتسع باتساع مدن الوطن وساكنيها، أحساس الناس بأن السلاح المنفلت يسكن بالقرب منهم، ويهدد أمنهم ومستقبلهم..
للأسف الشديد البعض يريد أن ننزلق بسرعة شديدة إلى منحدر يبدو بلا قرار، لأنهم يعتقدون أن معركة الصواريخ هي الطريق السهل لممارسة الضغوط وتحقيق المطالب، ليغيب صوت العقل والمنطق، لأن البعض أغلق آذانه عن سماع الأصوات التي لا تعجبه.
علينا من الآن أن نرفع شعار لامكان: لسياسي لا يقبل الاختلاف مع رأيه وفكره، لامكان لمسؤول يعتقد بأنه دائماً على صواب وغيره على خطأ.. لامكان لسياسي يرفض التنوع الديني والفكري والسياسي.. لسياسي يقوم بتمييز غيره واستبعاده وتهميشه.. إحذروا شرارة الفتنة لأنها لو اندلعت فلن تبقي ولن تذر، ووقتها سنندم في وقت لا يفيد الندم.
سيقولون لك إن هذه الصواريخ لطرد الأمريكان، فاعلم أنهم يكذبون، ألم يخبروننا من قبل أن الأمريكان رحلوا؟ ألم يطلبوا منا كل عام أن نحتفل بيوم السيادة؟.. الصواريخ تطلق لأن البعض لم يشبع بعد من دماء العراقيين.
الأمريكان هنا هم الشجرة التي تخفي وراءها الغاية الأهم، وهي الإجهاز على أي حلم ببناء دولة المواطنة والاستقرار والرفاهية، لأن المرء يحتاج ليكون ساذجاً تماماً، وربما غبياً لأقصى درجة، ليصدق "الأسطوانة المشروخة" التي يرددها البعض عن طرد الأميركان من العراق، فالناس تدرك جيداً أن معظم ساستنا لا ينامون قبل أن يطمئنوا على رضا السفير الأميركي.
السادة المسؤولون.. الناس تنتظر إجابات حقيقية ومسؤولة عن الجهات التي تقف وراء لعبة الصواريخ، لا إجابات على طريقة السيد قاسم عطا، خالد الذكر، صاحب نظرية "الوضع تحت السيطرة".