RSS
2025-12-23 16:47:54

ابحث في الموقع

ضَعْ قدمَكَ على المجرفة .. وأبدأ بالردم

ضَعْ قدمَكَ على المجرفة .. وأبدأ بالردم

بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم

 

لا شيء .. لا شيء أبداً .. لا شيء سيحدثُ .. إذا لم نردِمْ هذه المستنقعات الضحلة الشاسعة التي نخوضُ فيها الآن .
لا يخوضُ "المُستثمِرونَ" في الوحل .
يبحثُ "البُناةُ" عن أرضٍ خصبةٍ مُستقّرةٍ ، ليخلقوا منها ،وفيها، دَخَلاً "دائماً"، ورِبْحاً وفيراً في النهار .. لا يأكُلُهُ في الليلِ بعوضُ الملاريا .
المُستثمِرونَ – البُناة ، ليسوا على استعدادٍ لدفعِ الأتاواتِ للضفادع .
المُستثمِرونَ – البُناة يسيرونَ على أرضٍ مُعَلّمَةٍ ومُضاءةٍ ،لها ابعادٌ ومسافاتٌ ووُجهاتٌ مُحدّدةٌ بدقّة .
المُستثمِرونَ – البُناة لا يعملون في غابةٍ من الدغل تغمرها الظُلْمَة، ويشعرونَ فيها بالذعرِ .. و ليس عليهم الانشغالُ بصوتِ وشَكلِ تلكَ الكائنات المخيفة ،بعيونها اللامعة ،التي تُحيطُ بهم من كلّ جانب .
المُستثمرونَ – البُناة يريدون بيئةً صالحةً للعيشِ والعمل ،و ليس استعراضاً خالياً من المعنى .
المُستثمرون – البُناة لا يريدونَ أنْ يأتي أحدهُم ، فيضَعُ قطرةً من النفطِ الأسودِ هُنا ،وقطرةً هُناك، ويُسمّي ذلك "اصلاحاً" و "إعماراً" للأرضِ التي يفتكُ بها السَخامُ والسَبَخ .. فتضيقُ قطرةُ الزيتِ ، وتتّسِعُ بقعةُ السَخامِ والسَبَخ.
لقد عادتْ الملاريا ، لأنّنا سمحنا للبعوضِ "الناقلِ" أنْ يتطفّلَ على دمنا .
لأنّنا مَنَحْنا أصغرَ بُركِنا الآسنة ، كلّ الفرص الممكنة ، لتبقى .. و تتّسِع .
لأنّنا لا نزالُ نُصفّقُ ، ونُغنّي ، و نرقصُ ، و"ندْبُكُ " و " نُجَوّبُ " لمن يضعُ قطرةً من نفطنا الأسودِ الرخيص على جروحنا المفتوحة منذ قرون .. بينما يدُسُّ "الرعاةُ" سكاكينهم في خواصرنا الهشّةِ ، لكي ندينَ لهم بفضل البقاء في مستعمرات الذئاب، كشياهٍ ضالّة.
ستجدون لدى عمّنا "جوجل" الكثير من الارشادات بشأن الكيفيّةِ التي نردِمُ بها مُستنقعاً..
وجميعها تبدأُ بخطوةٍ واحدة :
ضَعْ قدمَكَ على المجرفة .. وأبدأ بالردم .
عدا ذلك .. لا مبرّر للعويل ، و"الأبوذيّات" ، و"السويحليّات" ، ونشيج "الربابات" .
عدا ذلك .. تمَرّغْ في الوحل.
دَعْ البعوضَ يعتاشُ على دمِك.
وأدفَع الأتاواتَ للضفادع.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!